مقالات مختارة

فضيحة فقهية… الجيب ومشكلة اليهود: ناحوم برنياع

 

هناك عدة جوانب في المواجهة بين حكومة نتنياهو والمؤسسة اليهودية في الولايات المتحدة، تثير الحفيظة بقدر لا يقل عن المواجهة نفسها. من المجدي ان نفكر فيها قبل أن ندفن الفضيحة بلجنة اخرى .

1. التبرعات. في اعقاب قرار الحكومة بُشرنا صبح مساء بأن متبرعين كبار لمؤسسات ومنظمات في إسرائيل يهددون بأنه اذا لم يلغَ القرار فورا، فسيوقفون تبرعاتهم. كل إسرائيلي يحترم دولته يمكنه أن يقول لهؤلاء المتبرعين، شكرا من كل القلب على ما اعطيتموه حتى اليوم. من حقكم التوقف، ومن حقكم الاستمرار. اما التهديد فليس مقبولا.

الجنرال باركر الذي كان قائد القوات البريطانية في بلاد إسرائيل في أواخر عهد الانتداب، منع جنوده من الدخول إلى متاجر اليهود. وكتب يقول: «المس بالجيب مكروه من هذا العرق اكثر من أي عرق آخر». واكتسب هذا القول له سمعة اللاسامي؛ فضلا عن ذلك، فقد كان مغلوطا ـ حيث أن المس بالجيب لم يدمر كفاح الحاضرة، بل ربما العكس.

تقوم تهديدات المتبرعين على الفرضية ذاتها: الإسرائيليون غير قادرين على الصمود امام المس بجيبهم؛ وهم سيستسلمون. وبالفعل، فالفزع الذي ألم بنتنياهو وزملائه في ضوء التهديدات من أمريكا يفيد بأنهم استخدموا سلاحا ناجعا. فحكومة إسرائيل الحالية مفعمة بالخطابات الملتهبة عن العزة الوطنية، العالم الوطني ولكن العزة تذوب عندما يلوح امامها بالدولارات.

تشكل التبرعات من أمريكا قدرا تافها من الدخل الوطني. هي هامة جدا للمؤسسات التي تنالها، ولكن المجتمع الإسرائيلي بعمومه يمكنه أن يتدبر أمره بدونها. ومن اجل تلقي التبرعات نحن نتخذ صورة المساكين بخلاف الوضع الحقيقي للدولة. ونحن نلقي بالمسؤولية عن رفاه شيوخنا وفقرائنا على مسيحيين افنجيليين، من المتبرعين لصندوق الصداقة. هذا معيب.

2. التمثل (الذوبان في الشعوب الاخرى). تعلمت من مقال كتبه صحافية متأصلة (أصبحت حريدية) بأن المشكلة ليست موقف المؤسسة الارثوذكسية من الاصلاحيين بل التمثل في الجاليات اليهودية في الغرب. فقد حذرت تقول: «نحن نفقد الشعب اليهودي».

لماذا نفقد؟ لم يسجل في الاجيال الاخيرة تغيير جماهيري للدين في اوساط يهود الشتات. فاليهود لا يتنصرون ولا يسلمون. هناك مسألة الزواج المختلط، ثمرة حقيقة أن اليهود يعيشون بأمان بين الاغيار. والمؤسسة الرسمية تحاول التصدي للمشكلة من خلال الاستثمار في التعليم اليهودي وفي مشروع «تجليت»، الذي فضلا عن كونه مشروعا سياحيا يستهدف أن يكون مشروعا للتزويج. فمعظم اليهود وابناء الاب اليهودي يريدون ان يربوا ابناءهم كيهود. فما بالك بالاصلاحيين والمحافظين. من يغلق في وجههم الباب هي المؤسسة الارثوذكسية. هذا ما يجعلنا نفقد الشعب اليهودي.

3. الحائط (المبكى). في القدس قبل 1967 كان هناك مكانان يمكن منهما أن نرى قسما من الحائط ـ واحد من ارض مجردة من السلاح قرب قصر المندوب، وثان في المستشفى الايطالي امام الباب الجديد. قريب جدا وبعيد جدا. وكان الجذب هائلا. ولكنه نفد ما ان وصلنا إلى هناك، سرية المظليين، من جبهة اخرى، في اليوم الثامن لحرب الايام الستة، ورأينا الجرافات تدمر حارة المغاربة وتجعل الحائط سوريا. وكلما أطالوا ووسعوا وكشفوا الحائط، هكذا فقد تميزه. حلمنا بحائط المبكى، فتلقينا حائطا أجرد.

لقد وجدت الدولة صعوبة في تعريف ما هو الحائط، هل هو موقع وطني أم ديني ـ أم الاثنان، وما الذي يتغلب على ماذا. وفي هذا الفراغ دخلت الحاخامية والاحزاب الاصولية التي تسيطر فيها. اما العلمانيون فابعدوا؛ الاصلاحيون والمحافظون اهينوا. ذوو القبعات المحبوكة ممن رأوا ذات مرة في الحائط بداية خلاصنا، يرفعون الان عيونهم إلى الحرم نفسه وهم يحجون اليه بجموعهم، رغم الحظر الحاخامي. وبين الحين والاخر أسأل اناسا في الحركة الاصلاحية ما لهم والحائط، فهم لا يؤمنون بالاشجار وبالحجارة. الاجوبة التي أتلقاها متلعثمة. الحقيقة هي انهم يطالبون بحيازة ما في الحائط لانه هناك. هم يقاتلون على العقارات.

الحل للحائط لي اقامة غيتوات للنساء وللتيارات بل تطويره للجميع. في كنيسة القيامة على مسافة غير بعيدة من هناك، تدور رحى معركة تعود لمئات السنين على كل قطعة عقارات. من هو مدعو لان يحسم في الخلاف هو الحكم اليهودي. لعله لا مفر من تسليم الحسم على السيطرة في الحائط إلى الاوقاف الاسلامية.

4. الصهيونية. ثيودور هرتسل هو من حلم بدولة اليهود. إسرائيل نتنياهو تطالب بالاعتراف بها كدولة يهودية، ولكنها تتنكر لمسؤوليتها عن اليهود. حان الوقت للعودة إلى حلم هرتسل: اعادة اقامة دولة اليهود.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى