السلام بين اسرائيل ومصر والاردن أسهل كثيرا من السلام مع الفلسطينيين: موشيه آرنس
رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب يصل الى اسرائيل مع رواية جيدة وهي صنع السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وهو يسمي ذلك “الصفقة الأفضل”. ولماذا لا؟ كل طرف يتنازل قليلا ويتم تحقيق المهمة. هكذا يتم الأمر في عالم الاعمال. إلا أن الكثيرين حاولوا ذلك على مدى السنين ولكن بدون نجاح. من هذا يمكننا أن نفهم بأن هناك اسباب عميقة تجعل هذه الصفقة غير ممكنة تقريبا. ليس من الصعب معرفة هذه الاسباب، وعندما يدركها ترامب قد يتوصل الى استنتاج أنه للأسف الشديد، حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني لا يوجد في الوقت الحالي في الأفق .
ما هي هذه الاسباب؟ لماذا نجحت اسرائيل في التوقيع على اتفاق السلام مع مصر والاردن، ومع مرور الوقت آمنت بأنه يمكن تحقيق اتفاق سلام مع سوريا ايضا، لكن مع الفلسطينيين لا؟ لماذا الصراع الاسرائيلي الفلسطيني مختلف الى هذه الدرجة؟.
تعالوا نقوم بفحص اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر. اولا، الاتفاق احتاج الى اربع حروب والى انتصار اسرائيل الكبير في حرب يوم الغفران كي يتحقق. ثانيا، الصراع بين الدولتين كان جغرافيا بالدرجة الاولى. فمصر كانت مصممة على استعادة سيناء، وهي المنطقة التي فقدتها في الحرب التي هاجمت فيها اسرائيل. ثالثا، اسرائيل كانت مستعدة للاستجابة لطلب مصر شريطة أن تكون سيناء منزوعة من السلاح. وقد وافقت مصر وانتشرت قوات دولية في سيناء لضمان تنفيذ هذا الشرط. وهكذا استطاعت اسرائيل الشعور بالأمن بعد انسحابها من سيناء. والسبب الرابع وهو الأهم، كانت حاجة الى قرار شخص واحد في مصر هو أنور السادات، الذي كانت له صلاحيات الديكتاتور، من اجل التوقيع على الاتفاق وتطبيق شروطه. وهذا بالتأكيد مكّن من تحقيق الاتفاق.
الأمر مع الاردن كان أسهل من ذلك. فبعد فك الارتباط عن الاردن والمنطقة التي ضمها الاردن بعد الهجوم على اسرائيل في 1948، لم يكن بين اسرائيل والاردن أي صراع جغرافي. وكانت للملك حسين جميع الصلاحيات المطلوبة. وبعد توقيع اتفاق اوسلو مع م.ت.ف كان مستعدا للانفصال عن العالم العربي والذهاب في اعقاب مصر والتوقيع على اتفاق سلام مع اسرائيل. كان يمكن الاعتماد عليه لمنع خروج العمليات الارهابية من الاردن ضد اسرائيل، والحفاظ على أمن اسرائيل في الحدود.
لقد اعتقد اسحق رابين واهود باراك أن الاتفاق مع مصر سيشكل نموذجا لاتفاق مشابه مع سوريا. المنطقة التي فقدت سوريا سيطرتها عليها في اعقاب الهجوم على اسرائيل ستُعاد اليها وتكون منزوعة السلاح، ويمكن الاعتماد على الديكتاتور السوري حافظ الاسد في تطبيق الاتفاق والحفاظ على الهدوء في الحدود. ولكن خلال بضع سنوات تبين أنه لا يوجد من يمكن الاعتماد عليه في سوريا، وتنفس الجميع الصعداء بسبب عدم التوقيع على الاتفاق، الذي كان قريبا جدا.
الصراع مع الفلسطينيين أكثر تعقيدا، حيث يدور حول الارض. صحيح أنه من بين طلبات محمود عباس الكثيرة، استعادة المناطق التي توجد في شرق خط وقف اطلاق النار للعام 1949 كي تكون اراضي الدولة الفلسطينية. ولكن فلسطينيون كثيرون يعتقدون أن اسرائيل كلها يجب أن تكون مع مرور الوقت تحت السيادة الفلسطينية. بكلمات اخرى، مبدأ وجود اسرائيل مشكوك فيه. وطلب عباس الذي لا رجعة عنه، أي اعادة اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، الذين غادروا بيوتهم اثناء الهجوم العربي على اسرائيل في العام 1948، هو عمليا طلب القضاء على دولة اسرائيل.
لا توجد لمحمود عباس الصلاحيات والقدرة على تطبيق الاتفاق اذا تم التوقيع عليه، أو منع العمليات الارهابية ضد اسرائيل من المناطق التي توجد تحت سيطرته. وفي الوقت الحالي لا يبدو أن هناك حل للصراع في الأفق.
هآرتس