بقلم غالب قنديل

قائد المقاومة : المهمة أنجزت

غالب قنديل

على مسافة أيام من عيد التحرير والمقاومة بدا خطاب السيد حسن نصرالله نسخة جديدة من خطابه في عرس التحرير قبل سبعة عشر عاما : مهمة أخرى مصيرية أنجزت والعبرة لمن يعتبر!.

اولا الكثير من المعاني والرموز تفرض نفسها ليس فحسب لتقارب التواريخ على روزنامة السنوات بل أيضا لأنها المرة الثانية التي يجهر فيها قائد المقاومة بنداء حصاد وفير من الدماء والعرق والتضحيات الغالية : المهمة أنجزت. السيد نصرالله يخاطب شعبه في لبنان غير آبه بجميع الساسة “المثقوبين” الذين يتربصون بالمقاومة وليست قضيتهم معها قضية جدال واقتناع بل هي وظيفة مدفوعة الأجر من الخارج المعروف جيدا.

في 25 أيار 2000 أعلن أمين عام حزب الله أن “المهمة انجزت” بتحرير الأرض دون قيد او شرط وبطرد الغزاة الصهاينة إلى غير رجعة بعد ثمانية عشر عاما من القتال المتواصل بالشراكة مع حركة امل والحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي وسائر الحركات والأحزاب الوطنية التي قدمت مساهمات جليلة في مقاومة الاحتلال الصهيوني وقدمت الشهداء وتتويجا لمسيرة كفاح شاركت بها اجيال من أبناء الجنوب والبقاع ومناطق اخرى من لبنان منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 وفي الخامس عشر من أيار في العام نفسه ويومها كان قائد المقاومة اللبنانية هو الشهيد معروف سعد وقد عرف بزعيم الفدائيين اللبنانيين كما تمت تسميتهم في اتفاق الهدنة.

ثانيا ذلك الانجاز التاريخي العظيم في يوم التحرير عام 2000 تكرس عمليا وتم تحصينه في انتصار المقاومة في حرب تموز بعد ست سنوات ورغم سكاكين الغدر.

هكذا باتت معادلات الردع التي أقامتها المقاومة وفرضتها تجعل منها “درع لبنان الحامي ” كما أوردت تقارير الاستخبارات الصهيونية في السنوات الأخيرة وهو ما يجعل كيان العدو منكفئا مذعورا خلف الجدران كما وصفه قائد المقاومة يوم أمس في عرضه العلمي للوقائع والشواهد كعادته والمهم أن المقاومة التي هي شريكة الجيش في معادلة القوة والمناعة ضد العدوان الصهيوني أعلنت يوم التحرير بلسان قائدها انها بعد إنجاز المهمة الوطنية الجليلة تدعو الدولة لتسلم المناطق المحررة من تراب الوطن وتحمل مسؤولياتها الأمنية والإنمائية والدفاعية وقد لبت مؤسسة الجيش النداء على اتم وجه بينما يغلب التقصير سائر الأداء الحكومي في الجنوب المحرر بغياب خطط التنمية الاقتصادية الزراعية والصناعية وبرامج التطوير الريفي ورغم الإنجازات الكبيرة التي انتزعتها قيادتا حركة امل وحزب الله في مجالات العمران والتجهيز ونشر المدارس والمرافق العامة.

ثالثا امس أعلن السيد حسن نصرالله قائد المقاومة عن إنجاز مهمة لا تقل صعوبة وهي تحرير الحدود الشرقية من عصابات الإرهاب التكفيري التي أثارت الذعر والخوف في صفوف جميع اللبنانيين نتيجة عمليات القتل الجماعي والوحشي التي نفذتها وبعد انتشارها مع مآثرها الدموية المرعبة في سورية والعراق وهي استولدت واستحضرت أساسا لتعوض عجز الصهيوني المهزوم.

المقاومة انجزت المهمة بعد مرابطة مجاهديها في أصعب الظروف المناخية حرا وقرا وفي جرود صخرية صعبة المراس وخلال سنوات خاض المناضلون بإرادتهم كل التحديات دفاعا عن الوطن والشعب وطوعوا الظروف الجغرافية والمناخية الصعبة لتحرير القمم والجرود الشرقية وقاتلوا ببسالة وبطولة غرب القمم داخل وطنهم ولاحقوا شبكات الإرهاب حتى المدن الساحلية كما قاتلوا شرق الجبال في سورية وكل ذلك كان ملحمة خاضتها المقاومة بتواضع نادر بالشراكة مع الجيشين اللبناني والسوري الشقيقين اللذين تحول تبعية ساسة من لبنان للغرب والخليج دون تواصلهما فكان المقاومون هم جسر التواصل وما زالوا كذلك!.

رابعا  لم تكن المهمة لتنجز لولا التضحيات الجليلة والدماء الغالية والسهر والتعب والعمل بهدوء وحزم في ابتكار أدوات المتابعة الأمنية المعقدة لعصابات الإرهاب والتكفير ولمشغليها من الخارج والمتعاونين معها في الداخل وذلك ما أتقنه شباب حزب الله ونسقوا بشأنه مع مخابرات الجيش اللبناني والأمن العام ولاحقا مع فرع المعلومات وذللوا الصعوبات بشجاعة وإقدام وصبر بينما كان بعض السفهاء من الساسة والمسؤولين اللبنانيين يديرون ظهورهم لكل ذلك ويصبون اهتمامهم على شتم المقاومة والتطاول عليها ومحاولة تخريب جهودها ومحاصرتها بالشكوك والشائعات والأكاذيب وبالفتن المذهبية والطائفية وهي لم تأبه لهم ولا لفبركاتهم بل واصلت التضحية بأعز الرجال وبأغلى الشباب في سبيل حماية شعبها ووطنها دون ان تنتظر لا حمدا ولا شكرا من أحد سوى ضمان الطمأنينة والأمان لسائر اللبنانيين الذي وصل بهم التهديد التكفيري في مراحله الأولى إلى خوف كبير على المصير والوجود.

خامسا بعد سبعة عشر عاما من دعوة الدولة والجيش إلى الجنوب بعد تحرير معظم المناطق المحتلة يدعو قائد المقاومة الدولة والجيش إلى تسلم القمم الشرقية وجرودها بعد تحريرها من بؤر التكفيريين التي هددت كل لبنان وحولتها إلى أوكار لتصنيع المتفجرات والسيارات المفخخة وتنظيم أعمال الترهيب والقتل ضد الشعب اللبناني والتلويح باجتياح المناطق اللبنانية الجردية والساحلية على السواء ومرة أخرى تقول المقاومة لكل من يسمع : لسنا بديلا عن الدولة.

في بلد طبيعي يستحق الحدث احتفالا وطنيا وجلسة استثنائية لمجلس الوزراء توجه التحية لشهداء الجيش والشعب والمقاومة الذين بذلوا أرواحهم في مواجهة وحش التكفير وهو يستحق انطلاق ورشة عاجلة تنهي فضيحة النظام اللبناني في بلدة طفيل المهملة كسائر البلدات الطرفية في امتداد هذا الوطن المنكوب بساسته وتحريك الاتصالات للتنسيق على أرفع المستويات مع الدولة السورية التي هي شريكة الإنجاز الوطني مع الجيش اللبناني والمقاومة وهو إنجاز سوف يحصنه حزب الله بالشراكة مع الجيش العربي السوري لأن أيتام فيلتمان ما زالوا يمنعون التواصل بين دمشق وبيروت ومرة اخرى يكتشف اللبنانيون انه حيث تعجز دولتهم المخترقة فإن المقاومة حاضرة لسد الثغرات من غير منة ولا يضيرها إنكار الجاحدين ولا تواطؤ المتآمرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى