شؤون دولية

التلغراف: مأساة غرينفيل البريطانية وحرب الأيديولوجيا

تابعت بعض عناوين أبرز الصحف البريطانية ملابسات وتداعيات الحريق الذي وقع ببرج غرينفيل السكني في لندن وراح ضحيته عشرات القتلى والمفقودين .

فقد علقت ديلي تلغراف على مأساة غرينفيل التي وقعت الأربعاء الماضي وأعلنت شرطة لندن أن 58 على الأقل هم الآن مفقودون أو في عداد الموتى.

وانتقدت كاتبة المقال جولييت صامويل تحول المأساة بسرعة إلى معركة سياسية وأن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل أصبح بسرعة غريبة معركة أيديولوجية، وحتى بينما كان البرج لا يزال يتصاعد منه الدخان بدا السياسيون من حزب العمل وكأنهم يعرفون بالضبط سبب حدوث المأساة، حيث هرعوا إلى موجات الأثير لإلقاء اللوم على التقشف وإلغاء الضوابط عن الكارثة قبل حتى البدء في التحقيق، ناهيك عن تقييم الأدلة.

ورأت الكاتبة أن الاستجابة الصحيحة هي مساءلة الأفراد والمنظمات التي أدت أعمالهم إلى وقوع الكارثة، وأنه في مرحلة من تسلسل الأحداث التي أدت إلى هذه النقطة اتخذت قرارات متهاونة أو فاسدة أو غير كفؤة.

وأضافت أن العدالة تقتضي التدقيق في هذه القرارات بدلا من التسرع في إلقاء اللوم على أيديولوجية مكروهة، وذلك باستخدام موت الأبرياء لتسجيل نقاط سياسية أو الإشارة بمرارة إلى ثروات الجيران الأكثر ثراء بمنطقة كنسينغتون وكأنهم أرادوا بطريقة ما حدوث ذلك.

وختمت بأن الأهم من تبادل الاتهامات وإلقاء اللوم جزافا بين الأطراف المختلفة أن تخضع التفاصيل للتدقيق الذي تستحقه وتقديم الاتهامات وإقالة وتغريم الأفراد أو الشركات المتسببة التي يثبت تسببها في تلك المأساة وكذلك تغيير القواعد والأنظمة التي تحتاج إلى تغيير لضمان عدم تكرار ما حدث، وأن يكون ذلك من خلال التحقيقات الجنائية والعامة وليس من خلال الانخراط في حمى حرب أيديولوجية من الكلمات.

وفي السياق بالصحيفة نفسها أشاد الكاتب إيان سميث بتصريح رئيسة الوزراء تيريزا ماي بإجراء تحقيق عام كامل لمعرفة ملابسات وقوع هذه المأساة والدروس التي يمكن تعلمها منها، واعتبر ذلك هو الصواب الذي يجب القيام به، لكنه أردف بأن الشيء الوحيد الذي لن يمكن القيام به هو الطريقة التي يُقدم بها الإسكان الاجتماعي وكيف يمكن تحسينه.

وأشار سميث إلى أن اليساريين المتشددين بدؤوا بالفعل يفرضون وجهة نظرهم الخاصة بشأن ماهية المشكلة ويدعون إلى إعادة تأميم الإسكان الاجتماعي وإنهاء حقوق الملكية الخاصة.

وقال إن هذا النوع من وجهة النظر القائلة إن “الحكومة هي الأعلم” قد تبدو جذابة، لكن أولئك الذين يتذكرون المجمعات السكنية العامة والمتأخرات الإيجارية الضخمة والمساكن التي دون المستوى عندما كانت المجالس البريطانية تدير الإسكان الاجتماعي يعرفون أنها بعيدة عن العلاج الشافي.

واقترح الكاتب بعض الحلول للخروج من أزمة الإسكان الاجتماعي وما فيها من سلبيات ومنها البدء في معالجة مسألة فقر الأصول، أي عجز الأسرة عن الحصول على موارد ثروة تكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية لفترة ثلاثة أشهر، من خلال النظر بعناية في فترة الإسكان الاجتماعي بهدف منح المستأجرين حقوقا مشتركة. ويجب إعادة النظر مرة أخرى في كيف يمكن منح المستأجرين حصة الأصول في البيت الذي يعيشون فيه ويجب أن تكون حصة الإسكان الاجتماعي مرنة بما فيه الكفاية مع تغير ظروف الأسرة.

وأخيرا يجب إعادة النظر مرة أخرى في طريقة التعامل مع أصحاب العقارات الخاصة الذين يشترون منازل للإيجار بإلغاء قرارات فرض رسوم الدمغة الضريبية على شراء المنازل الإيجارية لأن هذا الأمر أدى إلى تراجع أصحاب العقارات أو حتى ترك القطاع بأكمله.

وختم الكاتب بأن الشعب البريطاني يحتاج إلى رؤوس هادئة تفكر وليس إحراز نقاط سياسية بينما نعمل على تحسين حياة أولئك الذين يعيشون في مساكن اجتماعية.

أما افتتاحية صنداي تايمز فقد علقت بأنه لا نهاية للدرس من مأساة حريق غرينفيل، وقالت إن الحريق تسبب بحالة من الصدمة والغضب والذهول، خاصة أنه وقع في بريطانيا في القرن الـ21.

وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من القتلى ماتوا في شققهم امتثالا لنصيحة كتبت على جدران كل طابق في المبنى بأنهم في حال وجود حريق، فعليهم البقاء في المنزل وإغلاق النوافذ، إلا أن هذه النصيحة تجاهلت انتشار الغازات السامة فضلا عن استخدام لوائح بلاستيكية لإضفاء جمالية على المظهر الخارجي للمبنى الواقع في أرقى المناطق ببريطانيا.

وذكرت الصحيفة أن واجهات المبنى التي ثبتت حديثا كانت رخيصة الثمن وغير مقاومة للحرائق. وتساءلت لماذا لم يمنع بيع هذا النوع من البلاستيك في بريطانيا، مع العلم أنه ممنوع في الولايات المتحدة وألمانيا“.

وختمت بالقول إنه من أجل من راحوا ضحية هذا الحريق، فإنه يتوجب علينا التأكد من عدم تكرار مثل هذه المأساة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى