إن ما يهم اسرائيل هو ما يفعله اردوغان من اجل تحسين العلاقات بين الدولتين: ايال زيسر
بعد فترة هدوء طويلة في العلاقات الاسرائيلية التركية، التي استغلتها الدولتان لاصلاح نسيج العلاقة الهش بينهما في مجال الاقتصاد والسياحة والمجال السياسي ايضا، عاد رئيس تركيا بتصريح منفعل واحد، حتى لو كان بدون أي مغزى عملي، وهدد باسقاط المبنى الذي يعمل على بنائه اصحاب الرغبة الجيدة في الدولتين .
في القدس كان رد الفعل على اقوال اردوغان رفع الحواجب، حتى لو كانت اقواله غير مفاجئة. في نهاية المطاف، بعد أن وقع في حزيران 2016 على اتفاق المصالحة الذي أدى الى انهاء ازمة “مرمرة”، بقي اردوغان ملتزما للطرف الفلسطيني ومعاديا لاسرائيل وما تمثله، من أعماق قلبه. ورغم ذلك يُطرح سؤال ما الذي جعل اردوغان يترك اشغاله ويهاجم اسرائيل؟ في نهاية المطاف هو يخوض “حرب عالمية” مع نصف العالم – خصومه السياسيون في الداخل والاتحاد الاوروبي وروسيا وايران والصين، وخاصة مع الاكراد في تركيا وخارجها.
في السابق بحث اردوغان عن المواجهة مع اسرائيل لاعتبارات داخلية، ولتعزيز مكانته ومكانة دولته في العالم العربي. وكما هو معروف، اردوغان أراد أن يصبح سلطان شرق اوسطي، واعتبر اسرائيل الجسر الذي سيدوس عليه اثناء حملته للتقرب من العالم العربي. إلا أن اردوغان لا يحتاج الى اسرائيل من اجل اقناع الاتراك بتأييده. محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة في تموز الماضي منحته الفرصة للقضاء على خصومه. وحتى الآن قام بالاعتقالات وطرد عشرات الآلاف من اماكن عملهم، لكن اردوغان يريد اعادة عقوبة الاعدام في تركيا، أما في العالم العربي فان جميع
الانظمة وعلى رأسها مصر، ترفض نموذج تركيا الذي يريد بيعهم نموذج الدولة التي يسيطر عليها حزب اسلامي، مع اعطاء الدين الأولوية في حياة الدولة والمجتمع.
يتبين، رغم ذلك، أن اردوغان لا يسيطر على نفسه ويقوم باطلاق تصريحات مناهضة لاسرائيل، ويبدو أن المشكلة هنا. الحديث يدور عن رئيس تسبب له “الأنا” الجنون. ايضا هجومه على اوروبا وعلى روسيا قبل المصالحة مع بوتين، لم يكن أقل خطرا من هجومه على اسرائيل.
ما هو الاستنتاج المطلوب من التوتر المتجدد في علاقة اسرائيل وتركيا؟ اردوغان لم يتغير ولن يتغير كما يبدو، وهو سيستمر بين الفينة والاخرى في التحدث من البطن عن احساسه المناهض لاسرائيل، والذي يجد صعوبة في كبحه. ولكن يجب محاكمة اردوغان، ليس فقط حسب تصريحاته، بل حسب افعاله ايضا. وعمليا هو يسمح بتطور العلاقة التجارية مع اسرائيل، واستئناف المحادثات السياسية الامنية معها.
رد اسرائيل على تصريحات اردوغان تميز بضبط النفس، وهو يظهر أن توجه القدس ليس المواجهة. المهم بالنسبة لاسرائيل ليس ما يقول أو يفكر فيه اردوغان، بل حقيقة أن العلاقة الاسرائيلية التركية في تحسن، وأن الكثيرين في تركيا يريدون استمرار تعزيز العلاقة بين الدولتين.
هذه العاصفة ستمر. فليس هناك وراءها سوى شعور آني لدى اردوغان، لكن طالما بقي رئيسا لتركيا فان العلاقة بين الدولتين ستتميز بعواصف كهذه.
اسرائيل اليوم