بقلم غالب قنديل

تركيا وقطر في الميزان السوري

غالب قنديل

تذكر الأجواء الإقليمية الراهنة بما شهدناه خلال حرب تموز من مواقف قطرية وتركية أعد بها فخ خطير لمحور المقاومة بجميع اطرافه بينما انفضح بعد خمس سنوات من ذلك العام مدى التدبير الأميركي لتصنيع مشهدي أردوغان وحمد خلال الحرب الصهيونية في سياق خطة العدوان على سورية للتخلص من محور المقاومة بضرب ركيزته عندما فشل قادة الحكم في الدوحة واسطنبول بغواية الرئيس المقاوم بشار الأسد وزحزته لضرب الحلف السوري الإيراني وإضعاف المقاومة وفقا لخطة اميركية فشلت واستحضرت على طاولتهم خطة الحرب بالوكالة التي ادارها بترايوس من واشنطن ومن اسطنبول والدوحة وعمان والرياض وكانت كل من قطر وتركيا الأشد نشاطا في خوضها بكل الوسائل ولا تنسى بصماتهما في مؤامرة تدمير سورية منذ البداية إلى اليوم.

بعد هزيمة الخطة الاستعمارية وفشل الرهانات القطرية والتركية وبفعل حجم الوثائق والوقائع المتوافرة لدى محور المقاومة عن مدى مسؤولية قطر وتركيا عن المجازر والجرائم التكفيرية الإرهابية تجري محاولة حثيثة لتجميل صورة هذين الحكمين من خلال اختلاف قطري سعودي له جذوره لكنه لا يعدو كونه سباقا وتنافسا في قلب منظومة الهيمنة الأميركية الصهيونية في المنطقة او عبر المبالغة في تصوير الخضوع التركي للمعادلات القاهرة من خلال التنسيق مع روسيا وإيران لحماية ما تبقى من عصابات عميلة دربتها المخابرات التركية وادارتها في العدوان على سورية وبعد فشل محاولات الدوحة واسطنبول لتبييض معة جماعة الأخوان وعصابة القاعدة المتمثلة بجبهة النصرة وتمرير المخادعة بتحويلهما فريقا مفاوضا لنسف أي حل سياسي وطني في سورية لصالح الهيمنة الأميركية الصهيونية على المنطقة.

من الضروري الاعتبار من التجربة السابقة وعدم اللهاث بالشعارات وبالمواقف الانبهارية والترويجية خلف الخداع التركي القطري الجديد فذلك سلوك مشبوه بينما العبرة الرئيسية هي في تبعية هذين الحكمين للسيد الأميركي وفي علاقاتهما المتجددة مع الكيان الصهيوني وما من وقائع تدعو إلى التشكيك في ذلك فكل حركة وكل خطوة قطرية او تركية يسبقها التوجيه الأميركي والموافقة المسبقة من واشنطن وواهم من يظن غير ذلك وليس في تكوين النظامين وتاريخهما ما يدعو إلى اتهامهما بنزوع استقلالي خارج الهيمنة الأميركية والمشيئة الأميركية وعبرة التجربة السوداء والمرة كالعلقم ما تزال جروحا عميقة في الجسد السوري العزيز الذي أثخنته مؤامرة تركية قطرية صهيونية بالشراكة مع النظام السعودي وبقيادة الإمبراطورية الأميركية وحلف الناتو .

الهزيمة الكبرى للخطة الاستعمارية بفضل تضحيات سورية شعبها وجيشها وقيادتها ورئيسها البطل مع شركائها إيران وحزب الله وحليفها الروسي الكبير وبدعم صيني معلن، تلك الهزيمة تولد ميلا طبيعيا عند اطراف المخطط للقيام بمناورات تهدف إلى خفض حصصهم الخاصة من الهزيمة وذلك لا يعني أي مراجعة جذرية للخيارات الكبرى ويقينا كما دبر التخطيط الأميركي مناورة تركية قطرية لإطلاق العدوان فهو يجيز مناورة قطرية تركية جديدة لحصر أضرار هزيمة العدوان ولحماية بعض ادواته لأدوار مستقبلية.

في الدوحة واسطنبول حكومتان مجرمتان ودولتان تابعتان للاستعمار الأميركي الصهيوني في المنطقة وكل خطوة تتخذانها يجب ان تستدعي السؤال عن الغاية الأميركية منها كما أشار الرئيس بشار الأسد غير مرة وفي حصيلة خبرته ومعرفته وتجربته القيادية النوعية وهو اكد دائما ان التفاوض مع الخصم الأميركي اجدى من هدر الوقت في الكلام مع العملاء والأتباع الصغار وثمة الكثير من التجربة وحكمتها في تحفظ اللغة الرسمية السورية راهنا وعدم تبنيها لأي مبالغات متفائلة حول السلوكيات القطرية والتركية فالأمر متروك لاختبارات تديرها كل من روسيا وإيران بثقة سورية قوية والعبرة في رضوخ اسطنبول والدوحة لدفتر الشروط السوري الذي لا براءة ذمة معه للمتورطين فلذلك شروط اخرى كثيرة ومعقدة أهمها موقف الشعب العربي السوري كما يكرر الرئيس الأسد منذ البداية.

بعد الزلزال لا فرص جديدة بل لوائح التزامات قاسية لاختبار الجدية في التراجع بشروط سورية وحلفائها الكبار ولا براءة ذمة فحساب الدماء والخراب مفتوح ولا يغلق بتصريح او بيان وهو ما ينطبق على جميع المتآمرين الذين قد يتراجعون من العرب والأجانب وهم سيتزايدون في المرحلة المقبلة تنصلا من تبعات الهزيمة الشنيعة وارتدادها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى