إيكونوميست: أميركا أكثر انقساما وشللا
قالت مجلة إيكونوميست البريطانية إن الولايات المتحدة في الذكرى السنوية لاستقلالها أصبحت أكثر انقساما ومصابة بالشلل، وإن الرئيس دونالد ترامب تسبب في جعل وضعها السيئ أكثر سوءا .
وأوضحت أن الرابع من يوليو/تموز من كل عام هو اليوم الذي تحتفل فيه أميركا بذكرى توحيد 13 ولاية ضد الحكم البريطاني وبدء تجربتها العظيمة في حكم الشعب، لكن هذا اليوم في هذا العام سيجدها ممزقة بسوء التفاهم المتبادل بين الجمهوريين والديمقراطيين، وبين عمال المصانع وطلاب الجامعات، وسكان الريف وسكان المدن، ثم هناك ترامب الذي لا يمثل تجسيدا لهذا الانقسام فقط، بل هو أحد أسبابه.
وأضافت أن ترامب فاز بالرئاسة جزئيا بسبب أنه عبّر عن قناعات الناخبين الذين يشعرون بأن النظام أصبح يعمل ضد مصالحهم، إذ وعدهم بإصلاح السياسة وتنظيف واشنطن من “النخبة والوسطاء الأغبياء” الذين يعملون لمصالحهم الشخصية.
لكن بعد خمسة أشهر من رئاسته، لم يستطع ترمب أن ينجز شيئا. ليس هذا وحسب، بل أصبح يقود سياسات أكثر تسميما للمشهد، وظل يفقد باستمرار ثقة جزء من مؤيديه من كل الفئات.
وكان ترمب قد وضع يده على الداء مشخصا إياه بوضوح أثناء حملته الانتخابية، لكنه معالجاته كانت خرقاء بسبب “أنانيته المنفلتة“.
وأشارت المجلة إلى القضايا الكبيرة التي فشل ترمب في إصلاحها، مثل الضرائب والرعاية الصحية وإصلاح أغلب المؤسسات التي باتت تعاني ضعفا وتداخلا في وظائفها مع أخرى أو تنافسا بينها، كما أنه عادى المحاكم وأجهزة الاستخبارات ووزارة الخارجية وهيئة الرقابة على البيئة.
وكان ترمب قد وعد بمحاربة الساعين لتحقيق مصالحهم الشخصية، لكنه استعان في حربه هذه برجال أعمال ساعين لتحقيق مصالحهم. كما وعد بأن يكون شخصا يبرم الصفقات، لكن نزوعه لاستصغار معارضيه ومستنقع الفضائح والتسريبات حول الدور الروسي في الحملة الانتخابية، أبعد إمكانية تعاون الحزبين في البلاد.
وصعود القوة الاحتكارية للشركات استمرت دون اعتراض، ومؤسسات التعليم والتدريب أصبحت أقل كفاءة حتى في الوقت الذي يوشك فيه الذكاء الصناعي على تغيير طبيعة العمل.
وإذا استمر ترمب في منصبه -تقول المجلة- ثماني سنوات كاملة، وهو أمر ممكن رغم الهجمات من منتقديه، فإن ثمن الشلل الذي ستدفعه أميركا سيكون كبيرا.
وأضافت أن المخاطر أصبحت واضحة بالفعل في السياسة الخارجية، فقد أصاب ترمب قيادة أميركا للعالم بأذى دائم، مشيرة إلى أن الشراكة عبر المحيط الهادي التي تخلى عنها ترمب كانت من الممكن أن تعزز في آسيا المفهوم الأميركي حول الأسواق الحرة، كما تعزز تحالفات واشنطن العسكرية.
كما أن رفض ترمب معاهدة باريس للمناخ، يكشف أنه لا يرى العالم منبرا تعمل فيه الدول معا لحل المشاكل، بل كحلبة تتنافس فيها من أجل المكاسب. إضافة إلى أن صناعة قراراته المتعجلة وعلاقاته الودودة مع المستبدين تقود حلفاءه للتساؤل عما إذا كان من الممكن الاعتماد عليه في الأزمات.