حول مقولة المحور السني حميدي العبدالله
دأبت تل أبيب وأذرعها الفكرية في الغرب ولا سيما في الولايات المتحدة على لصق سمة الصراع في المنطقة بالمذهبي، وغالباً ما يتحدث الإعلام الغربي عن المحور السني في مواجهة إيران وحلفائها.
لكن وقائع الصراع منذ البداية كانت تشير إلى الطابع السياسي الذي ليس له أيّ علاقة بالتوصيف المذهبي، ولكنها أصرّت على ذلك. مثلاً الصراع الدائر في مصر هو صراع سياسي بين مشروع سياسي تتبناه قوى عديدة على رأسها الجيش المصري وقوى سياسية مؤيدة له، ومشروع سياسي آخر تؤيده جماعة الإخوان المسلمين، وكلّ قوى المشروعين من الناحية المذهبية هم من السنة، ولكن ظلّ الإعلام الغربي يتجاهل هذه الحقيقة. في ليبيا الأمر كذلك فجميع القوى المتصارعة تنتمي إلى المذهب السني.
اليوم بعد انفجار الصراع بين قطر المدعومة من تركيا من جهة، والسعودية والإمارات ومصر من جهة أخرى، فهل يعقل أن يستمرّ الإعلام الغربي يتحدث عن المحور السني ويوصّف الصراع السياسي الدائر بالصفة المذهبية؟
واضح أنّ الغرب وعلى وجه الخصوص مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام، وبعض المسؤولين يعتقدون أنّ الشعوب العربية والإسلامية متخلّفة لدرجة أنها تقبل أيّ توصيف يضعه الغرب للصراع حتى لو كان ذلك بعيداً عن الحقيقة بعد الأرض عن السماء. بل إنّ بعض الإعلام العربي والحكومات العربية المرتبطة بالغرب لا تزال تردّد هذه العبارة متجاهلة واقع الصراع الحقيقي. مثلاً قطر في ردّها على مطالب الدول التي باتت تعرف «بدول الحصار» زعمت أنها تستضيف معارضين من هذه الدول هم من «السنة المستضعفين» أيّ مستضعفين سنة من السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وكأنّ أنظمة الحكم في هذه الدول أنظمة غير سنية وقطر وحدها حامية المذهب السني.
واضح أنّ الصراع في المنطقة هو صراع سياسي، في جانب منه هو صراع على السلطة، وفي جانب آخر منه صراع على النفوذ من قبل الدول الغربية، وجانب ثالث منه صراع على النفوذ بين قوى إقليمية لا تتطابق ولا تتقاطع مصالحها.
الصراع في المنطقة صراع سياسي بامتياز وليس له أيّ علاقة بالصراع المذهبي أو الطائفي أو الديني، حتى وإنْ أراد البعض إسباغ هذه الصفة عليه.
(البناء)