بقلم غالب قنديل

حقيقة اﻹنجاز السوري التاريخي

غالب قنديل

يتأخر لبنان الرسمي عن ركب اﻷحداث المتسارعة في جواره القريب والتي تبدل في التوازنات والمعادﻻت فنجاح القرار الوطني السوري بكسر الخط اﻷحمر اﻷميركي وسائر انجازات الجيش العربي السوري والحشد الشعبي العراقي في البلدين الجارين والشقيقين وكذلك حاصل تقطيع أوصال مناطق سيطرة داعش في سورية والعراق جميعها مؤشرات على دخول المنطقة برمتها في مرحلة جديدة .

وﻻ تعفي مشاركة حزب الله في صنع هذا التحول النوعي اي جهة لبنانية أخرى من مسؤولية التصرف بعقلية جديدة فمن أبرز مؤشرات المرحلة أن الوﻻيات المتحدة بجلالها وجبروتها وغطرستها ارغمت على الرضوخ أمام اﻹرادة الوطنية السورية السيادية الحرة وان القيادة السورية التي وضعت خطة فتح الحدود بين البلدين وكسرت التخطيط الاميركي لفرض خطوط حمراء حول حركة الدولة الوطنية السورية لتحرير ارضها من سيطرة اﻹرهابيين والمرتزقة الذين استحضرهم اﻷميركي حتى آخر شبر هي التي بادرت لفرض واقع استراتيجي جديد وأنشأت بيئة ميدانية وسياسية قادت إلى انحياز الحليفين الروسي واﻹيراني لحقها السيادي الخالص الذي فرضته قواتها المسلحة ومعها بعض الوحدات الحليفة المساندة وﻻسيما من حزب الله وكما رضخ اﻷميركيون وتعايشوا مع مبادرات الحشد الشعبي العراقي التي سعوا إلى منعها وعرقلتها بجميع الوسائل رضخوا وخضعوا لحقيقة مبادرة الجيش العربي السوري وحلفائه التي كسرت خطوطهم الحمراء المزعومة وهم عاجزون عن قلب الواقع الجديد الذي فرضته القيادة السورية ومزقت به كيان داعش الذي سورته الخطوط اﻷميركية الحمراء بالغارات اﻷميركية الصهيونية التي استهدفت الجيش العربي السوري وحزب الله.

سقطت بالتجربة جميع المزاعم واﻷكاذيب المبنية على خرافة القدر اﻷميركي واﻻتفاقات الدولية المزعومة وكل ما روج عمدا عن مؤامرات وخطط التقاسم العالمي التي حاول أصحابها غير مرة النيل من المصداقيتين اﻹيرانية والروسية في دعم الشريك والحليف اﻻستراتيجي الرئيسي الذي هو الدولة الوطنية السورية ورئيسها المقاوم الصلب والعنيد في الدفاع عن بلاده وسيادتها ودورها.

سقطت خرافة القوة اﻷميركية الحاضرة لرسم خرائط جديدة وأخرق وجاهل وتافه من يهمل حقيقة ان داعش هي اختراع اميركي سعودي قطري تركي لإنشاء منطقة عازلة شاسعة في الجغرافية السورية والعراقية بقدرة كيان عسكري تكفيري يستنزف سورية والعراق ويصدر شبكات التكفير واﻹرهاب إلى حيث تدعو حاجة مشاريع الهيمنة اﻷميركية على العالم وقد قوبل ظهورها باحتفاﻻت خليجية عثمانية وبزفة وضجيج ابتهاج سيطر على معظم وسائل الدعاية في المنطقة ﻷشهر وقد برهنت التجربة على أن كذبة القتال للقضاء على داعش التي رددها قادة أميركيون وغربيون منذ خطاب أوباما الشهير كانت تضليلا ولم تتخط حدود العمل للتخلص من خطر مجموعات قد تخرج عن السيطرة لتهدد أمن دول الناتو والنظامين التابعين في الجوار الجغرافي ﻻنتشارها المملكتان السعودية واﻷردنية وسلطنة أردوغان.

لقد كشفت التطورات أن مهمة تحالف أوباما كانت اعتراض مبادرات عراقية وسورية جدية وحازمة للتخلص من داعش التي لم ترد واشنطن غير منعها من” الخروج عن السيطرة” اي إبقاءها في خدمة الخطط اﻻستعمارية الصهيونية لتمزيق المنطقة ولشيطنة اﻹسلام ولتعويض عجز العدو الصهيوني وانكسار هيبته امام المقاومة ومحورها.

اﻹرادة الوطنية السورية الحرة أطلقت مسارا جديدا في قلب معادﻻت المنطقة تخشاه القيادة الصهيونية التي تفهم مغزاه وقد قابلته بهستيريا شديدة في اﻷيام اﻷخيرة لجهة انعكاساته على الصراع بين محور المقاومة من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى وهذا تطور كبير ﻻ تعوضه أي منشطات لعمل مجموعة شرم الشيخ الصهيونية العربية المشتركة التي قادت الحروب اﻷميركية الفاشلة ضد محور المقاومة وحتى لو فتحت سفارات صهيونية جديدة في عواصم بعض الممالك والمشيخات.

هذا التحول يثير رعب القادة الصهاينة لكونه تعبيرا عن مسار انتصار سورية وقائدها المقاوم ونهجه التحرري ومصدر انعاش استراتيجي للمقاومة واﻻنتفاضة في فلسطين المحتلة والصهاينة هم من كانوا منذ مطلع القرن العشرين وراء الربط التاريخي بين التخطيط ﻻغتصاب فلسطين والخطط اﻻستعمارية البريطانية والفرنسية ومن ثم اﻷميركية لمنع الترابط العراقي السوري وهذا سر ذعرهم اليوم مع وجود قوى شعبية حية في المثلث اللبناني السوري العراقي تلتقي على اعتناق فكرة المقاومة وتؤمن بها بفعل التجربة كقوة حامية ومدافعة كما تعي محورية الكيان الصهيوني في تهديد بلدانها وحياتها وفي توليد ودعم وحوش التكفير العابرة للحدود.

مصادر الخشية الصهيونية من نهوض محور المقاومة كثيرة ووجودية فكيان العدو أول من يعرف ويقرأ في نتائج المبادرة الشجاعة للجيش العربي السوري والحشد الشعبي العراقي اللذين سيكون التقاؤهما عرسا قوميا هو اﻷول من نوعه بعد زمن الخيبات الطويل والمقيت الحافل بالمذابح وبغصات كثيرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى