لا يتم تحطيم أي صمت: موشيه آرنس
تُسمع في الآونة الاخيرة شكاوى كثيرة حول تدهور الديمقراطية الإسرائيلية والخطر الكامن في ذلك على حرية التعبير. وقد عادت هذه الاصوات في اعقاب رفض رئيس الحكومة الالتقاء مع وزير الخارجية الالماني، زغمر غبريئيل، الذي صمم على الالتقاء مع اعضاء منظمة «نحطم الصمت» من أجل «سماع الطرف الثاني». هذه القضية تثير التساؤلات حول سلوك الديمقراطيات التي تتعرض للهجوم وسلوك الديمقراطيات التي تعيش في سلام تجاه الديمقراطيات التي تتعرض للهجوم.
لا أحد يمكنه انكار أن إسرائيل تتعرض للهجوم. ومنذ اقامتها اضطرت إلى الدفاع عن وجودها في وجه دول ومنظمات إرهابية تسعى إلى القضاء عليها. كيف صمدت الديمقراطية الإسرائيلية في هذه الظروف؟ بالمقارنة مع ديمقراطيات اخرى في ظروف مشابهة فإن الامر ليس سيئا جدا. في الولايات المتحدة تم نقل أكثر من 100 ألف مواطن من اصل ياباني إلى معسكرات مغلقة بعد هجوم اليابان على بيرل هاربر. في بداية الحرب الباردة حدث في الولايات المتحدة صيد للساحرات برئاسة السناتور جوزيف مكارثي. وقد كان ذلك ردا مؤسفا على الشعور بالتعرض للتهديد.
لنشاهد ما حدث في اوروبا، التي يهددها إرهاب المتطرفين الإسلاميين. الرد «الشعبوي»، حيث أدارت ظهرها للاجئين وأيدت اليمين المتطرف. احيانا يتغلب الخوف على الغرائز الانسانية الجيدة وعلى القيم المشتركة للديمقراطيات.
في إسرائيل بعد حرب التحرير، اعتبر المواطنون العرب أعداء محتملين وتم فرض الحكم العسكري عليهم. ومنذ ذلك الحين حدث تقدم مستمر في كل ما يتعلق بالمساواة في الحقوق والفرص للعرب. وبخصوص حرية التعبير، رغم الاخطار التي تواجهها الدولة ومواطنوها، يمكن القول إنه لا يوجد من يشبه إسرائيل. يكفي فتح صحيفة «هآرتس» في كل صباح من اجل التأكد من ذلك، حيث توجد هناك جميع الانتقادات لإسرائيل وللجيش الإسرائيلي. ونفس الامر ينطبق على الراديو والتلفاز. نشطاء «نحطم الصمت» لا يسمعون ولا يرون لأنه لا يوجد صمت هنا.
غبريئيل لم يكن بحاجة إلى الالتقاء معهم. وكل ما كان يجب عليه أن يفعله لسماع «الطرف الآخر» هو قراءة النشرة الانجليزية لهآرتس. إن وجود هذا التنظيم ونشاطه في الخارج والبحث عن جمهور يتوق لسماع الاتهامات ضد إسرائيل، هي شهادة على الديمقراطية الإسرائيلية ـ مثل اعضاء الكنيست العرب الذين يصرحون بتأييدهم لأعداء إسرائيل.
كيف تتصرف الديمقراطيات التي تعيش بسلام تجاه الديمقراطيات التي تواجه الأعداء؟ الدول الحقيقية لا تتوقع الحصول على النصائح حول قيم الديمقراطية. ويتوقع منها أن تتفهم مشكلات إسرائيل كديمقراطية وحيدة في المنطقة محاطة بالديكتاتوريات والفساد والصراعات والإرهاب وسفك الدماء. ولكن الحادثة الاخيرة تثبت بأنه في كل ما يتعلق بالمانيا الامر ليس كذلك. غبريئيل الذي كان متحمسا من الالتقاء مع نشطاء «نحطم الصمت» قال ذات مرة إن النظام في إسرائيل هو نظام فصل عنصري. ومؤخرا شبه مطاردة الديمقراطيين الاشتراكيين في المانيا النازية بتعامل المانيا النازية مع الشعب اليهودي. كيف كانت المانيا سترد لو أنها تعرضت للصواريخ؟ وكيف كان يجب على إسرائيل، حسب رأيه، أن تواجه الإرهاب الفلسطيني والتهديدات الإيرانية؟ يجب على غبريئيل أن يعرف أن العودة إلى شعار «دولتان لشعبين» والى كلمة ابرتهايد، ليست الاجابة على الاخطار التي تواجهها إسرائيل، من قريب ومن بعيد.
لقد كنا نتوقع أكثر من ذلك من وزير خارجية الماني.
هآرتس