تقارير ووثائق

ترامب ضرب سوريا متجاهلا الاستخبارات الأميركية.. سيمور هيرش

         الخبراء في واشنطن اكدوا عدم صحة اتهام الجيش السوري

         قرار الهجوم على الشعيرات اتخذه ترامب ولم يستند إلى أي دليل

         الروس اطلعوا فريق التنسيق مسبقا على عملية خان شيخون

في 6 أبريل / نيسان، أذن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإطلاق صواريخ التوماهوك في الصباح الباكر على قاعدة “شعيرات العسكرية” في وسط سوريا انتقاما للهجوم الذي نفذه الجيش السوري قبل يومين على مدينة خان شيخون التي يسيطر عليها المتمردون. وأصدر ترامب قراره على الرغم من أن جماعة الاستخبارات حذرت من أنها لم تجد دليلا على أن السوريين استخدموا السلاح الكيميائي.

وأوضحت المعلومات الاستخباراتية المتوفرة أن السوريين استهدفوا موقعا للجهاديين في 4 أبريل / نيسان مستخدمين قنبلة روسية مزودة بمتفجرات تقليدية. وقد تم تقديم بعض التفاصيل عن الهجوم، بما في ذلك الأهداف العالية القيمة، من قبل الروس إلى المسؤولين الأمريكيين والحلفاء في الدوحة، الذين تتمثل مهمتهم بتنسيق جميع العمليات الجوية الأمريكية والسورية والروسية في المنطقة.

وكان بعض المسؤولين العسكريين وبعض قادة الاستخبارات يشعرون بالأسى الشديد من اصرار الرئيس على تجاهل الأدلة. وقال أحد الموظفين لزملائه “نحن نعلم أنه لم يكن هناك هجوم كيميائي … الروس غاضبون…. “.

في غضون ساعات من تفجير 4 أبريل، ضجت وسائل الإعلام العالمية بالصور ومقاطع الفيديو من خان شيخون. وتم تحميل صور الضحايا القتلى، الذين يزعم أنهم يعانون من أعراض التسمم بغاز السارين، على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل نشطاء محليين، بما في ذلك ذوي الخوذ البيض، وهم مجموعة معروفة بارتباطها الوثيق بالمعارضة السورية.

ولم يكن مصدر الصور واضحا، ولم يفتش أي من المراقبين الدوليين الموقع، ولكن الافتراض الشعبي المباشر الذي تم ترويجه في جميع أنحاء العالم هو أن هذا الاستخدام للسارين كان متعمدا، وبإذن من الرئيس السوري بشار الأسد. وأيد ترامب هذا الافتراض بوصفه الهجوم “بالشنيع” وبأنه نتيجة “ضعف” إدارة أوباما في معالجة ما زعمه عن استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية في الماضي.

المؤسف أن هناك انفصالا كاملا بين الرئيس والعديد من مستشاريه العسكريين ومسؤولي الاستخبارات، اضافة الى الضباط المتواجدين على أرض الواقع في المنطقة ممن لديهم فهم مختلف لطبيعة الهجوم السوري على خان شيخون. وقد قدموا أدلة بشكل نصوص مكتوبة عن الهجوم السوري في 4 أبريل. وفي تنسيق بارز قبل الضربة المعروفة باسم ديكونفليتيون، تبادل الضباط الأميركيون والضباط الروس بشكل روتيني تفاصيل مسارات الطيران المخطط له والإحداثيات المستهدفة، لضمان عدم وقوع اصطدام او احتكاك عرضي (الروس يتحدثون باسم الجيش السوري). ويتم توفير هذه المعلومات يوميا إلى طائرات المراقبة أواكس الأمريكية التي ترصد الحركة الجوية ويمكن قياس نجاح ديكونفليتيون وأهميتها من خلال حقيقة أنه لم يكن هناك حتى الآن أي تصادم، أو حتى اي مفقودين، بين الطائرات الأميركية او الحليفة، والطائرات الروسية والسورية.

وقدم ضباط سلاح الجو الروسي والسوري تفاصيل مسار الرحلة المخطط لها بعناية لخان شيخون مباشرة وبالإنكليزية الى فريق المراقبة الذي كان يقوم بدورية بالقرب من الحدود التركية على بعد 60 ميلا او اكثر شمالا.

ووصف الهدف السوري في خان شيخون، والذي اطاع عليه الأميركيون في الدوحة، بأنه مبنى من طابقين في الجزء الشمالي من المدينة. وقد أكدت الاستخبارات الروسية، التي تتقاسم معلوماتها عند الضرورة مع سوريا والولايات المتحدة كجزء من كفاحها المشترك ضد الجماعات الجهادية، أن اجتماعا رفيع المستوى للقادة الجهاديين كان سيعقد في ذلك المبنى، ويضم ممثلين عن أحرار الشام وهم جماعة تابعة لتنظيم القاعدة كانت تعرف سابقا باسم جبهة النصرة. وقد ضمت المجموعتان مؤخرا قواتهما، وسيطرتا على المدينة والمنطقة المحيطة بها. ووصفت المخابرات الروسية المبنى بمركز القيادة والتحكم وهو يضم محل بقالة وممؤسسات تجارية أخرى في الطابق الأرضي مع محلات تجارية اخرى مجاورة بالقرب من متجر للنسيج ومتجر للإلكترونيات.

واضاف مستشار كبير لأجهزة الاستخبارات الأمريكية “ان المتمردين يسيطرون على السكان من خلال توزيع البضائع التي يحتاجونها- الغذاء والماء وزيت الطهي وغاز البروبان والاسمدة لزراعة محاصيلهم ومبيدات الحشرات لحماية المحاصيل”، وقال انه تم استخدام القبو لتخزين الصواريخ والأسلحة والذخائر، فضلا عن المنتجات التي يمكن توزيعها مجانا على الناس، ومن بينها الأدوية ومواد التطهير القائم على الكلور لتطهير جثث الموتى قبل الدفن. وكان هناك مقر الاجتماع – وهو مقر إقليمي بحسب ما قال كبير المستشارين. وكان الروس قد نشروا طائرات بدون طيار لأيام فوق الموقع لمراقبة الاتصالات.

وكان أحد أسباب الرسالة الروسية إلى واشنطن بشأن الهدف المقصود هو التأكد من أن أي أصول أو مخبر لوكالة الاستخبارات المركزية يعمل في القيادة الجهادية قد يحذر من عدم حضور الاجتماع. قيل لي إن الروس نقلوا التحذير مباشرة إلى وكالة المخابرات المركزية. وقال كبير المستشارين “كانوا يلعبون اللعبة بذكاء”.

وأشارت التوجيهات الروسية إلى أن استهداف الاجتماع القيادي كان يأتي للضغط على المتمردين: فمن المفترض أن جبهة النصرة وأحرار الشام كانوا يسعون إلى السير قدما طبقا للمناخ السياسي الجديد. وفي الأيام القليلة الماضية من شهر مارس، أدلى ترامب واثنان من مساعديه الرئيسيين في الأمن القومي – وزير الخارجية ريكس تيلرسون وسفيرته لدى الأمم المتحدة نيكي هالي – ببيانات اعترفوا فيها بأن البيت الأبيض “تخلى عن هدف “الضغط على الأسد” لمغادرة السلطة، مما يشكل خروجا حادا عن سياسة الشرق الأوسط التي اتبعتها إدارة أوباما لأكثر من خمس سنوات”. وقال سبيسر، السكرتير الاعلامي للبيت الأبيض، في مؤتمر صحافي يوم 31 مارس / آذار إن “هناك سياسة الواقع الذي يجب أن نقبلها”، مما يعني أن الأسد موجود ليبقى.

عملية خان شيخون كانت منسقة

وقد أوضح مسؤولو الاستخبارات الروسية والسورية الذين ينسقون العمليات عن كثب مع مواقع القيادة الأمريكية أن الضربة المخططة على خان شيخون كانت خاصة بسبب الهدف العالي القيمة. وقال لي مستشار كبير انها “كانت مهمة غير عادية”، فكل ضابط العمليات في المنطقة – بما فيهم الجيش، وسلاح البحرية، وسلاح الجو، ووكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي كانوا على علم أن هناك شيئا ما يجري، وقدم الروس للقوات الجوية السورية قنبلة موجهة ونادرة”، و “نادرا ما يعطون تلك القنابل للقوات الجوية السورية، والسوريون قدموا أفضل الطيارين للبعثة”. وأعطيت المعلومات الاستخباراتية المسبقة عن الهدف من قبل الروس لاخذ  أعلى درجات الحيطة الممكنة داخل المجتمع الأميركي.

وينص أمر التنفيذ الذي يحكم العمليات العسكرية الأمريكية والذي أصدره رئيس الأركان المشتركة، على تعليمات ترسيم العلاقة بين القوات الأمريكية والروسية العاملة في سوريا. وقال المستشار “انها مثل أمر أوبس -” واضاف “اننا لا نشارك السيطرة مع الروس، فنحن لا نقوم بعمليات مشتركة معهم، أو أنشطة مباشرة لدعم إحدى عملياتهم، ولكن التنسيق مسموح به”. نحن نبقي كل الآخرين على علم بما يحدث وضمن هذه الحزمة نتبادل المعلومات الاستخباراتية. إذا حصلنا على نصيحة ساخنة يمكن أن نساعد الروس على القيام بمهمتهم، فنقدمها لهم، وأضاف المستشار، “نحن نفعل ما في وسعنا لمساعدتهم”، ” لم يكن هناك ضربة بأسلحة كيميائية” …”هذه قصة خرافية”.

وقد وقع الهدف في الساعة 6:55 صباح يوم 4 ابريل قبل منتصف الليل في واشنطن. وقد قرر الجيش الأمريكي في وقت لاحق تقييم أضرار القنبلة، فبدا أن حرارة وقوة القنبلة السورية البالغة 500 رطل أدت إلى سلسلة من الانفجارات الثانوية التي يمكن أن تولد سحابة سامة ضخمة بدأت تنتشر في البلدة، ما سمح بخروج غازات الأسمدة والمطهرات وغيرها من السلع المخزنة في الطابق السفلي، وتأثيرها كان ضخم في الهواء، حيث حوصرت الأبخرة قريبة من الأرض. ووفقا للتقديرات الاستخباراتية، قال كبير المستشارين ان الضربة نفسها قتلت ما لا يقل عن اربعة قادة جهاديين وعدد غير معروف من السائقين والمساعدين الامنيين. ولا يوجد عدد مؤكد للمدنيين الذين قتلوا بسبب الغازات السامة التي تسببت بها الانفجارات الثانوية، على الرغم من أن نشطاء المعارضة أفادوا بأن هناك أكثر من 80 قتيلا، الا ان “السي إن إن” قالت ان العدد وصل الى 92. .

و قال فريق من منظمة أطباء بلا حدود، عالج ضحايا خان شيخون في عيادة على بعد 60 ميلا إلى الشمال، أن “ثمانية مرضى أظهروا أعراضا – مثل تشنجات العضلات والتبرز غير الطوعي – والتي تتفق مع عوامل غاز السارين أو مركبات مماثلة”.

كما قامت منظمة أطباء بلا حدود بزيارة المستشفيات الأخرى التي وجدت أن المرضى هناك لديهم “رائحة التبييض، مما يوحي أنهم تعرضوا للكلور”. وبعبارة أخرى، تشير الأدلة إلى وجود أكثر من مادة كيميائية مسؤولة عن تلك الأعراض، ولو كانت القوات الجوية السورية – كما أصر نشطاء المعارضة – قد اطلقت غاز السارين لما حصلت الانفجارات الثانوية. ومع ذلك، فإن مجموعة الأعراض تتفق مع خليط من المواد الكيميائية، بما في ذلك الكلور والفوسفات العضوية المستخدمة في العديد من الأسمدة، والتي يمكن أن تتسبب بتأثيرات سمية عصبية مماثلة لتلك التي يسببها السارين.

وفي غضون ساعات، اجتاحت صور الضحايا المروعة شبكات التلفزيون واليوتيوب. وكانت مهمة الاستخبارات معرفة ماذا حصل؟. وكما هو الحال في اجهزة الاستخبارات الاميركية فهي تفهم، ولكن العديد من المقربين لترامب لم يدركوا ماذا يحصل.

وتساءل المحللون: هل كان مخطط  الهجوم على خان ​​شيخون؟ هل لدينا الدليل لإثبات ذلك؟ هل خططوا لاستخدام غاز السارين؟.

في اليوم التالي في الأمم المتحدة أثارت السفيرة هالي ضجة في وسائل الاعلام عندما عرضت صورا للقتلى واتهمت روسيا بالتواطؤ وسألت “كم عدد من الأطفال يجب أن يموت قبل أن نهتم روسيا؟”. وفي تقرير لل”ان بي سي نيوز” قال مسؤولون أميركيون انه تم استخدام غاز الأعصاب في ذلك الهجوم، واتهمت هالي مباشرة الرئيس السوري بشار الأسد. كان هناك مفارقة في اندفاع أميركا لإلقاء اللوم على سوريا وانتقاد روسيا وفي إنكار سوريا لاستخدام الغاز في خان شيخون، كما فعلت السفيرة هالي وغيرها في واشنطن.

استعراض رئاسي

الرئيس ترامب المراقب الدائم للأخبار التلفزيونية، قال بحضور الملك الاردني عبد الله الثاني في المكتب البيضاوي، أن ما حدث كان “فظيع، فظيع” و “إهانة فظيعة للإنسانية”. وردا على سؤال حول تغيير سياسة إدارته تجاه حكومة الأسد، قال: “سوف نرى”. وخلال مؤتمر صحفي لاحق مع الملك عبد الله: قال “عندما يقتل الأطفال الأبرياء والرضع الأبرياء – بغاز كيميائي قاتل… فهذا يعني انه تم تخطي الخطوط الحمراء”…  “هجوم أمس على الأطفال كان له تأثير كبير علي”….”موقفي تجاه سوريا والأسد قد تغير كثيرا .

في غضون ساعات من عرض الصور، قال مستشار ترامب انه اوعز لجهاز الدفاع الوطني لرسم خريطة للانتقام من الحكومة السورية. “وقد فعل ذلك قبل أن يتحدث إلى أي شخص حول هذا الموضوع” . ولم يستشر الـCIA  وDIA   حول ما إذا كان هناك أي دليل على استخدام سوريا للسارين، وقال المستشار إن CIA  أخبرتهم أنه لا يوجد دليل وان الأسد ليس لديه الدافع للانتحار السياسي”. جميع المعنيين، باستثناء ربما الرئيس، فهموا أن فريقا تابعا للأمم المتحدة من ذوي المهارات العالية قد أمضى أكثر من عام في أعقاب الهجوم بغاز السارين المزعوم في العام 2013 من قبل الجيش السوري، اشرف على إزالة جميع الأسلحة الكيميائية من عشرات مواقع تخزين الأسلحة الكيماوية السورية”.والمخابرات أوضحت أن سلاح الجو SU-24  قد استخدم سلاحا تقليديا ولكن لم يتسن للخبراء إقناع الرئيس. وقال مستشار بارز “انه نموذج من البشر، الذي يصل إلى الاستنتاجات التي يريدها”. لا يجادل محللو المخابرات مع الرئيس.

فهم مستشارو الأمن القومي المعضلة وقالوا: ترامب يريد اعتبار ذلك إهانة ارتكبتها سوريا. “جميع المقربين منه يرون ان تصرفاته تميل للتهور” وقال احد المستشارين… “إنه لا يقرأ شيئا وليس لديه معرفة تاريخية حقيقية بالإحاطات والصور اللفظية، هو يعتقد ان النتائج المترتبة على القرار السيء كما في عالم الأعمال، سوف تفقدك المال فقط ولكن هنا سيتم فقدان الأرواح وسوف يكون هناك ضرر على المدى الطويل لأمننا القومي إذا كانت التخمينات خاطئة”.

يوم 6 أبريل، عقد ترامب اجتماعا لمسؤولي الأمن الوطني في منتجع في لاغو في ولاية فلوريدا. كان الاجتماع لأخذ القرار المناسب، الاستعراض الأكثر خبرة على الطاولة كان من وزير الدفاع جيمس ماتيس، وهو كان يحظى باحترام الرئيس، فمدير وكالة الاستخبارات المركزية ذكر باستمرار أنه ليس هناك اي دليل على وجود قنبلة كيماوية سورية.

وزير الخارجية تيلرسون كان يعمل لساعات طويلة لقراءة البرقيات الدبلوماسية والتقارير، بغرض معرفة القليل عن الغارة. “الرئيس كان عاطفيا وكان امامه عدة خيارات اولها عدم القيام بأي شيء. الخيار الثاني كان تفجير مطار في سوريا، ولكن بعد تنبيه الروس، ومن خلالهم، السوريين، لتجنب الكثير من الضحايا. الخيار الثالث تبني الضربة التي عرضها أوباما في العام 2013 حيث  دعا لتفجير المطارات السورية ومراكز القيادة، وقصف قصر الرئيس الاسد في دمشق، وكذلك مواقع القيادة والتحكم في الشبكة وجميع المخابئ تحت الأرض .

وقال احد كبار المستشارين ان “اغتيال الأسد كان هدفا مستبعدا”، وقال ان “الرئيس كان يريد عملا عسكريا دون تحديد الهدف الذي يسعى اليه، حتى ان الرئيس كان يعارض فكرة تحذير روسيا مسبقا قبل الضربة”. الا انه قبل على مضض بعد الكثير من النقاشات حول ضرورة تشغيل تقنيات تبادل المعلومات والاتصالات مع الروس في اوقات محددة. وتساءل تيلرسون في اجتماع مارس في لاغو، لماذا لا يعطي الرئيس القرار ببساطة لقاذفات الـ B52 لسحق القاعدة الجوية. فقيل له أن قاذفات الـ B52 ضعيفة جدا كصواريخ أرض-جو واستخدام هذا النوع سوف يؤدي الى قتل بعض المدافعين الروس.

ولكن صواريخ التوماهوك اطلقت من اثنتين من المدمرات البحرية الأمريكية الرابطة في البحر الأبيض المتوسط، نحو قاعدة الشعيرات الجوية قرب مدينة تسيطر عليها الحكومة في حمص. الضربات كانت ناجحة كما متوقع، اي بالحد الأدنى من الاضرار. خزانات البنزين الخاصة بالمطار، كانت الهدف الأساسي، وبحسب المستشار فهي تسببت بحريق ضخم… ما لا يقل عن 24 صاروخا لم تحقق أهدافها وفقط عدد قليل من صواريخ التوماهوك توغلت إلى الحظائر، ودمرت تسع طائرات سورية. وقيل ان الطائرات المتضررة هي “كبش فداء”.

وبحسب مستشار بارز “لقد كان عرض ترامب من البداية إلى النهاية”، “وهناك عدد قليل من كبار مستشاري الأمن القومي ينظرون إلى المهمة باعتبارها قرارا رئاسيا سيئا”.. ولكن لا أعتقد أن شعبنا سوف يسمح لنفسه بأن يكون مدفوعا من خلال قرار سيء مرة أخرى. “وإذا ذهب ترامب للخيار الثالث فستكون هناك  بعض الاستقالات الفورية”.

بعد صواريخ توماهوك تحدث ترامب للأمة متهما الرئيس الأسد باستخدام غاز الأعصاب ضد “رجال ونساء وأطفال لا حول ولا قوة لهم” . وترامب، الذي نادى خلال حملته الانتخابية لصنع السلام  قصف سوريا بعد 11 أسبوعا على توليه منصبه، وقد رحب بذلك الجمهوريون، والديمقراطيون ووسائل الإعلام على حد سواء. وتحدث فريد زكريا: “أعتقد أن دونالد ترامب اصبح رئيسا للولايات المتحدة”. أفضل الصحف دعمت التفجير الذي وقع بما في ذلك صحيفة نيويورك تايمز، وواشنطن بوست وصحيفة وول ستريت جورنال.

بعد خمسة أيام، جمعت إدارة ترامب وسائل الإعلام الوطنية لمؤتمر صحفي حول العملية السورية عقده مسؤول كبير في البيت الأبيض لم يحظ بالاستحسان. جوهر المؤتمر الصحفي كان حول انكار روسيا المستمر لأي استخدام للسارين في قصف خان شيخون وان الرئيس ترامب كذب ما استدعى سلسلة جديدة من الانتقادات:

     – مواصلة الكذب من قبل إدارة ترامب حول استخدام سوريا للسارين أدى إلى اعتقاد واسع النطاق من وسائل الإعلام الأمريكية والراي العام ان روسيا تضلل وتتستر على سوريا.

     – القوة العسكرية الروسية تتشارك مطار الشعيرات مع القوات الجوية السورية مما يزيد من احتمال أن روسيا قد علمت مسبقا عن عزم سوريا استخدام غاز السارين في خان شيخون ولم تفعل شيئا لمنع ذلك.

      – استخدام سوريا لغاز السارين يعني ان الدفاع الروسية ساهمت بحجب مخزونات غاز الأعصاب عن فريق الأمم المتحدة في العام 2014 وإزالة كل عوامل الحرب الكيميائية.

حرص المتحدث باسم البيت الابيض على استخدام عبارة “نفكر”، “نقترح” و “نعتقد” والغرض من ذلك إحاطة البيانات التي رفعت عنها السرية من قبل “مجتمع الاستخبارات”، وربما لم يعرف، أن الكثير من المعلومات السرية حول سوريا تؤكد انه لم يتم استخدام السارين في تفجير 4 أبريل.

العديد من وسائل الإعلام تجاهلت التحذيرات التي لا تعد ولا تحصى حول عدم استخدام السارين وركزت على تورط روسيا في حماية الدولة السورية.

تراجعت الأزمة بحلول نهاية أبريل، وبقيت روسيا وسوريا والولايات المتحدة مركزة على إبادة داعش وميليشيات تنظيم القاعدة. بعض أولئك الذين عملوا خلال الأزمة، اكدوا “أن السلفيين والجهاديين حصلوا على كل شيء من حيلة غاز الأعصاب”.

وقال مستشار أجهزة الاستخبارات الأمريكية “وضع ترامب نفسه بمأزق مع قرار القصف”. والاصعب انه غير قادر على القول انه اخطأ”.

ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان

http://www.globalresearch.ca/hersh-trump-ignored-intel-before-bombing-syria/5596507

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى