هل تنشر واشنطن صواريخها القصيرة و المتوسطة بذريعة خرق موسكو معاهدة الحد منها؟ احمد الحاج علي
اتهامات واشنطن تتكرر لروسيا من خلال معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة و القصيرة المدى. موضوع تتجه اليه الأنظار في الأيام القليلة القادمة .
من ضمن السجال المستمر بين روسيا و الولايات المتحدة إتهامات قائد قوات المحيط الهاديء الأدميرال هاري هاريس لروسيا التي نشرها معهد البحرية الأميركية.
بحسب إدعاء الأدميرال الأميركي فإن روسيا خرقت معاهدة التخلص من الصواريخ القصيرة و المتوسطة بنشرها صواريخ مجنحة في قواعد أرضية، كأن الولايات المتحدة ملتزمة بشروط المعاهدة “المقدسة“!
إتهامات ليست جديدة، و لا تعدو كونها إدعآت فارغة من المضمون و تخلو من البرهان. إلا أن التوقيت مثير للشبهة خصوصا بعد تأكد خبراء من نوايا الولايات المتحدة نشر منظومات متوسطة و قصيرة في قواعد تحتلها في سوريا أو على أراضي حلفائها إنطلاقا من مقولة تأسيس ناتو عربي شرق أوسطي .
على مر أعوام طويلة، لم تقدم الولايات المتحدة أية معطيات موضوعية أو براهين وازنة تدعم إدعآتها كما إضطرت سابقا الى سحب إتهاماتها لوضوح عدم صحتها.
حديث هاريس بشكل خاص يدور حول منظومة الصواريخ الباليستية الروسية الجديدة العابرة للقارات أر أس 26 العاملة ضمن القوات الصاروخية الإستراتيجية لكن عينه على الكاليبر و اسكندر و الاس ٤٠٠ و غيرها. ففي بادي الأمر إعتبرت الولايات المتحدة أن أر اس ٢٦ صاروخا متوسط المدى في الوقت الذي يبلغ مداه أكثر من 5500 كلم، الأمر الذي يخرجه من نطاق المعاهدة ، الامر أثبتته روسيا خلال إحدى تجارب الإطلاق ساحبة بذلك كافة الذرائع.
نذكر أن الإتهام بدأ أولا في مقال نشرته النيويورك تايمز الأميركية، بعدها بدأ مسؤولون أميركيون تناول الموضوع و كأن مصدره رسمي موثوق. الملفت في هذا الخصوص أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضع النيويورك تايمز ضمن خانة وسائل إعلام تنشر الأخبار المفبركة الكاذبة! حينها ذكرت الخارجية الروسية بأن كاتب المقالة تميز سابقا بكتابةِ عدد من المقالات نشرت حول نفس الموضوع.
يؤكد الأدميرال هاريس أن بلاده تلتزم طوعا من جانب واحد بتنفيذ بنود المعاهدة و يدعي ان الروس يعيقون تطوير أنظمة تسليح هامة لواشنطن ما يعتبره خرقا للمعاهدة! الكلام منسوب لهاريس. إلا انه على مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية تجمعت لدى روسيا كمية من الأدلة على الخروقات التي قامت بها الولايات المتحدة للمعاهدة المذكورة، مدعومة بالأدلة و الحقائق الدامغة و البراهين الموثقة بخلاف اتهامات واشنطن الكاذبة.
في الشكل يدعو الأدميرال الأميركي للعودة الى مناقشة تنفيذ المعاهدة عندما يتم خرقها من طرفٍ، ما يخلق مخاطر غير متوازنة على حدِ قوله. لكن في الواقع روسيا هي الَتِي دعت و تدعو لمناقشة تطبيق المعاهدة بشكل عملي و ليس بواسطة تراشق الإتصالات الدبلوماسية. المعاهدة تنص على وجود لجنة مراقبة خاصة تراقب عملية التنفيذ و روسيا تسعى لتفعيل عمل تلك اللجنة. في العام 2003 عطلت الولايات المتحدة من جانب واحد عمل اللجنة و يرى الخبراء العسكريون الروس المراقبون أن الولايات المتحدة أقدمت على تعطيل عمل لجنة المراقبة بسبب وضوح الحجج المتراكمة إما في فضح عدم صحة اتهامات أميركية أو في إتهامات دامغة لواشنطن المخلة ببنود المعاهدة. و لم يخلص إجتماع اللجنة الثلاثون إلى أية نتيجة بإنعقاده بعد طول إنقطاع في أواخر العام الماضي ٢٠١٦. كما أن الجانب الأميركي لم يتمكن من تقديم أية معلومات واضحة حول ما وصفها خروقات روسية.
في شهر نيسان من العام الحالي 2017 أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أن اتهامات الولايات المتحدة لا تملك ما يكفي من الأدلة فهم يتهمون روسيا دون تقديم دليل و حول مستقبل المعاهدة أشار ريابكوف إلى أن من يجب أن يُسأل هو الجانب الأميركي.
و تشير معطيات مراقبة إلى نية أميركية لإثارة هذه التهمة مجددا و إستغلالها ضمن مشروعها لتوسيع الناتو الإقليمي و إفتتاح فرعه العربي تنفيذا لأهداف الهيمنة الجيوسياسية.
و تؤكد روسيا إستعدادها لمواصلة البحث العملي في الموضوع إن قدمت واشنطن ما يدعم إتهاماتها.
و تجدر الإشارة إلى أن نوعية التسليح الأميركي في منطقتنا تشمل صواريخ تمنع المعاهدة نشرها تدعي واشنطن انها ضرورية لها و لحلفائها في مكافحة الارهاب!
و الخشية ان تنشرها واشنطن في قواعد إحتلالها في سوريا أو في تركيا و الأردن و السعودية و الإمارات.