صداقة محدودة الضمان: ناحوم برنياع
طاقم ادارة جامعة اريئيل عمل ساعات طويلة لوضع أوراق على المقاعد التي حُجزت في الصف الأول. في الايام العادية من المفروض أن يجلس رئيس الحكومة وزوجته في الوسط أمام منصة الخطابات، والى جانبهما الزوجين المتبرعين ماري وشلدون ادلسون، لكن الأخيرين قدما شهادتهما هذا الاسبوع في الشرطة في سياق ملف “ألفين”، وقد يكون من الافضل ابعاد المقاعد. لذلك تم وضع ورقة كتب عليها اسم وزير الصحة يعقوب ليتسمان، بين اسم ماري ادلسون واسم سارة نتنياهو. ليتسمان سيكون جدار الفصل، ولحسن الحظ أن الحاخامات يسمحون لليتسمان الحريدي بالجلوس على مقعد ضيق في يوم شديد الحرارة بين امرأتين، هذا الامر محظور على ناخبيه، لكن ليتسمان مبني من مواد اخرى. فهو حصين .
القاعة التي تم انشاءها مؤقتا من اجل اجراء المراسيم كانت مليئة بالمدعوين. وسواء شئتم أم لا، هذه هي النخبة الجديدة: وزراء واعضاء كنيست من حركات اليمين، من عنات باركو حتى اورن حزان، محاضرون وموظفون في الكلية، معظمهم من الرجال، ومعظمهم يضعون القبعات المنسوجة، ونشطاء قدامى من اليمين، واصحاب المشاريع في يهودا والسامرة ومتبرعون متدينون من الولايات المتحدة. كانت الرائحة رائحة السلطة، قوية واحتفالية، مثلما كانت لدى مباي قبل سنوات كثيرة.
عندما جلس الحضور في اماكنهم قررت ماري ادلسون الابتعاد مقعد آخر عن سارة نتنياهو. لم تحدث دراما، لكنها كانت اوبرا صابون. وفي السياق صعد نتنياهو الى المنصة وقام بمدح الزوجين ادلسون باللغة العبرية واللغة الانجليزية. ولم يهتم ادلسون كثيرا، وعندما صعد لالقاء خطابه، لم يبدأ بالتحدث عن رئيس الحكومة والوزراء واعضاء الكنيست. “لقد تم فرض التحدث علي بعد رجلي سياسة”، قال مشتكيا وانتقل على الفور للتحدث عن اليوم الرائع الذي تعرف فيه على زوجته ماري، ولم يقل أي كلمة عن بيبي أو عن سارة. إن هذا هو وقت جديد.
بعد القاء الخطابات تم الطلب من المدعوين التوجه الى زاوية القاعة. وكانت هناك كمية من الاسمنت، وكل واحد بدوره قام بصب الاسمنت فوق حديد البناء. وتوجه نتنياهو الى ادلسون وأمسك بيده بقوة، وكانت هذه مصافحة ثانية، حيث كانت المصافحة الاولى عند دخول نتنياهو الى القاعة أمام مصور مكتبه. وسارع ادلسون في سحب يده، عندها توجه نتنياهو الى ميري ادلسون التي ردت بصرخة كبيرة مفتعلة وكأنها التقت شخص دون معرفة إسمه.
إن المناسبة التي اجتمعوا من اجلها كانت وضع حجر الزاوية لكلية الطلب على اسم ميري وشلدون ادلسون في جامعة اريئيل. وقد تبرع الزوجين ادلسون بـ 25 مليون دولار للمبنى، وهو مبلغ ملفت، ويمكن أن يتبرعا بالمزيد.
مهزلة
الكلية في اريئيل هي المحطة الاخيرة في العلاقة المعقدة بين ادلسون والاسرائيليين. كثير من اليهود في العالم يتبرعون، وكل متبرع ودوافعه. ادلسون يختلف عن الآخرين في أمرين وهما كمية التبرع وسعيه من اجل التأثير وترك بصماته. تشارلز برونفمان، من اثرياء اليهود في الولايات المتحدة ومتبرع كبير لاسرائيل، ذكر في مذكراته كيف جند ادلسون لمشروع تغليت الذي يمول زيارات الشباب اليهود لاسرائيل. “ادلسون سأل ماذا تريدون. طلبنا منه التبرع بخمسين مليون دولار. أنا لن أعطي فلسا واحدا للصندوق، قال ادلسون، لكنني يمكن أتبرع للنشاطات. وطلبت منه اعطاء مليون دولار كل سنة لمدة خمس سنوات. وقال أنا لا ألعب بالنقود. وأنا أعتقد أنه فكر أنني لا أدرك كم هو ثري”.
ولدت تبرعات ادلسون السياسية من نفس الدافع: اعطاء الكثير وخلق خط معين. في عالمه صاحب المئة هو صاحب الرأي. ادلسون تبرع بعشرات ملايين الدولارات للمرشحين الجمهوريين في كل حملة في الانتخابات الاخيرة في الولايات المتحدة. وقد اختارهم بناء على أجندته – يمين محافظ في امريكا، وتأييد مطلق لسياسة حكومة اليمين في اسرائيل، والطلب من الايباك واللوبي اليهودي تبني خط اكثر تشددا تجاه ادارة اوباما. وعندما وجد أن النتيجة غير مرضية توقف عن التبرع.
الموقف نفسه وقف من وراء اقامة العلاقة مع نتنياهو: الاسرائيليون لا يعرفون ما هو جيد بالنسبة له. إنهم معتدلون بشكل زائد ويراعون بشكل زائد ووسائل الاعلام لديهم انتقادية بشكل زائد وليبرالية بشكل زائد: يجب كبحها، بغض النظر عن الثمن. المهم انقاذ الاسرائيليين من أنفسهم. يجب دفع الاسرائيليين لاختيار الشخص المناسب، والشخص المناسب الآن هو نتنياهو. لقد استثمر شلدون في نتنياهو انطلاقا من نظرية أن نتنياهو سيعمل لديه وليس العكس. الاثرياء لا يؤمنون بالهدايا بدون مقابل.
في نهاية المطاف تبين أنه مهزلة. هكذا كان في امريكا: غينغريتش مرشحه في الولايات السابقة هزم على يد رومني الذي هزم على يد اوباما، ترامب الذي لم يكن مرشحه حصل منه على الملايين عشية الانتخابات، لكنه لم يف بوعده نقل السفارة الى القدس. وكل ما منحه للزوجين ادلسون هو دعوة لحضور مراسيم أداء يمين القسم في واشنطن.
لقد خانه نتنياهو مع نوني موزيس. ويمكن القول إن الاجابات التي اعطاها ادلسون وزوجته لمحققي الشرطة أكدت رواية نتنياهو. وسألت الشرطة اذا كان نتنياهو يسيطر على النشرة اليومية المجانية، وأجابا بأنه لا يقرر ولا يتدخل. وهذا يذكرني بحديث أجريته بعد اتفاق السلام مع مصر مع عدد من الصحافيين المصريين. “لديك رقابة عسكرية”، قال أحدهم، “أما نحن فليس لدينا رقابة عسكرية”. وقلت له لا حاجة الى رقابة عسكرية لديكم.
أنا أفترض أن محققي الشرطة اطلعوا ادلسون على الاحاديث بين بيبي ونوني. واستمعا كيف أن صديقهم العزيز، الصديق الذي استثمروا فيه الكثير من الحب والمال والعلاقة، يقوم ببيعهم. عندما تكون بزغلو من كريوت فهذا مهين، وعندما تكون ملياردير من لاس فيغاس فهذا لا يمكن تحمله. اضافة الى ذلك كان الزوجان مطلوبان لتقديم الشهادة، وامتنعا عن المجيء على مدى اشهر الى البلاد. وليس غريبا أن وسائل الاعلام ذكرت أن الزوجين خاب املهما من نتنياهو.
خيبة الأمل تسربت الى الصحيفة اليومية المجانية. سياسيون مثل بينيت وليبرمان، اللذان اعتبرا في السابق عدوين، حظيا بتغطية مؤيدة. وتغيرت اللهجة: من صحيفة تسجد لشخص نتنياهو أصبحت تؤيد بينيت وليبرمان. في الصور التي نشرت في الصحيفة أمس يظهر الزوجان ادلسون، وبيبي وسارة ليسا في الصورة. بينيت وزوجته غيلات جلسا قرب ادلسون على وجبة الغداء التي سبقت المراسيم. وكان بينيت يبدو مسرورا مثل عريس، تحدث وتحدث، وسارع مساعدوه الى ارسال الصور الى الشبكات الاجتماعية. ولينفجر بيبي من الغيظ.
أين اختفت السامرة
على الحائط من خلف منصة الخطابات في اريئيل تم تعليق قطعة زرقاء من القماش كتب عليها عشرات العناوين مع اسم مؤسسة “جامعة اريئيل في السامرة” باللغة العبرية وجامعة اريئيل فقط بالانجليزية. لقد اختفت كلمة السامرة من الترجمة. وهذا يظهر تعاطينا المتلون مع المناطق. يتم عرض السامرة بالعبرية من اجل ان تقوم الحكومة باعطاء المزيد من الاموال، واخفائها بالانجليزية على أمل عدم مقاطعة الاغيار لها.
لم يتم بعد اعطاء رخصة انشاء الكلية في اريئيل. وقد احتج عمداء الطب في البلاد. يجب توسيع الكليات القائمة، قالوا. وانشاء كلية اخرى سيبذر الاموال ويوزع الجهد. الكلية ستحتاج الى مستشفى. وجميع المستشفيات، بما في ذلك الصغيرة، متعلقة بالكليات القائمة. المستشفى الوحيد الذي تتم مراعاته هو مستشفى اسوتا في اسدود الذي لم يستكمل بعد. ستندلع حرب من اجل المستشفيات.
فكرت في ادلسون الذي يبلغ 84 سنة من عمره. ماذا سيخلف وراءه، ما هو ارثه. باستثناء الصينيين والامريكيين الذين ادمنوا بسببه على القمار، الاسرائيليون توجهوا نحو اليمين بدون أي صلة بالصحف والمواقع التي انشأها من اجلهم. هم ليسوا بحاجة اليه. السياسيون الذين مولهم استخدموه ورموه. المباني فقط بقيت الى أن يأتي متبرع آخر ويقوم بشراء الاسم. مثلما كتب ترامب في تغريداته الليلية. هذا أمر محزن.
يديعوت