بقلم غالب قنديل

الطائف والعلاقة مع سورية

غالب قنديل

يستمر موضوع العلاقات اللبنانية السورية معلقا ولا تتخذ السلطات اللبنانية أي خطوات او مبادرات على طريق إحياء العلاقات التي تقتضيها مصالح حيوية لبنانية اقتصادية وأمنية وعسكرية وإنسانية ليست محصورة بتداعيات النزوح السوري او بتفاعلات المعركة الواحدة ضد عصابات الإرهاب التكفيري وما تقتضيه من تنسيق وعمل مشترك بين الدولتين والجيشين والمؤسسات الأمنية في البلدين.

أولا يدور كلام كثير بمناسبة النقاش في قانون الانتخاب عن استرجاع نصوص اتفاق الطائف واعتبارها قاعدة حاسمة في التعامل مع التفاصيل الخاصة بالقانون من عدد النواب إلى حجم الدوائر وموعد اعتماد النظام النسبي لانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وتأسيس مجلس للشيوخ مع ما يقتضيه من نصوص دستورية ترسي تكوين السلطة التشريعية على أساس نظام المجلسين وتوزع الصلاحيات بينهما منفردين ومجتمعين.

كل هذا النقاش سليم ومهم للغاية ومنطقي وميثاقي ويفترض التعامل معه بانفتاح وإيجابية لطي صفحة الهواجس والشكاوى ذات الطابع الطائفي الموروثة عن مرحلة التطبيق الأشوه للاتفاق التي تضمنت التباسات وخلفت ندوبا كثيرة ولدها المشروع السياسي الإعماري الذي أكل الأخضر واليابس في البلد وانطوى على شبهة اضطهاد طائفي وسياسي وكان يشمل جميع الأطراف التي اعترضت طريق هذا المشروع لاعتبارات وأسباب مختلفة ومن جميع الطوائف وينبغي التذكير بأن من تصدروا خط الاعتراض كان من بينهم الرئيس الراحل عمر كرامي والرئيس سليم الحص والنواب زاهر الخطيب وأسامة سعد ونجاح واكيم وألبير منصور وآخرون وقد كان حزب الله جزءا من معسكر الاعتراض هذا خصوصا في القضايا الاجتماعية والاقتصادية ولم تخل تلك الحقبة من اختلافات خطيرة حول المقاومة ودورها.

ثانيا إن ركنا رئيسيا في اتفاق الطائف كان معادلا للشق الإصلاحي والميثاقي في الأهمية والقيمة هو مفهوم العلاقات المميزة بين سورية ولبنان التي نص الاتفاق عليها بصراحة وبوضوح وهو امر لا يمكن شطبه من الذاكرة التاريخية والميثاقية بدافع من حقد او تورط في الخطط الاستعمارية الصهيونية للنيل من سورية كما هو حال اطراف سياسية يتقدمها حزبا القوات والمستقبل.

نعرف الموقف المبدئي للتيار الوطني الحر من هذا الملف ونذكر جيدا كلمات الرئيس ميشال عون المميزة بشأنه منذ عودته إلى لبنان وزيارته إلى سورية ولكن ندعو للالتفات إلى اهمية اتخاذ خطوات جدية على هذا الصعيد وعدم المبالغة في مسايرة الضغوط الأميركية والسعودية التي تعترض طريق الانفتاح على إيران وسورية وملاقاة المواقف الإيجابية والفرص الكبيرة التي تتيحها علاقات الأخوة بين لبنان وهذين البلدين الشقيقين وبعد الجولة العربية للرئيس عون كان متوقعا انطلاق اتصالات تمهد لزيارات تشمل إيران وروسيا وسورية تحقيقا لتوازن الدور والمصالح اللبنانية الحيوية.

ثالثا إن الطريقة التي تدار بها اليوم سائر وجوه العلاقة اللبنانية السورية هي من خارج اتفاق الطائف على الرغم من إلحاح المشاكل التي تستدعي معالجة مشتركة وتتطلب بالتالي مبادرات لبنانية في مستوى التحديات والامر يطرح نفسه على صعيد دبلوماسي واقتصادي وامني وعسكري ويستدعي مناقشة في مجلس الوزراء واتخاذ القرارات المناسبة.

ثمة محاولة لجعل الاسترضاء المستمر للمملكة السعودية والإدارة الأميركية سلوكا منهجيا وقيدا على أي مبادرات لبنانية مستقلة اتجاه التكتل الشرقي الكبير الذي يضم سورية وإيران وروسيا والصين او اتجاه دولة عربية شريكة له هي العراق الذي تربطه صلات وثيقة بواشنطن رغم حلفه المتقدم مع سورية وإيران.

تلك المحاولة هي فخ منصوب لعهد الرئيس ميشال عون وللبنان وهي تعاكس المصالح اللبنانية الحيوية والمصيرية وما نتوقعه من الرئيس عون هو كسر الحواجز المصطنعة والتحرك وفقا لأولويات المصلحة اللبنانية وإسكات أبواق الابتزاز بالبعد الميثاقي للعلاقات المميزة وبالتوازن في العلاقات الخارجية بعيدا عن المحاور فما يجري حتى اليوم هو تمتين للعلاقة اللبنانية بمحور واحد هو المحور الأميركي السعودي الذي لا يحترم السيادة كما لا يحترم مكانة الرئيس المعنوية والوطنية عرفا ونصا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى