معادلة بري والحقوق البحرية
غالب قنديل
ما نقلته صحيفة الأخبار مؤخرا عن الرئيس نبيه بري يقدم معادلة ردعية لحماية الحقوق البحرية التي أولاها رئيس المجلس أهمية خاصة وثابر من موقعه على السعي لاستعجال الشروع في التنقيب عن النفط والغاز باعتبار المكتشفات المرصودة قرب السواحل اللبنانية ثروة وطنية تستوجب الحماية المستمرة ويقظة دائمة في مجابهة التطاول الصهيوني المتسارع منذ ظهور المعلومات المتداولة عن نتائج المسح الجيولوجي لحوض المتوسط الشرقي الذي يقول بعض خبراء الطاقة الدوليين إنه يظهر قرب سواحل سورية ولبنان وفلسطين المحتلة وقبرص وجود مخزونات هائلة من الغاز والنفط القابل للاستخراج.
المعادلة الجديدة التي رسمها رئيس المجلس: لا تنقيب في فلسطين المحتلة قبل لبنان ، وهذا ما يعني إشهار جميع الأدوات الرادعة الدبلوماسية والقانونية والميدانية لمنع العدو الصهيوني من مواصلة عرقلة تثبيت حقوق لبنان في مياهه الإقليمية تمهيدا لمباشرة التنقيب والاستثمار بعدما قطعت التحضيرات اللبنانية القانونية والإدارية شوطا مهما وتم تفعيلها بقوة بعد الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة.
للرئيس نبيه بري في هذا المسار صفات دستورية وسياسية يجمع فيها بين كونه رئيس مجلس النواب ورئيس كتلة رئيسية شريكة في الائتلاف الحكومي إضافة إلى أنه من كبار رموز المقاومة اللبنانية من خلال زعامته لحركة امل وعبر التحالف والشراكة الوثيقين مع حزب الله ضمن نهج المقاومة في الدفاع والتحرير والحماية كما أنه في عرف العالم هو المفاوض المفوض منذ حرب تموز بشكل خاص وقد أعلن معادلة حماية الحقوق البحرية بكل تلك الصفات التي يعرفها خصوصا الأميركيون والصهاينة.
معادلة حماية الحقوق البحرية هي مضمون معركة سياسية ودبلوماسية تخوضها الدولة اللبنانية وتتصدى فيها للصوصية الصهيونية التي افتضحت منذ مخاض الخط الزرق البري بعد اندحار الاحتلال عام 2000 ووقائع السطو على كتل النفط والغاز البحرية اللبنانية كثيرة وسبق ان تداولها الإعلام اللبناني والأجنبي وجميع العروض الأميركية التي انهالت على لبنان لتسوية النزاع مع العدو كانت ملغومة وتحتوي في طياتها ترجيح كفة المصالح الصهيونية واقتطاع دور رئيسي للشركات النفطية الأميركية بالابتزاز الدبلوماسي والسياسي تحت شعار المساهمة في تسوية النزاع مع العدو وهذا ما كان مضمون تحرك الدبلوماسي الأميركي السابق فردريك هوف واقتراحاته لتسوية بضمانات اميركية من خارج آليات عمل الأمم المتحدة.
غني عن البيان ان الأمم المتحدة ما تزال خاضعة في أجهزتها وفي عملها لأدوات التسيير والهيمنة الأميركية لكن في مؤسساتها حضورا دوليا متعددا لاسيما لقوى عالمية صاعدة تناهض الهيمنة الأميركية كروسيا والصين مما يتيح انتزاع حقوق لبنان وتكريسها في عرف القانون الدولي.
حاولت جهات لبنانية مرتبطة بواشنطن و”صديقة” لهوف ومحركيه في الولايات المتحدة ترويج الدعوة لقبول عرضه باعتبار الولايات المتحدة ضامنا لحقوق لبنان في حين تقول التجربة طيلة عقود من الزمن ان الحكومات الأميركية كانت على الدوام ضامنا لخطط الصهاينة ولأطماعهم ولأهدافهم على حساب لبنان وهي تدخلت دائما في دعم العدو خلال حروبه واحتلاله للأرضي اللبنانية وما تزال تدعم انتهاكه الدائم والمتواصل للسيادة اللبنانية وما رضخت له واشنطن من وقائع فرض عليها بالقوة وتجربة التفاوض بين الرئيس نبيه بري ووزيرة الخارجية السابقة كونداليسا رايس خلال حرب تموز وفي مخاض صياغة القرار 1701 قدمت الدليل والإثبات فتوكيل الأميركي او تفويضه في أي شأن هو ترجيح لكفة العدو على حساب لبنان.
التصميم على آلية لتثبيت حقوق لبنان البحرية عبر الأمم المتحدة يحمي تلك الحقوق ويحصنها من التلاعب الأميركي لصالح العدو الصهيوني وهذا ما يفترض ان يكون عنوانا لتحرك دبلوماسي لبناني يحشد اوسع مساندة دولية ممكنة للموقف الذي يجب ان تتبناه الدولة رسميا وتتحرك على أساسه وهو امر يفترض ان يكون موضوع إجماع وتفاهم وطني من خارج رسوبات الاختلاف والنقاش الذي طبع مخاض الملف النفطي او مسار التفاهم على قانون الانتخاب او قد يحيط بأي مسائل خلافية أخرى فالطبيعي أن يجري التعامل في ملف الحقوق البحرية اللبنانية انطلاقا من المصالح الوطنية الواحدة.
يجدر بالدولة اللبنانية مجتمعة التصرف في هذا الموضوع بقوة التوازنات الردعية التي توفرها المقاومة وتحمي بها البلاد من العربدة الصهيونية المتجددة.