نصرالله صانع أمان لبنان الإقليمي
ناصر قنديل
– في ما يتقاتل الأفرقاء اللبنانيون بتحالفاتهم القديمة والمستجدة، ويقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ناصحاً بتخطي الانقسامات واعتماد الحوار ولغة التسويات، لا ينتبه كثير منهم وهم يتنافسون على تقاسم المقاعد النيابية بين سطور صياغة القانون الجديد للانتخابات، أو يتنافسون على الكعكة الاقتصادية والمالية تحت عناوين تقاذف تهم الفساد ورفع شعارات الإصلاح، أنهم يمتلكون هذا الترف في ممارسة لعبتهم، كمثل بعض الإعلام الذي يتغذّى على مال الخارج، فيجعل سلاح المقاومة هدفاً له، أو يساير هذا السلاح ليبيع سلعة أخرى، أن وراء هذا الاسترزاق، السياسي والمالي والإعلامي، مصدراً، فمن جهة يستمدّ البعض قيمته وأهميته بعيون الخارج، لأنه في البلد ذاته الذي فيه هذه المقاومة التي رسمت خارج قواعد اللعبة المتعارف عليها أمناً إقليمياً ثابتاً لبلدها. ومن جهة مقابلة يستمد الكثيرون راحتهم وترفهم في ممارسة التقاسم المالي والعبث السياسي من أمن إقليمي منحته هذه المقاومة لبلدهم .
– جميعاً يديرون ظهورهم لهذه المقاومة، بعضهم يريدها عصا يقاتل بها الآخرين باسم التحالف، وبعضهم يريدها كتلة تصويت تتحرك غب الطلب، وبعضهم يريدها عنواناً لخصومة يستحوذ على مكانته بسببها لدى خارج متعطش لخنقها، وبعضهم يريدها أن تكون قوية وتصمت فينعم بالأمن ويخرج البلد من دائرة الخطر، وتنفتح فيه أبواب صفقات الكهرباء والنفط والغاز والنفايات، ولا مانع إن كانت شروط مجيء الشركات الأجنبية وأموالها عقوبات تستهدف جمهور هذه المقاومة، وتخرج النظريات والمواعظ عن الواقعية تدعو المقاومة لتفهم قواعد النظام المصرفي العالمي.
– بعيداً من النقاش حول مواقف الأطراف اللبنانية من دور المقاومة في سورية، وإدارتها معادلة الردع مع «إسرائيل»، أعلن السيد نصرالله أمرين جديدين لافتين: الأول نهاية حرب الحدود الشرقية وفتح باب التسويات، والثاني الثقة بسقوط الحرب النفسية «الإسرائيلية» وجدرانها وصولاً للقول للبنانيين تابعوا حياتكم الطبيعية ولا تنشغلوا بما يقوله «الإسرائيليون». وخطر العدوان «الإسرائيلي» والتهديد الإرهابي هما التحديان اللذان يطلب اللبنانيون من أي حكم توفير الإطمئنان بإدارة المعركة معهما، وإذ بالسيد نصرالله من دون أن يكلف الساسة اللبنانيين تغييراً في مواقفهم نحو صياغة بيان وزاري ينصف المقاومة، أو موقف يحمي جمهورها من العقوبات، أو التجرؤ على فتح قناة اتصال حكومية مع الحكومة السورية، يخرج ويعلن أن لا خطر إقليمي على لبنان رغم العواصف العاتية.
– غداً، كما في كل مرة، قد نسمع أصوات نشاز لا تجد في ما قاله السيد نصرالله إلا مبرراً للحديث عن تفرّد بما يفترض أنه من مهام الدولة ويتحدثون عن دولة داخل الدولة. فنضحك ويضحك السيد نصرالله، ونقول في سرنا: هل ثمة مَن في الدولة يريد هذا الدور فعلاً وتقدمت المقاومة لتحلّ مكانها؟ ثم نضحك ونقول إنه العبث والترف اللذان منحتهم إياهما المقاومة فليتنعّموا، وليسترزقوا، المهم أن البلد بخير، وأن ما ليس منه بخير هو ما يقع بين أيدي هؤلاء وعلى عاتقهم، والويل للبنانيين لو كان أمنهم الإقليمي من ضمن مسؤوليات هؤلاء وعهدتهم.