بقلم غالب قنديل

حزب 17 أيار ما زال موجودا !

غالب قنديل

مرت ذكرى مشؤومة في تاريخ لبنان الحديث ذات يوم من العام 1983 الذي اجاز فيه البرلمان اللبناني توقيع اتفاق 17 أيار مع الكيان الصهيوني الذي كان اتفاق عار واستسلام وإهانة للكرامة الوطنية وخضوع لهيمنة العدو على لبنان بينما كانت قوات الكيان الصهيوني تحتل مساحات واسعة من الأرض اللبنانية وتخوض القوى الوطنية وطلائع شبابية مقاتلة معارك المقاومة ضد الاحتلال بكل بسالة وتتعرض سائر القوى الشعبية والسياسية التي تناهض المحتلين الصهاينة للتنكيل والقمع على يد السلطة اللبنانية الخاضعة للهيمنة.

قد يعتبر البعض هذا التذكر نوعا من نبش الماضي في وجه الرئيس السابق أمين الجميل لوحده لأن الاتفاق حمل بصمته وبصمة عهده وحكمه مع شركائه المسلمين الذين صوتوا بغالبية موصوفة لصالح اتفاق العار في البرلمان بينما كانت المواجهة معقودة اللواء باسم المقاومين والمناضلين الوطنيين في ذلك اليوم للنائب الشجاع والمناضل الرفيق زاهر الخطيب الذي تحدى التهديد بالقتل على درج البرلمان إثر رسالة من الحكم حملها إليه مسؤول امني ليلة الجلسة التي حضرها بعزم الفدائيين مع رفيقه النائب المناضل نجاح واكيم بعدما مر الخطيب إليه في بيته واصطحبه إلى مقر البرلمان المؤقت وقد يخيل إلى البعض ان المقصود بعنوان هذا المقال هو حزب الكتائب بمفرده وهو سار يومها معاكسا إرث الراحل موريس الجميل مؤسس جمعية “كل مواطن خفير” المكرسة لمقاومة التهديد الصهيوني منذ اغتصاب فلسطين لكن للأسف إن الكتائب والرئيس الجميل المصممين حاليا على تبرير تلك المرحلة ليسا الفصيل الأكثر نشاطا والأوسع تأثيرا في حزب 17 أيار الحالي فقد تصدر تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية هذه الجوقة راهنا بينما تراجع دور النائب وليد جنبلاط بعد إمساكه بالدفة خلال السنوات الماضية على عكس ما كان عليه موقفه عام 1983.

تستحق التحية بالمناسبة لرئيس حركة امل ( المحامي نبيه بري آنذاك ) الذي ساهم بقوة في قيادة المقاومة الشعبية والعسكرية للاحتلال وفي الكفاح لإسقاط اتفاق العار عبر انتفاضة السادس من شباط وللرئيس الراحل سليمان فرنجية الذي كان رئيس جبهة الخلاص الوطني وللرئيس الشهيد رشيد كرامي شريكه وحليفه الكبير وللرئيس سليم الحص الذي يستحيل نسيان مواقفه القوية والجريئة وللشهيد مصطفى سعد والشيخ ماهر حمود ولصحيفة السفير التي كانت منبرا لهذا التيار الوطني العريض الذي يصعب حصر جميع اطرافه وشركائه.

حزب 17 أيار في لبنان هو حزب الاستسلام والخضوع للعدو الصهيوني ومعاداة المقاومة التي حققت النصر وانجزت التحرير فالمقصود بالتعبير هو عقلية عقيمة ومنهجية تحكمها التبعية للأجنبي عكس ادعاءاتها وهي تتبنى منطق التنازلات والمساومات مع العدو طلبا للحماية من بطشه وهي حركت سياسة فاشلة منذ النكبة كما برهنت التجارب وحيث يمثل التخلي عن السيادة وتسليم الأمر للمشيئة الأميركية جوهر الموقف والخيار وهذا مازال يشمل مروحة واسعة من القوى والأطراف السياسية اللبنانية النافذة والأساسية والتي برزت موحدة ومتراصة وأشهرت سكاكينها في ظهر المقاومة خلال عدوان تموز 2006 وما تزال تتربص بها بينما كان شريكاها الكبيران حركة امل والتيار الوطني الحر في جبهة شعبية للصمود الوطني تضم سائر القوى الوطنية المقاومة التي ناهضت اتفاق العار.

حزب 17 أيار هو طابور جيفري فيلتمان في لبنان ،العابر للطوائف لأنه نادي العقلية السياسية التي تفترض ان المقاومة هي حركة “مغامرة ومتطرفة” تعرض الوطن للخطر حتى لو اعترف العدو الصهيوني بالعكس تماما وأقر بهزيمته امام حزب الله الذي يلقبه قادة العدو اليوم “حامي لبنان”.

المقاومة هي القوة التي تسور لبنان بمعادلتها الذهبية ، وخصوم معادلة الجيش والشعب والمقاومة هم حزب 17 أيار ، ونهجهم هو نهج التنازلات عن السيادة وعن الكرامة الوطنية وهم من يلعقون عتبات السفارات الاستعمارية في لبنان ويعتقدون ويروجون ان الارتهان للإرادات الدولية والأميركية خصوصا هو السبيل إلى مواجهة العدوانية الصهيونية التي ما تزال تتربص بلبنان وتهدد سيادته وأرضه وثرواته وحقوقه الإقليمية بدلا من امتلاك القوة وتعزيز قدرات المقاومة والجيش اللبناني في الدفاع عن الوطن.

حزب 17 أيار هو التيار السياسي الذي يلهث خلف استرضاء واشنطن والتكيف مع سياساتها وخططها ويلهث مراهنا خلف حروبها وهذا التيار يضم القيادات السياسية اللبنانية التي لم توفر فرصة للتورط في الحرب على سورية ولو على حساب امن بلادها واستقرارها فحولت مناطق نفوذها إلى اوكار لعصابات التكفير كلفت الشعب والجيش والمقاومة تضحيات كبيرة ودماءا عزيزة ولا تزال رغم تقلص بؤر انتشارها نتيجة تلك التضحيات الغالية.

حزب 17 أيار هو الحلف السياسي المستنفر ضد حزب الله وسورية وإيران على النقيض من مصلحة لبنان التاريخية والوقائع العنيدة التي تؤكد انه لولا تضحيات المقاومين الوطنيين من حركة امل وحزب الله وسائر الأحزاب والقوى التقدمية بدعم من سورية وإيران لما تخلص لبنان من الاحتلال الصهيوني.

جبهة 17 أيار العربية والدولية مجسدة راهنا بحلف الحرب على سورية التي يراد إخضاعها للمشيئة الاستعمارية الصهيونية وهو هدف حرك خلال عقود عشرات الجولات والحروب من الداخل والخارج وفي المحيط الإقليمي ضد الدولة العربية التي ظلت صامدة طيلة نصف قرن فلم تذعن ولم تفرط وما تزال تقف بصلابة وتتحدى خطط الهيمنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى