مقالات مختارة

زيارات ترامب الخارجية امتداد حملته الانتخابية حميدي العبدالله

 

واضح أنّ تصرفات الرئيس الأميركي دونالد تارمب لا تزال محكومة بهاجس منعه من المكوث في البيت الأبيض والعمل على عزله على الرغم من مرور حوالي خمسة أشهر على تقلّده منصبه دستورياً وحلف اليمين كرئيس للولايات المتحدة .

الحملات ضدّ ترامب لم تهدأ، والسعي لعزله مستمرّ على أكثر من صعيد، وهدف الحملات الوصول إلى واحد من هدفين، الأول استخدام فزاعة العزل لإرغامه على الامتثال لمطالب النخبة الحاكمة التقليدية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذي جاء فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية على الرغم من معارضتها له. الهدف الثاني عزله فعلياً على غرار ما حصل مع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون.

واضح أنّ الرئيس الأميركي ترامب لا يمتلك هامشاً واسعاً من المناورة في مواجهة هذه الضغوط، لأنّ غالبية مؤسسات الدولة الأميركية خاضعة لنفوذ وهيمنة النخبة التقليدية الجمهورية والديمقراطية، كذلك لا يستطيع فرض ما يشاء بقوة الناخبين، لأنّ دور الناخبين انتهى بعد انتهاء الانتخابات.

واضح أيضاً أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجأ إلى الأوراق والشعارات التي رفعها أثناء حملته الانتخابية لصدّ الضغوط التي يتعرّض لها ومنع خصومه من إرغامه على الاستقالة، أيّ إفشال مخطط عزله.

زياراته الأخيرة الخارجية تسعى لتحقيق هذا الهدف. زيارته للسعودية هدفها القول إنه لم يتراجع عن وعوده الانتخابية، لا سيما لجهة أنّ على السعودية ودول الخليج أن تدفع أكثر لقاء الحماية التي تقدّمها لها واشنطن، وهجومه على الإرهاب ومطالبة هذه الحكومات القيام بدورها لمحاربته، ولا شك أنّ هذا يرضي أنصاره الذين صوّتوا له في الانتخابات الأخيرة.

أما حصوله على أكثر من 400 مليار دولار، عقود عسكرية واستثمارية، في السعودية وحدها، فهو يصبّ في مصلحة الشركات الأميركية الكبرى التي لها كلمة الفصل لدى عناصر النخبة الحاكمة الأميركية، وبالتالي رهانه معقود أن تقف إلى جانبه هذه الشركات وتدعمه في معركة عزله لما جلب لها من منافع فشلت النخب السابقة في الحصول عليها.

أما زيارته للكيان الصهيوني، فمن المعروف أنّ نفوذ هذا الكيان على النخب الحاكمة نفوذاً هائلاً، وبالتالي من خلال إرضاء تل أبيب يضمن وقوفها إلى جانبه، وهو سعى إلى إرضائها بتأجيج الحملة العدائية ضدّ إيران في قمم الرياض، والحصول على وعد بتطور العلاقات بين الحكومات الخليجية والكيان الصهيوني.

في ضوء كلّ ما تقدّم يمكن القول إنّ زيارات ترامب الخارجية صمّمت لتثبيت بقائه في البيت الأبيض، وهي تختلف في التوقيت والأهداف عن زيارات أسلافه، ولهذا هي امتداد لحملته الانتخابية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى