شؤون لبنانية

الشيوعي: الدفاع عن الضمان الاجتماعي وتعزيزه، أحد مهام بناء الدولة الديمقراطية

 

يرى الحزب الشيوعي اللبناني، انطلاقاً من تمسكه بمشروع النسبية خارج القيد الطائفي والدائرة الواحدة، أن يؤكد على أهمية توحيد قوى حالة الاعتراض الديمقراطي لتصعيد المواجهة السياسية ضد مشاريع القوانين الانتخابية، بما فيها المشروع الانتخابي الأخير المقترح من قبل أطراف السلطة،

كما يرى من جهة أخرى، ضرورة تصعيد المواجهة الشعبية والنقابية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمالية ضد ما يطرح في الموازنة العامة من مواد قانونية تستهدف الضمان الاجتماعي على وجه الخصوص، فالمواجهة كانت وستبقى واحدة لا تتجزأ من أجل بناء الدولة العلمانية الديمقراطية.

إنّ محاولة الحكومة تمرير المواد المقترحة في مشروع الموازنة لعام 2017 المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ليست بجديدة، فهي تأتي إحياء للمحاولات السابقة والمستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً لتصفية هذه المؤسسة الوطنية والاجتماعية كي تحل شركات التأمين بديلاً عنها، وبالتالي الإجهاز على أحد أهم المكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة وحركتها النقابية في نضالها لبناء الدولة الديمقراطية.

وما يؤكد هذا الأمر، هو طبيعة هذه الإجراءات التي تستهدف إلغاء النظام الحالي للضمان الاجتماعي القائم على التكافل والتضامن الاجتماعيين ــ المموّل من قبل الدولة بمساهمة مالية نسبتها 25 % من كلفة الضمان الصحي، ومن العمال وأرباب العمل ــ تمهيداً للانتقال إلى نظام آخر ترسملي يعفي الدولة من مساهمتها المالية ومن تغطيتها لديمومة عمله، ويحمّل العمّال والموظفين أعباء كلفة خدماتهم الصحية والاجتماعية من خلال مدخراتهم التي ستخضع لتقلبات الأسواق المالية ما يهدّد الأمان الصحي والاجتماعي لكل المستفيدين من هذه المؤسسة

إنّ هذه الاجراءات هي فعلياً إجراءات تهدف إلى إعفاء المؤسسات الرأسمالية من متوجباتها وتطال أيضاً ما هو أبعد من الضمان الاجتماعي لترتبط بالنظام الضريبي المشجع للريع وزيادة الثروة والأرباح، وبمسألة الديون العامة وسياسة السلطة التي تعتمد الكيل بمكيالين: مكيال إلتزامها الصارم بتسديد ديونها للمصارف المحلية والأجنبية البالغ نسبتها 35% من الموازنة العامة سنوياً، خدمة للدين العام وسياسة الهدر والفساد، ومكيال عدم تسديد الديون المترتبة عليها لصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

إنطلاقاً من ذلك نقول ان الضمان الاجتماعي في خطر، بسبب من هذه السياسات الاقتصادية النيولبرالية الهادفة إلى تصفيته عن سابق تصور وتصميم، وهي استمرار لمحاولة تفكيك دولة الرعاية الاجتماعية خدمة لمصالح قوى الرأسمال. وإن السلطة السياسية هي المسؤولة عن هذه السياسة عبر الإجراءات الملموسة التي عكست وتعكس هذه السياسات ومنها:

امتناعها منذ سنوات عن دفع ديونها المستحقة للصندوق والبالغة 1881 مليار ل.ل، والتي أوصلت صندوقي المرض والأمومة والتعويضات العائلية الى حال من العجز المالي المتراكم الذي يتم تغطيته بصورة مخالفة للقانون عبر الإقتطاع الأرعن من الفائض الدفتري المتراكم في فرع تعويضات نهاية الخدمة، الذي أصبح مهددا أيضا بالخطر جراء تمويله لكل الصناديق.

محاولتها اليوم عبر المادة 67 من الموازنة إعفائها من الفائدة 5% عن هذه الديون،

محاولتها إعفاء الشركات والمؤسسات من موجب الحصول على براءة الذمة من الصندوق (المادتين 51 و53)، ما يشجعها على التلكؤ عن دفع مستحقاتها، فهاتان المادتان ينبغي إلغاؤهما في الجلسة العامة وليس فقط في لجنة المال النيابية،

محاولتها في المادة 54 من مشروع الموازنة إعفاء الشركات والمؤسسات من تسديد اشتراكاتها للصندوق عن الموظفين الجدد بذريعة تحفيز تشغيل اللبنانيين بدلاً من الأجانب، في حين المطلوب معالجة معضلة الاقتصاد اللبناني الأساسية في عدم إنتاجه لوظائف كافية ولائقة للقوى العاملة اللبنانية بدلا من اللجوء الى كسر قانون الضمان الاجتماعي والتلاعب بماليته ونهب أمواله.

إن الحزب الشيوعي اللبناني إذ يرفض هذه المواد ويدعو للتحرك من أجل الغائها فإنه يدعو بالمقابل الحركة الشعبية والنقابية إلى رفض هذه المواد والتحرك لإلغائها لأنها تهدّد البقية الباقية من حقوق ومصالح العمال والأجراء، بوحي من سياسات التحاصص والتوجهات النيولبرالية. كما يدعو إلى تشديد الضغط المنظم من أجل تنفيذ إصلاح من نوع آخر للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قوامه تحرير هذا المرفق العام من قبضة التشكيلات الطائفية المتحاصصة عبر: الحفاظ بداية على كرامة المضمونين، وتوسيع وتطوير التغطية الصحية والاجتماعية (وصولاً إلى إقرار برنامج وطني شامل للتغطية الصحية)، ومكافحة عدم التصريح عن العمال والأجراء المكتومين، وإنجاز عملية المكننة والتطوير الإداري، واستبدال نظام تعويضات نهاية الخدمة بنظام وطني للتقاعد والحماية الاجتماعية (في القطاع الخاص)، وتخفيض النفقات الإدارية كنسبة من إجمالي قيمة التقديمات، وإستحداث نظام لضمان البطالة، وتطبيق باقي الفروع المجمد العمل بها، ومنها فرع طوارئ العمل وضمان الشيخوخة وغير ذلك من إجراءات.

بيروت في 5/6/2017

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى