من الذي يخاف من إضراب الأسرى؟: رؤوبين باركو
عبد الناصر عوني فروانة، رئيس قسم الابحاث والتوثيق في هيئة شؤون الاسرى في السلطة الفلسطينية، وصل قبل يومين بمرارة سيناريو فشل اضراب الاسرى. وحسب اقواله فان هذا الفشل يعبر عن نفسه من خلال مشاركة 1500 سجين فقط من بين 6.500 سجين، ومن بين 3.500 سجين لفتح لم يضرب الكثيرون منهم بسبب الانقسام الداخلي في التنظيم. يزعم فروانة أن إسرائيل تصمم على كسر الاضراب قبل اللقاء بين أبو مازن وترامب. وحسب اقواله فان إسرائيل لن تستجيب لأي مطلب وهي مستعدة لموت الأسرى من اجل قتل «روح المقاومة والنضال»، وهي تستغل بذلك عدم مبالاة العالم، ولا سيما غرق العالم العربي في الفوضى، والامور التي تحرف الانتباه عن اضراب الاسرى.
حسب اقواله فان انضمام حماس إلى الاضراب ليس مطروحا، سواء بسبب الانشقاق بين السلطة الفلسطينية وحماس، أو بسبب الفجوة بين هذين التوجهين. إن لحظة الحقيقة تقترب فيما يتعلق بالعلاقة المتوترة بين السلطة الفلسطينية وحماس التي ترفض اعطاء الصلاحيات للسلطة في القطاع.
في الوقت الذي تحصل فيه حماس على الملايين من الضرائب وتستثمر في التسلح، فان السلطة الفلسطينية التي تتعرض للانتقادات الأمريكية والإسرائيلية، تقوم باعطاء الاموال للإرهابيين، اموال طائلة من اجل تمويل الرواتب والكهرباء والمياه والعلاج لسكان القطاع. هذا الحفل يقارب على الانتهاء، وعشية زيارة أبو مازن في واشنطن فهو لا يريد تأجيج اضراب الاسرى.
اليسار في إسرائيل ما زال يخشى من انتفاضة مروان البرغوثي، ويعاني من متلازمة «ستوكهولم» التي تتميز بمراعاة المشاعر والتضامن من قبل الضحية مع من يقوم بتعذيبها. هكذا فقط يمكن تفسير الآمال التي يعلقها الكثيرون على القاتل البرغوثي وأمثاله.
مسألة هامشية: البرغوثي الذي بادر إلى الاضراب اعترف بقتل خمسة إسرائيليين وحكم بعدة مؤبدات، وهو يدير الآن من خلال زوجته فدوى حملة فاشلة تشبه حملة «نلسون مانديلا» من اجل اطلاق سراحه مستغلا بذلك الامعاء الفارغة لبعض زملائه من اجل تحقيق. ولأنه انتهج الإرهاب بعد اتفاق اوسلو، فان البرغوثي هو إرهابي عاد إلى طبيعته. إن طبيعته هذه لم تمنع قطيع رجال الفكر وقادة اليسار الذين يؤيدون السلام من الالتقاء معه واعطائه كتب بتوقيعهم، بل الحجيج إلى زنزانته.
هؤلاء الاشخاص يؤيدون اطلاق سراح القاتل، رغم أنه في مقابل شعارات السلام، قام قبل اعتقاله بارسال خلايا إرهابية لقتل اليهود. الآن يطلبون منا الاستجابة للبرغوثي الذي يطالب بالهواتف للاسرى من اجل ادارة العمليات الإرهابية من داخل السجن، لأنه لا يمكن التنصت على آلاف المكالمات ومضمونها المشفر.
الحقيقة هي أنه من ناحية الفلسطينيين، لا يعتبر البرغوثي اختراعا كبيرا، رغم حصوله في الانتخابات في نهاية 2016 على المكان الاول في اللجنة المركزية لفتح، فان الكثيرين في هذه المنظمة المنقسمة يفضلون عدم خروجه أبدا من السجن.
والبرهان على مكانته الضعيفة هو الاستجابة الجزئية لاضراب الاسرى الذي بادر اليه، وفشل الاخلال بالنظام والانتفاضة التي حاول تحريكها.
قادة فلسطينيون وميدانيون ممن يعرفون البرغوثي قالوا إنه شخص مخادع وأنه لا يتميز بالصفات التي تؤهله لقيادة الشعب الفلسطيني. وحسب اقوالهم، شخصيته تناسب زعيم عصابة أو إرهابي، فهو جبان وسيمتنع عن السلام مع إسرائيل خشية اعتباره خائنا. منطق اليسار في اطلاق سراح القاتل والاستجابة لمطالبه يجد تعبيره في شعار «السلام يصنع فقط مع الاعداء». هذا المنطق الأعوج الذي ينبع من ادعاء أن الإرهابي البرغوثي هو الذي سيقود الفلسطينيين إلى السلام المأمول، هذا المنطق بعيد عن الواقع ويعبر عن آمال لا اساس لها.
هذه الاجندة الغريبة ظهرت بشكل فظ في وسائل الإعلام في برنامج أحد المتنافسين البارزين على قيادة اليسار الذي قال عن نفسه مؤخرا إنه «يساري واضح وفخور». بطلنا هذا التقط صورة مع جبريل الرجوب ـ وهو إرهابي مثل البرغوثي الذي أعلن أنه لو كان بحوزته قنبلة نووية لقام بتدمير إسرائيل. إذا ليبق البرغوثي داخل السجن وليستمر في الأكل سرا وبدون هاتف.
إسرائيل اليوم