إقالة رئيس الـ «اف.بي.آي»: هذا ليس كومي: نداف ايال
الكتاب الذي يقيل رئيس الـ اف.بي.آي سلمه لمكتب المباحث الحارس الرئيس لدونالد ترامب، الذي اصبح هذه الايام مسؤولا في البيت الابيض. اسمه كيت شيلر، ضابط شرطة نيويوركي سابق مقرب جدا من ترامب الان. هذا يقول شيئا ما عن الرئيس الامريكي، زعيم القوة العظمى الاقوى في العالم، الذي يسلم كتاب الاقالة من خلال حارسه الشخصي. هذا يروي قصة عن مدى ثقته بالمنظومة المحيطة به .
يعتبر جيمس كومي احد الاشخاص المقدرين جدا، ان لم يكن الاكثر تقديرا، في ديوان موظفي الدولة الامريكية. ولم ينسَ مؤيدو هيلاري له الخطوة الفضائحية لفتح تحقيق ضدها، الامر الذي على ما يبدو كلفها الانتخابات. في حينه، مدح ومجد رجال ترامب كومي على عدم تحيزه. واطلق ترامب له قبلة في الهواء – لفظيا، اطلق نحوه قبلة – في الاستقبال في واشنطن بعد الانتخابات.
وقد حلت محل المدائح في الاشهر الاخيرة الوجوه المتكدرة والاستياءات المتعاظمة، حين تبين أن رئيس الـ اف.بي.آي يحقق دون خوف في قضية العلاقات بين قيادة ترامب الانتخابية ومقربيه وبين عملاء اجانب روس. وتطارد هذه القضية ادارة ترامب من اللحظة الاولى؛ من اللحظة التي اقال فيها الرئيس الجديد القائم باعمال النائب العام، تسالي ييتس، التي حذرته بالنسبة لمستشار الامن القومي الذي اختاره، مايكل فلين. تحذيرها، كما روت هذا الاسبوع للكونغرس كان ان فلين عرض نفسه لابتزاز الروس.
لقد حبذ ترامب ان يتجاهل عدة ايام طويلة الى أن اقيل فلين ايضا. وقضى الـ اف.بي.آي الى جانب السي.آي.ايه بان الكرملين عمل بشكل نشط على انتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة، وبالتوازي وسع جدا التخطيط الجاري تحت ستار من السرية.
وانعقد محفل خاص من المحلفين في فيرجينيا، وأول امس – قبل عدة ساعات من الخطوة الدراماتيكية التي اتخذها الرئيس – اصدر دعوات لشركاء فلين. شيء ما آخر حصل قبل بضع ساعات من كتاب الاقالة: بيان من الناطق بلسان البيت الابيض بان الرئيس استأجر مكتب محامين خاص لتمثيله في موضوع التحقيق الجاري.
ينبغي أن نفهم شيئا ما عن واشنطن: عندما تجرى تحقيقات فيدرالية، عندما تصدر اوامر من اعضاء المحلفين، يفكر الناس مرتين قبل ان يكذبوا او يطمسوا أو يشوهوا الحقائق. هذه امور تؤدي بك الى السجن. فدواليب العدالة الامريكية تطحن بقوة، بشدة. لقد اهتم كومي وطلب من مساعد النائب العام المزيد من المال والمقدرات كي يوسع التحقيق؛ ولعل هذا هو ما قرر مصيره، لان ذاك المساعد هو الذي كتب الوثيقة التي تشرح اقالته.
ترامب غاضب من التحقيق. فهو يشعر انه لا ينجح في التحرر من ظله العظيم.
وفي وسائل الاعلام الامريكية يصفون رئيسا متميزا بالغضب يصرح على التلفزيون في الوقت الذي يبلغ فيه هناك عن خطوة اخرى وغيرها من الخطوات. ومن جوقة المتزلفين التي تحيطه سمع ان اقالة كومي ستلقى التصفيق من كل الاطراف، فالديمقراطيون ايضا يمقتونه، وهكذا يكون حفر لنفسه فخا عميقا ومظلما وقفز قفزة رأس الى داخلها.
معظم السناتورات واعضاء مجلس النواب الجمهوريين، وان كانوا وقفوا الى جانبه، الا انهم فعلوا ذلك باستياء، بلا رغبة. احد منهم لا يريد ان يذكروه مثل اعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين ايدوا الرئيس نيكسون حين أقال المدعي العام الخاص في قضية ووترغيت اشبيلد كوكس. ومن اجل الوصول الى ذلك اضطر نيكسون لان يقيل في مساء واحد المدعي العام ونائب المدعي العام (كلاهما رفضا التوقيع على اقالة المدعي الخاص)، والوصول الى النائب الثاني للنائب العام، الذي وافق على دعم الخطوات المشينة في الطريق الدستوري الامريكي. كانت هذه خطوة مشينة ولكنها غبية بالاساس: فقد كانت النتيجة فقدان تام لثقة الجمهور بالرئيس.
ترامب لا يوجد في هذا المكان، بل بعيد عنه. معقول الافتراض بانه لا توجد ادلة ذات مغزى ضده وان التحقيق ليس موجها له على الاطلاق، ولكن الطريقة التي يتصرف فيها تشير الى حالة الضغط، تكبير القصة وتوسيع الضرر. يبدو أنه ليس في محيطه من يقول له هذا في وجهه.
يديعوت