الصراع من أجل السيطرة على غزة: عاموس هرئيل
الصراع المتصاعد بين السلطة الفلسطينية وحماس على طريقة السيطرة في قطاع غزة هو موضوع فلسطيني داخلي مبدئيا. ولكن لهذا التوتر تأثيرا مباشرا على حياة مئات آلاف السكان في القطاع، لذلك يجب أن يثير ايضا اهتمام اسرائيل. في الظروف المتطرفة فإن زيادة صعوبات الحياة في القطالع قد تؤثر بشكل سلبي على الوضع الامني الاسرائيلي.
قبل اسبوعين ونصف عقد الرئيس الفلسطيني لقاء في البحرين مع السفراء الفلسطينيين في دول الخليج. وفي خطابه هناك أعلن عباس بأنه ضاق ذرعا بموضوع تمويل سلطة حماس في القطاع. وقد مرت 11 سنة منذ فوز حماس في الانتخابات الاخيرة في المجلس التشريعي الفلسطيني، ومر عقد تقريبا على سيطرة حماس بالقوة على القطاع والقضاء على مظاهر السلطة الاخرى للسلطة الفلسطينية.
لقد أعلن عباس عن عدم استعداده للاستمرار في تحويل الاموال إلى القطاع دون موافقة حماس على اعطائه صلاحيات. مسؤولون في السلطة تحدثوا إلى وسائل الاعلام العربية بعد خطاب عباس، هددوا بأن يجعلوا غزة تغرق في الظلام.
بدأت السلطة الفلسطينية بالضغط. وقلصت 30 في المئة رواتب الموظفين التابعين لها في القطاع، حيث إن عددا كبيرا منهم توقف عن العمل بعد انقلاب حماس. وفي نفس الوقت نشأت ازمة حول تزويد القطاع بالوقود، الذي تعتمد عليه الكهرباء. الجدل بين السلطة وحماس يتعلق بسؤال جباية ضريبة السولار. في الاشهر الاخيرة اعتمدت حماس على التمويل من قطر وتركيا، لكن هذا سيتوقف قريبا.
هناك تأثير فوري لازمة الوقود على تزويد الكهرباء. ففي بعض المدن والاحياء تقلص الوقت إلى 4 ـ 6 ساعات يوميا. والمولدات الذي قام كثير من السكان بشرائها لا يمكنها العمل.
في رفح مثلا اشتكى السكان من تلف المواد الغذائية بسبب عدم توفر الكهرباء للثلاجات. وتجد حماس مشكلة في علاج هذا الامر، لأنها تعاني من ضائقة في الميزانية ايضا. وقد نجحت في هذه السنة في تجنيد 190 مليون دولار فقط كمساعدة خارجية، وهذا انخفاض بنحو الثلث مقارنة مع السنة الماضية.
الاجهزة الأمنية الاسرائيلية تعتقد أن عباس حاول أن يفرض على حماس خطوة تؤكد، ولو بشكل رمزي، بأن هناك وحدة فلسطينية. في الاسبوع القادم سيسافر عباس إلى واشنطن للقاء أول مع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.
البيت الابيض يعرف ادعاء حكومة نتنياهو الذي يقول إنه لا يمكن التقدم في العملية السياسية مع عباس لأنه لا يمثل جميع الفلسطينيين، وليست له سيطرة في غزة.
لقد طلب عباس من حماس اتخاذ خطوات تعبر عن الاستعداد لاشراك السلطة في ادارة شؤون القطاع. وفد من حركة فتح برئاسة محمود العالول وبعض القادة في السلطة كان من المفروض أن يذهب إلى غزة لنقاش الامر مع قادة حماس، لكن هذه الزيارة تتأجل مرة تلو الاخرى.
مؤخرا صرحت قيادة حماس بأنها لا تنوي الاستجابة لمطالب عباس على الرغم من الضغط الذي يستخدمه. ويبدو الآن أن عباس سيصل إلى واشنطن بدون أي انجاز رمزي يقدمه لترامب كاثبات على قوة مكانته في المناطق.
تتابع اسرائيل هذا الصراع عن كثب، ولا تحاول التدخل حاليا. ولكن بالتدريج تنضم عوامل اخرى للازمة، تزيد من حالة عدم الاستقرار. وعلى رأسها التبدل في قيادة حماس وتحسن مكانة يحيى السنوار، أحد قادة الذراع العسكري، حيث أصبح رئيسا لحماس في القطاع، وكذلك بدء الاعمال الاسرائيلية من اجل اقامة عائق ارضي ضد الانفاق في القطاع، الامر الذي يثير غضب حماس.
هآرتس