مقالات مختارة

هل تنفيذ تفاهم «مناطق منخفضة التصعيد» حميدي العبدالله

 

يتساءل كثيرون عما إذا كان التفاهم الذي تمّ التوقيع عليه من قبل روسيا وإيران وتركيا، في أستانة، وعرف بتفاهم «المناطق منخفضة التصعيد»، سوف يطبّق أم سيكون مصيره مصير سابقاته من التفاهمات، سواء تفاهم 28 شباط 2016 بين الولايات المتحدة وروسيا، أو تفاهم أستانة 1 وأستانة 2 مع تركيا .

مما زاد من طرح هذا السؤال القلق الترحيب الحذر من قبل الولايات المتحدة بما تم التوقيع عليه في أستانة 4.

واضح أنّ التنفيذ مرهون بالموقف التركي، وتجارب سابقة برهنت أنّ الموقف التركي متقلّب إزاء كلّ ما يجري في سورية بسبب علاقات تركيا مع الولايات المتحدة في ضوء تعاون واشنطن مع وحدات الحماية التركية، هذا الموقف التركي المتقلب هو الثابت في السياسة التركية حتى إشعار آخر، بسبب توزع مصالح تركيا بين المحورين الرئيسين الفاعلين في سورية، محور الولايات المتحدة وحلفائها، ومحور روسيا إيران.

بهذا المعنى يصعب على أيّ محلل أو متابع أو مسؤول أن يعطي جواباً قاطعاً بشأن الموقف التركي ومدى الالتزام بتنفيذ التفاهمات الجديدة. وفي مطلق الأحوال فإنّ الموقف التركي النهائي من تطبيق تفاهمات «المناطق المنخفضة التصعيد» رهن بثلاثة عوامل أساسية:

العامل الأول، مدى العمل الذي ستعمد إليه واشنطن وحلفاؤها لتعطيل تنفيذ هذا التفاهم، بمعنى آخر إذا كانت واشنطن مصمّمة على عدم تطبيق هذا التفاهم فإنها ستمارس الضغط على تركيا، وترغمها على التعطيل، وتركيا وحدها القادرة على تحويل هذا التفاهم إلى مجرد ورقة ليس لها أيّ ترجمات عملية على أرض الواقع، أنّ الولايات المتحدة ستترك المبادرة لتركيا لتعزز ما تشاء.

العامل الثاني، مستوى الضغط الذي سيمارس من قبل موسكو وطهران على أنقرة لحملها على الالتزام بما وقعت عليه، أيّ بعث رسائل حازمة لأنقرة توضح لها أنّ كلفة التنصّل من توقيعها ستكون باهظة، إنْ لجهة العلاقة بين روسيا وإيران من جهة، وتركيا من جهة أخرى، أو لجهة الثمن الذي قد تدفعه تركيا داخل سورية، سواء عبر استهداف المجموعات المسلحة المرتبطة بها، أو حتى استهداف قواتها في مناطق جرابلس – الباب.

العامل الثالث، مدى التفاهم الأميركي التركي حول الموقف من أكراد سورية باعتبار أنّ الخلاف بين واشنطن وأنقرة حول هذه المسألة هو الذي يفسّر سعي تركيا لإقامة علاقات مع روسيا وإيران حول سورية في محاولة من قبل أنقرة للضغط على واشنطن.

هذه العوامل مجتمعة هي التي ستحدّد ما إذا كان تفاهم «مناطق منخفضة التصعيد» سوف يبصر النور أم يلاقي مصير ما سبقه من تفاهمات…

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى