تسريب معلومات عن ملايين الأمريكيين
يعتبر نشر بيانات المواطنين الأمريكيين هذه المرة أكبر انتهاك للخصوصية وإساءة استغلال للبيانات الانتخابية في الولايات المتحدة
سُربت بيانات شخصية حساسة لحوالي 200 مليون مواطن أمريكي عن طريق الخطأ على يد شركة تسويق متعاقدة مع اللجنة الوطنية الجمهورية.
ونال التسريب من حوالي 1.1 تيرا بايت من البيانات، التي تتضمن تواريخ الميلاد، وعناوين السكن، وأرقام الهواتف، والآراء السياسية الخاصة بحوالي 62 في المئة من السكان في الولايات المتحدة.
كشف الميول السياسية
واكتشف تسريب هذا الكم الهائل من البيانات محلل التهديدات الإليكترونية كريس فيكي في مؤسسة “أبغارد” الأسبوع الماضي.
ويبدو أن البيانات جمعت من مجموعة متنوعة من المصادر – من مجموعة محظورة من الحسابات على شبكة التواصل الاجتماعي “ريديت” خاصة باللجان المسؤولة عن توفير تمويلات جديدة للحزب الجمهوري.
وحملت البيانات في ملفات على خادم تمتلكه شركة “ديب روت أناليتكس”، ومرت بعملية تحديث في يناير/ كانون الثاني الماضي عندما نُصب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وظلت على الإنترنت لفترة غير معروفة.
وقال أليكس لاندري، مؤسس ديب روت أناليتكس، لموقع غيزمودو المتخصص في التكنولوجيا: “نحن مسؤولون مسؤولية كاملة عن هذا الموقف، وبناء على المعلومات المتوافرة لدينا حتى الآن، لم تتعرض نظمنا لأي اختراق.”
وأضاف أنه “منذ اكتشاف هذا الأمر، حدثنا إعدادات الدخول ووضعنا بروتوكول جديد للحيلولة دون دخول المزيد من المستخدمين إلى هذه البيانات.”
وبخلاف البيانات الشخصية، تضمنت البيانات معلومات عن الانتماءات الدينية والعرقية، والميول السياسية مثل مواقف المواطنين من قضايا سياسة مثل فرض حظر على حمل السلاح، والحق في الإجهاض، وأبحاث الخلايا الجذعية.
وتشير أسماء الملفات والأدلة الإليكترونية إلى أن البيانات كانت معدة لاستخدام منظمات مؤثرة تابعة للحزب الجمهوري. وكانت الفكرة وراء جمع وتخزين هذه البيانات هو تأسيس حساب يتضمن أكبر قدر ممكن من البيانات المتاحة لاستخدام البيانات المتوافرة، لذلك كانت بعض الأماكن في الملفات الإليكترونية خالية حال عدم وجود إجابة على الأسئلة الخاص بها.
وكتب دان أوسيوليفان على إحدى المدونات الإليكترونية على موقع بلوغسبوت أن “إعداد قاعدة بيانات وطنية هائلة مثل هذه وتخزينها على الإنترنت دون اتخاذ أبسط التدابير لحمايتها من دخول مستخدمي الإنترنت عليها يُعد مشكلة كبيرة.”
وأضاف أن “القدرة على جمع وتخزين المعلومات دون اتخاذ تدابير أمنية لحمايتها يثير تساؤلات حول المسؤولية الواقعة على عاتق الشركات الخاصة والحملات السياسية تجاه هؤلاء المواطنين الذ ين تستهدفهم تلك الحملات عبر عمليات تحليل بيانات متقدمة ومعقدة.”
وبالرغم من أنه من المعروف أن الأحزاب السياسية تجمع بيانات بصفة دورية، يبدو ما حدث أكبر إساءة استغلال للبيانات الانتخابية في تاريخ الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف لدى خبراء الخصوصية حيال مدى توافر هذا الكم الهائل من البيانات الشخصية للجمهور.
وقال مسؤول السياسة لدى مؤسسة برايفسي إنترناشونال فريدريك كالثيونر لبي بي سي إن “هذه مشكلة خطيرة. ولا تكمن خطورة ما حدث في حساسية البيانات، لكن في جمع المعلومات، والتوقعات لسلوك الناس على أساسها، وكشف الخيارات والمعتقدات التي قرر الناس عدم الإفصاح عنها لأي أحد.”
وقالت برايفسي إنترناشونال إن عملية جمع البيانات وتحليلها لتوقع سلوك الناخبين لا تقتصر على شركات التسويق، إذ تعمل جميع نظم الإعلانات عبر الإنترنت بنفس الطريقة.
وأضاف كالثيونز أنه “تهديد تنطوي عليه إدارة العملية الديمقراطية. فلم يكن أحد يعلم أن البيانات التي حصلت عليها اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري والتي جمعت بطريقة معلنة ووفرتها للحزب مؤسسات تجارية، من الممكن أن تتحول إلى، بعد تسليمها لمنظمة واحدة، إلى قاعدة بيانات تستخدم لاستهداف هذه المنظمة سياسيا.”
وتابع: “لابد أن تكون في موقع مسؤولية حقيقية تجاه ما يحدث لبياناتك، وأن تحدد من يستخدمها ولأي غرض.”
وهناك مخاوف حيال إمكانية استخدام هذه البيانات لأغراض إجرامية تتضمن عمليات انتحال الشخصية، أو تهديد بمن صدرت أوامر حماية بشأنهم، أو تهديد من يتبنون وجهات نظر سياسية معارضة.