هلموت كول: الشخص الذي قاد الاتحاد الاوروبي الى الأمام: الداد باك
إن سقوط جدار برلين في 9 تشرين الثاني 1989 تم بشكل مفاجيء للعالم. حتى اولئك الذين تابعوا عن قرب التطورات الدراماتيكية في “القطب السوفييتي” – مثل المستشار الالماني في حينه هلموت كول – كانوا غير مستعدين للهزة الارضية التاريخية، التي كانت ستغير وجه اوروبا. ولكن كول الذي كان يبلغ 15 سنة فقط عند انهيار الرايخ النازي وتقسيم المانيا بين الحلفاء الذين انتصروا في الحرب، نجح في الاستيقاظ بسرعة وفهم المرحلة وامساك التاريخ من قرونه: بعد سقوط جدار برلين ببضعة ايام، طرح في بوندستاج في غرب المانيا خطة لتوحيد المانيا، وأعلن أمام الجمهور الواسع في دريزدن في شرق المانيا: “نحن سنحترم كل ما ستقررونه حول مستقبل بلادكم
”.
الوضع الاقتصادي السيء في المانيا الشرقية كان معروفا لكول، لكن ليس بشكل كامل. ايضا الانهيار الاقتصادي للاتحاد السوفييتي اصبح أمرا مؤكدا. وعرف كول كيف يستغل هذه الظروف، والقوة الاقتصادية لالمانيا الغربية ايضا من اجل تحقيق الحلم الذي حلم به ملايين الالمان على مدى عشرات السنين – لكنهم لم يؤمنوا بامكانية تحقيقه: اعادة توحيد المانيا وتحريرها من “جيوش الاحتلال”.
كان واضحا لكول أن الطريقة الوحيدة للتغلب على مخاوف شركائه الاوروبيين من قوة المانيا الموحدة هي تعزيز الاتحاد الاوروبي، لذلك وافق على طلب الرئيس الفرنسي في حينه، فرانسوا ميتران، اصدار عملة اوروبية، هي اليورو، التي ستجند اقتصاد المانيا لصالح اوروبا وتمنع سيطرة المانيا على اقتصاد جاراتها. كان واضحا لكول ايضا أن انهيار الاتحاد السوفييتي سيفتح الباب لتوسيع الاتحاد الاوروبي نحو الشرق ووضع المانيا الموحدة في قلب الاتحاد الموسع مستقبلا. وعرف أن مستقبل بلاده يعتمد على النوايا الحسنة لجيرانها وشركائها، وقام بتنسيق جميع الخطوات معهم.
في العام 2011، في بداية “ازمة اليونان” التي هددت اليورو ووحدة اوروبا، أسمع كول انتقادات شديدة ضد المستشارة التي اصبحت وريثته، انغيلا ميركل. “إنها تقوم بتدمير اوروبا”، قال عندما تطرق الى سياسة التقليصات والتقشف المتشددة، التي تم فرضها على اليونان وعلى دول اوروبية اخرى دخلت الى ازمة اقتصادية عميقة بسبب الازمة المالية الدولية. كول أيد تحقيق الحلول المتفق عليها، وليس الاملاءات الالمانية. إن قرار ميركل احادي الجانب فتح بوابة اوروبا لملايين اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين من الشرق الاوسط وافريقيا وآسيا، زاد من انتقادات كول. أحد السياسيين الذين انتقدوا كول في بيته كان رئيس حكومة هنغاريا، فيكتور اوربان، وهو من اوائل المعارضين لميركل في الاتحاد الاوروبي.
ان جيل المؤسسين الاول للاتحاد الاوروبي شمل كونراد ادناور الالماني، وروفر شومان الفرنسي. كول وميتران أخذا الاتحاد الاوروبي الى الأمام. والآن لم يبق أمام ميركل ورئيس فرنسا الجديد عمانوئيل مكرون، سوى فتح مرحلة جديدة في تاريخ الاتحاد الاوروبي أو التسبب في انهياره.
اسرائيل اليوم