البيت الابيض بدأ ببذل الجهود لكسب تأييد الكونغرس لخطة سلام ترامب: أمير تيفون وبراك ربيد
بدأ البيت الابيض في الاسبوع الماضي بجهود لتجنيد تأييد الكونغرس السياسي لمبادرة السلام التي يحاول ترامب السير فيها في الاشهر القادمة. المبعوث الخاص للعملية السلمية، جيسون غرنبلت، الذي سيصل الى المنطقة قريبا وسيناقش المبادرة الامريكية مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التقى في الاسبوع الماضي في واشنطن مع اعضاء كونغرس وسناتورات وممثلي منظمات يهودية خاصة توجد على يمين الخارطة من اجل توضيح كيف يريد الرئيس ترامب التوصل الى “الصفقة الشاملة ”.
في يوم الخميس الماضي التقى غرينبلت مع ستة اعضاء في الكونغرس – ثلاثة ديمقراطيين وثلاثة جمهوريين – من اجل عرض سياسة الادارة الامريكية في الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني ومناقشة بلورة تأييد الحزبين للعملية السلمية. شخصان من الجمهوريين الذين شاركوا في اللقاء يعتبران من الاصوات المعتدلة في صفوف الحزب في الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني.
أحدهم، عضو الكونغرس جون دانكن من ولاية تينيسي، كان من بين اعضاء الكونغرس الجمهوريين القلائل الذين وقعوا في بداية العام على رسالة لترامب تطالبه بأن يتبنى بشكل رسمي مبدأ حل الدولتين. مشارك آخر في اللقاء هو عضو الكونغرس الجمهوري جيف فورتنبري من ولاية نبراسكا، قدم في شهر آذار اقتراح قانون لاقامة صندوق دولي من اجل التعايش الاسرائيلي الفلسطيني، يشبه الصندوق الذي عمل في التسعينيات في شمال ايرلندا. عضو الكونغرس الجمهوري الثالث والذي شارك في اللقاء، تشارلي دانت، يعتبر صقوري في كل ما يتعلق بالموضوع الاسرائيلي الفلسطيني.
لقد حاول غرينبلت خلال اللقاء أن يستوضح كيف يمكن التغلب على الصعوبات السياسية التي قد تواجه استئناف عملية السلام في واشنطن. المشرعون الجمهوريون الذين يؤيدون الرئيس ترامب عادة لن يسارعوا بالضرورة الى تأييد الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني، الذي تبنى الحزب الجمهوري مواقف متطرفة تجاهه في السنوات الماضية، بالهام من اليمين في اسرائيل. أما الديمقراطيون الذين يشكلون امكانية أكبر لتأييد العملية السلمية، فهم يخشون من التعبير عن تأييد خطوات ترامب بسبب كراهية مؤيديهم لترامب.
عندما قرر الرئيس ترامب، على سبيل المثال، عدم نقل السفارة الامريكية في اسرائيل من تل ابيب الى القدس، لم يدافع عنه أي عضو كونغرس، جمهوري أو ديمقراطي.
المشرعون الديمقراطيون الثلاثة الذين شاركوا في اللقاء كانوا بيتر وولش وديفيد فريس وجون يرموث، وهم يعتبرون من المؤيدين لحل الدولتين، واقامة الدولة الفلسطينية.
في حوار مع صحيفة “هآرتس″ قال وولش إنه هو وأصدقاءه قاموا بمتابعة زيارة ترامب الى اسرائيل، وقد كانوا راضين عن تصريحاته حول العملية السلمية وعن الدور الناجع الذي يجب على الولايات المتحدة القيام به.
“بعد زيارة الرئيس في اسرائيل قمت بالاتصال مع غرينبلت من اجل أن أقول له بأنهم قاموا بعمل جيد، وهو عبر عن رغبته في اللقاء في تلة الكابيتول مع مجموعات صغيرة من الديمقراطيين والجمهوريين”، قال وولش وأضاف “غرينبلت أوجد انطباعا كشخص جدي وملتزم في جهود تقدم العملية السياسية. وقد كان اللقاء مؤشرا على النوايا الجدية”.
أحد الامور الهامة التي يجب القيام بها هي الحصول على تأييد الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي للعملية السلمية، وهذا الامر مفيد جدا. هناك كثيرون منا في الكونغرس يريدون المساعدة في تحقيق السلام. وحقيقة أنه يقوم باشراكنا في مرحلة متقدمة هي أمر ايجابي”.
اضافة الى اللقاء الذي جرى مع مجموعة المشرعين، أجرى غرينبلت لقاءات مع عدد من المنظمات اليهودية التي تنتمي الى يمين الخارطة السياسية في الولايات المتحدة وفي اسرائيل، وذلك من اجل توضيح توجه الادارة الامريكية فيما يتعلق بالعملية السلمية. وقد التقى في يوم الاربعاء الماضي مع قيادة “اللجنة اليهودية الجمهورية”، وهي المنظمة التي تحصل على دعم ملايين الدولارات من قبل صاحب المراهنات شلدون ادلسون، الذي انتقد بشدة محاولات ادارة اوباما التوصل الى اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين.
لقد قال غرينبلت لمسؤول المنظمة إن الادارة الامريكية متمسكة بعدم فرض اتفاق على الطرفين، وأن أحد أهداف الزيارة القريبة الى اسرائيل هو البدء في بلورة تفاهمات بين الفلسطينيين والاسرائيليين. “غرينبلت أكد في اللقاء على أن الرئيس يلتزم بمحاولة تحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، لكنه أوضح أن أي اتفاق للسلام يجب أن يكون نتيجة مفاوضات مباشرة بين الطرفين”. وقال مسؤول امريكي مطلع “غرينبلت قال إن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة الطرفين، لكن اسرائيل والفلسطينيين هم الذين يجب عليهم أن يتوصلوا الى الاتفاق حول التفاصيل، وأن الولايات المتحدة لن تقوم بفرض أي صفقة على أي طرف من الطرفين”.
في اليوم التالي التقى غرينبلت مع قيادة “الاتحاد الارثوذكسي”، وهي المنظمة الاكبر في الولايات المتحدة التي تمثل اليهودية الارثوذكسية، والتي تعتبر مواقفها قريبة من مواقف اليمين في اسرائيل بشأن الصراع مع الفلسطينيين. وقد عاد غرينبلت وأكد في اللقاء على أن الرئيس ملتزم بأمن اسرائيل، وأنه لا ينوي أن يفرض عليها أي تنازلات اثناء المفاوضات. وأضاف غرينبلت أن ترامب ما زال ملتزما بتحقيق اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين، رغم جميع الامور الاخرى المشتعلة والتي تشغله. “لقد أوضح بأن الرئيس يمنح هذا الامر أولوية قصوى، وأن هذا جزء من التزامه بمساعدة اسرائيل وجعلها أقوى وأكثر أمنا”، كما قال أحد المشاركين في اللقاء مع غرينبلت.
إن اللغم السياسي الاكثر صعوبة، الذي يحاول البيت الابيض تفكيكه في الوقت الحالي، هو اقتراح قانون يطلب تجميد الدعم المالي من الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية، طالما أنها لم تتوقف عن دفع مخصصات الأسرى الذين أدينوا بتنفيذ عمليات ارهابية والمعتقلون في اسرئايل. اقتراح القانون الذي بادر اليه السناتور الجمهوري ليندزي غراهام، الذي يترأس اللجنة الفرعية للمساعدات الخارجية في مجلس الشيوخ، حصل على اسم “قانون تيلور فورس″، وهو اسم الطالب والضابط الامريكي الذي قتل في عملية طعن في يافا في آذار 2016.
وقد حصل اقتراح غراهام على مباركة وتأييد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وفي الاسابيع الاخيرة زاد التأييد لهذا الاقتراح في تلة الكابيتول، بما في ذلك تأييد مشرعين ديمقراطيين.
إن هذه التطورات تضع ادارة ترامب أمام مشكلة. فمن جهة، اذا نجح اقتراح قانون غراهام فسيكون من الصعب استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد تجد السلطة الفلسطينية نفسها في ازمة اقتصادية خطيرة.
ومن جهة اخرى، ستجد الادارة الامريكية صعوبة سياسية في كبح اقتراح القانون أو حتى التحفظ منه، بعد أن خيبت آمال اليمين في تأجيل نقل السفارة الامريكية الى القدس. وتأييد بعض الديمقراطيين للقانون سيعقد الامر أكثر. “ترامب لا يمكنه أن يكون يساريا أكثر من الديمقراطيين في هذا الموضوع″، قال في الاسبوع الماضي أحد المشاركين في اللقاءات مع غرينبلت.
لقد التقى غرينبلت في يوم الخميس الماضي مع السناتور غراهام، وقام بمناقشة اقتراح القانون معه. وطرح الموضوع ايضا على ستة اعضاء من الكونغرس التقى معهم، وعلى ممثلي “الاتحاد الارثوذكسي” و”اللجنة اليهودية الجمهورية”.
قالت مصادر شاركت في اللقاء بين غرينبلت وبين المنظمتين اليهوديتين إن المبعوث الامريكي أكد على أن ادارة ترامب تحاول حل مسألة دفع المخصصات للمخربين وعائلاتهم من خلال الحوار المباشر مع السلطة الفلسطينية. وقال إنه يؤمن بامكانية التوصل الى حل. “لقد كان حذرا جدا، ولم يوضح ما الذي تنوي الادارة الامريكية القيام به من اجل حل هذه المسألة”، قال مصدر شارك في اللقاءات.
في هذه الاثناء واشنطن تبذل الجهود في اتجاهين من اجل منع حدوث ازمة حول قانون “تيلور فورس″. من جهة، كما قال غرينبلت في لقاءاته في الاسبوع الماضي، هو ووزير الخارجية الامريكي ريكس تلرسون، اثناء المساءلة في لجان الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ ومجلس النواب، فان الادارة الامريكية تحاول اقناع الفلسطينيين بعرض صيغة متفق عليها لوقف دفع الاموال للمخربين. ومن جهة اخرى، اللوبي الذي يؤيد اسرائيل “الايباك” يحاول تخفيف صيغة اقتراح قانون غراهام من اجل جعل المزيد من الديمقراطيين يؤيدونه، ومن اجل تقليص امكانية الحاق الضرر بجهود الادارة للتقدم في العملية السلمية.
امكانية من الامكانيات التي يتم فحصها هي امكانية تغيير صيغة الاقتراح، وبدل المطالبة بالوقف الكامل للمساعدات الامريكية للفلسطينيين يكون الاقتراح هو خصم القيمة التي تدفعها السلطة لمن أدينوا بأعمال ارهابية ولعائلاتهم. السناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قال في الاسبوع الماضي بأنه يعتقد أن التصويت على اقتراح قانون غراهام سيتم في شهر آب على الاكثر. هذا يعني أن لدى غرينبلت أكثر من شهر بقليل لايجاد حل مع الفلسطينيين.
هآرتس