مقالات مختارة

ترامب رئيس فاشل وغير مجرب يقع في كل خطأ ممكن: ناحوم برنيع

 

تصوروا أن يكون اركادي غايدمك، الثري الذي يطير على نفسه كان انتخب لرئاسة وزراء اسرائيل. الـ 120 يوما الاولى من حكمه كانت ستوفر للاسرائيليين الكثير من العناوين الرئيسة، وفرة من الفضائح المحرجة والقليل جدا من العمل .

دونالد ترامب هو أركادي غايدمك مع غرة. حياته المهنية في عالم التجارة جعلته ملياردير، ولكنها لم تعلمه شيئا عما هو مطلوب من زعيم وطني. ليس لديه فكرة: لم يكن لديه فكرة حين تنافس على المنصب الاهم في العالم. لم تكن لديه فكرة حين دخل الى البيت الابيض وليس لديه فكرة اليوم بعد 120 يوما من ولايته. “مثله كمثل ولد ابن سبعة”، كتب عنه هذا الاسبوع ديفيد بروكس، كاتب رأي، محافظ من “نيويورك تايمز″. ردود فعل القراء لم تتأخر. فقد احتجوا على اهانة الكاتب للاطفال.

ينطلق ترامب اليوم الى رحلته الاولى خارج الولايات المتحدة. وتجري هذه الرحلة في ظل التحقيق الذي فتح ضده في القضية الروسية. ليس واضحا بعد اذا كان في هذه القضية جوانب سياسية وهل كان ترامب متورطا فيها شخصيا، ولكن للتحقيقات آلية خاصة بها: فهي تشل الحكومات بمجرد وجودها.

لقد وقع ترامب في كل الحفر الممكنة. ليس خصومه هم الذين افشلوه: هو الذي أفشل نفسه. فقد اخطأ عندما عين الجنرال فلين مستشارا للامن القومي رغم أنه حذر من أن الرجل مرتبط بالروس؛ واخطأ عندما طلب من رئيس الـ اف.بي.آي كومي اغلاق التحقيق ضد فلين؛ اخطأ عندما اقال كومي وجعله عدوا مريرا؛ اخطأ عندما كذب بشأن دور نائب المدعي العام دافيد روزنشتاين في الاقالة – النائب ذاته الذي عين اول أمس محققا خاصا، مستقلا، من خلف ظهر ترامب؛ واخطأ حين قدم معلومة استخبارية سرية لوزير الخارجية الروسي. كل خطأ لوحده يمكنه أن يعتبر محتملا. اما سلسلة الاخطاء، يضاف اليها عشرات الاخطاء في مواضيع اخرى وأكاذيب وثرثرات صبيانية على التويتر تؤدي بالكثيرين في واشنطن الى الاستنتاج بان ترامب ليس كفؤا لتولي منصبه.

هل سينحى؟ شك كبير. فالطلب الذي قدم الى رئيس الـ اف.بي.آي يمكنه أن يفسر كتشويش للتحقيق وكسبب مشروع لفتح اجراءات التنحية، ولكن سياسيا هذا شبه متعذر. ريغان وكلينتون تصديا لاجراءات التنحية عندما كان اغلبية اعضاء الكونغرس من الحزب الخصم ومع ذلك بقيا في منصبهما. اما ترامب فيستند الى اغلبية جمهورية في المجلسين.

ولكن الجهاز المهني الذي يحيط بالرئيس كف عن الثقة به وهو كف عن الثقة به أيضا. هم سيواصلون التسريب الى وسائل الاعلام كل تصريح مهزوز له، كل ابداء للجهل، كل حدث محرج؛ هم سيفعلون افضل ما يستطيعون لاحباط كل خطوة له، اما هو فسيرغب في أن يقيل كل واحد منهم – ولكن الاقالة، مثلما في حالة كومي، ستعود لتضرب به.

لم يفقد ترامب الناخبين في الاشهر الاربعة هذه، ولكن كلماته فقدت وزنها. قبل اسبوعين قال في مقابلة صحفية انه يفكر بحل المنظومة البنكية الامريكية. مثل هذا القول على لسان رئيس كان سيقلب السوق المالية رأسا على عقب. اما في وول ستريت فهزوا الاكتاف وواصلوا الاحتفال. واول أمس، بالمقابل، عندما عين المحقق الخاص، هبط جدول داو جونز بـ 370 نقطة. فوزارة العدل يأخذها المال بجدية.

اسرائيل ستكون المحطة الثانية في رحلة ترامب، بعد السعودية. السعودية هي في هذه اللحظة مرعية ترامب (والتشديد هو على كلمة “في هذه اللحظة”). في حكومة اسرائيل لم يتمكنوا من فهم هذه الحقيقة، وتلقوا ضربة إثر ضربة.

زيارة ترامب في المبكى هو مثال ممتاز. لم يزر هناك اي رئيس أمريكي، بسبب مشكلة السيادة. من اقترح على رجال ترامب ادخال المبكى الى الجدول الزمني اعتقد أنه بذلك سيثبت سيادة اسرائيل في شرقي القدس. ان لم تكن سفارة، فمبكى على الاقل. رئيس مجرب أكثر سيرفض الفكرة باعتبارات الجدول الزمني. ولكن رجال ترامب نشروا سلسلة من التصريحات التي رفضت حقوق اسرائيل في البلدة القديمة.

ترامب سيكون هنا ليوم واحد، يتوزع بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. سيلتقي سياسيين اثنين، لاعبي قمار اثنين، ممن سيغدقون عليه بالثناء والمديح. ابو مازن سيفوق نتنياهو في تملقه. على كل سؤال لترامب، على كل طلب سيطرحه، سيجيب “نعم”. هذا هو طريقه لضمان المساعدة الامريكية للسلطة والتصعيب على نتنياهو في سياق الطريق. ترامب سيكون الكرة التي سيلقي بها الاثنان الواحد نحو الاخر. عندما سيلتقي ابو مازن ترامب في بيت لحم يمكنه ان يرتدي على شرف اللقاء الفستان الذي عرضته الوزيرة ميري ريغف في مهرجان كان. فقد اختارت ريغف ان تعرض على العالم قبة الصخرة ومواقع اسلامية اخرى في شرقي القدس. القدس اسلامية، هذه هي الرسالة التي بثتها للعالم. ابو مازن يمكنه أن يجعل فستانها جلابية.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى