من الصحافة اللبنانية
أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات بعض الصحف اللبنانية
الاخبار : عون يبلغ التيار: “الستين” بدل التمديد
كتبت الاخبار: طالما أن القوى السياسية لم تتفق على قانون جديد للانتخابات، فإن كل الطرق تؤدي إلى “الستين”، ومن بينها طريق الرئيس سعد الحريري الذي مرّ أمس بعين التينة، ليبلغ الرئيس نبيه بري موقفه الرافض للتمديد. أعلن الحريري “تكويعته” الجديدة بعدما كان أول المطالبين بتأجيل الانتخابات لعام واحد.
وحاول تصوير نفسه ممسكاً بالعصا من وسطها: ضد التمديد، ولن يسير في أي قانون غير متوافق عليه. يريد القول إنه أعطى رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر رفض التمديد، وطمأن الرئيس بري إلى أنه لن يسير بقانون لا يوافق عليه الأخير. لكن هذه “التكويعة” لا تقدّم ولا تؤخر، إذا ما قيست بميزان استقرار البلاد. صحيح أن موقف الحريري، إذا تطوّر إلى رفض المشاركة في جلسة 15 أيار، سيمنع حصول التمديد (إذا شاركت كتلته وصوّتت ضد التمديد، يمر قانون التمديد بأكثرية الحاضرين). لكن ذلك لا يمنع حصول الأزمة الكبرى، الآتية حتماً، إذا لم يحصل الاتفاق على قانون جديد. فبديل التمديد ليس سوى الفراغ. والفراغ يعني العودة إلى “الستين”، ولو بعد حين.
والأمر هنا لم يعد متصلاً بعودة “إكراهية”، بل تبدو عودة طوعية بعد موقف رئيس الجمهورية أول من أمس، الذي أسقط “لاء الستين” من لاءاته الثلاث: لا للتمديد، لا فراغ، لا للستين.
الحريري بعد لقائه بري قال: “لا أريد التمديد ولا الفراغ، بل أريد أن أصل إلى حل مهما كلف ذلك”. وأضاف: “وافقت على ما كنت لا أوافق عليه أبداً، ليس لأن لدي مصلحة سياسية به، بل لأنني أرى أننا بحاجة إلى حل سياسي”. وعما إذا كان سيحضر جلسة 15 أيار، أجاب: “هل وصلنا إلى 15 أيار؟ أي شيء يمكن أن يعطي إشارة سلبية لن أتكلم به. لدي قناعة بأننا قادرون على أن نصل، شرط أن يتنازل كل منا للآخر”. وأضاف: “قد تكون هناك قوانين يوجد فيها طائفية مثل قانون التأهيل، وقد أكون وافقت عليه لأنني أريد حلاً. وهناك أيضاً قانون مجلس الشيوخ، وكذلك القانون النسبي على أساس 10 دوائر أو ست أو خمس أو دائرة واحدة أو غيرها. وافقنا على معظم القوانين لأنني أرى أنه في نهاية المطاف علينا أن نوافق على قانون انتخاب”. وعن أسباب عدم انعقاد مجلس الوزراء، قال: “لا أحد يستطيع منعي من ذلك. باستطاعتي أن أعقد جلسة غداً أو بعد غد. لكنني أقوم بالضغط على الجميع من أجل العمل على قانون انتخاب”.
وسألت “الأخبار” وزير الداخلية نهاد المشنوق عن رأيه بموقف الحريري، فامتنع عن التعليق.
من جهة أخرى، علمت “الأخبار” أن الرئيس ميشال عون وضع قيادة التيار الوطني الحر في صورة موقفه أول من أمس قبل إصداره، “لأنّه يستشعر خطر فرض التمديد وعدم وجود رغبة في الاتفاق على قانون”. لكنّ التيار لم يكن يتوقع أن يتخذ عون موقفه بهذه السرعة، “وفي هذه الظروف، ونحن نقاتل من أجل فرض قانون جديد، وكانت هناك إمكانية جديّة لذلك. ولا يزال لدينا الوقت”. وبعد سلسلة اتصالات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، أمس وأول من أمس، تقرّر رفع السقف وإعادة توجيه البوصلة نحو المطالبة بالإسراع في إقرار قانون جديد، لكون “الستين تمديداً مُموهاً”.
ويعي التيار أنّ كلّ القوى تتجنب فتح سجالٍ معه، “عبر الإيحاء بأنّها موافقة على مشاريع القوانين التي قدّمناها، مع وجود ملاحظات لديها حول الصيغ. هذا الأمر دفع في كلّ مرة إلى اعتبار أنّ الاتفاق بات قريباً، وأنّ كل الملاحظات قابلة للأخذ في الاعتبار. قد يكون ذلك نتيجة سوء تقدير، أو لأنّ كلّ طرف كان يفاوض وفق أمنياته”. وترى مصادر التيار أنها لم تصل بعد إلى درجة نعي الطرح التأهيلي، “ولكن أصبحت هناك قناعة أكثر بأنّ الآخرين لن يقبلوا به. لذلك، فتح رئيس التيار الوزير جبران باسيل الباب أول من أمس بالقول إنّ التيار لا يتمسك بأي طرح”.
بدوره، قال مصدر قواتي رسمي لـ”الأخبار” “إن القوات ترفض رفضاً قاطعاً العودة إلى الستين، وهي تعرف من خلال الاتصالات مع رئيس الجمهورية والوزير باسيل أن هذا القانون غير مطروح لا من قريب أو بعيد”. وأضاف أن “الهدف من تجدد الكلام عن الستين ضرب اللحظة الحالية والاندفاعة بعدما بدأ المسار الجدي يأخذ طريقه لإقرار قانون جديد قبل 15 أيار”. وتقول مصادر القوات إن “إبلاغ الرئيس الحريري المعنيين بأنه لن يُشارك في جلسة التمديد يعني أنّ جلسة التمديد سقطت”. وترفض المصادر اتهام القوات بمعارضة التأهيلي “فنحن قدمنا ملاحظاتنا الرافضة تأهيل ثلاثة مرشحين من المرحلة الأولى، وإسقاط العشرة في المئة للتأهيل، وأن يكون الصوت التفضيلي في القضاء وليس الدائرة، ولا تكون النسبية على عشر دوائر. معظم هذه الملاحظات جرى العمل بها”. أما موقف البطريرك الراعي “فقد حُمّل أكثر مما يحمل. تواصلنا معه وأبلغناه أنّ الخيار هو مواصلة الضغط من أجل إقرار قانون جديد وليس إعطاء فرصة للبعض للسير بالستين، وسيّدنا موافق معنا”.
في المقابل، أكد الوزير جان أوغاسابيان في حديث إلى إذاعة صوت لبنان ــ الأشرفية، أن “هناك بحثاً جدياً في قانون الستين”. وقال النائب عمار حوري إنه “وفق الدستور يجب إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ. وإذا تم الاتفاق على قانون جديد، فإنه يُعدّل قانون الستين. أما رفض إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ من دون الاتفاق على قانون جديد، فيضر بالبلد”. وشدد على أن “الفراغ خط أحمر، لأنه قد يأخذنا إلى أمرين: إما تطبيق قانون الستين أو الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي، حينها سيعضّ الكثيرون أصابعهم ندامة”.
من جهته، جدّد الرئيس بري، القول: “إننا لا نريد التمديد، لكننا نريد أيضاً أن نحمي البلد والمؤسسات الدستورية من السقوط والانهيار، وسعينا وما زلنا نسعى لإقرار قانون جديد”. ونقل النواب بعد لقاء الأربعاء عن بري أنه “ليس مع اقتراح التأهيل الذي طُرح أخيراً، وأنه أعدّ أكثر من صيغة للنقاش، منها الصيغة المستمدة من الدستور التي ترمي إلى انتخاب مجلس نيابي على أساس النسبية وإنشاء مجلس للشيوخ”. وأوضح “أنّ جلسة 15 أيار هي لتفادي الفراغ القاتل، آملاً أن تتوصل الاتصالات والجهود المبذولة إلى الاتفاق على قانون”.
في سياق آخر، برز أمس موقف لوزير الدفاع يعقوب الصراف، إذ قال: “أنا لست وديعة أحد، وأنا ملتزم خطّ حزب الله”. وفي مقابلة على قناة “أم تي في”، قال الصرّاف: “الجميل في علاقة الرئيس عون وحزب الله وجود ثقة كاملة وثابتة”. وقال: “القانون الذي لا ينتخب الرئيس سليم الحص نائباً قانون خاطئ حكماً”، مشيراً إلى أنّ “الستين تمديد مقنّع. والتمديد ليس صحّياً للنظام أو للديمقراطية”. ورأى أنّ “القانون النسبي المطلق هو الباب الذهبي إلى الديمقراطية”. وعن تسليح الجيش، رأى وزير الدفاع أنّه “يجب أن نكرّس موازنة كاملة لتجهيز الجيش، كما يجب البدء بتنفيذ الخطة الخمسية لدعمه”. وأضاف: “الغطاء العسكري موجود إذا دعم الجيش بكل التجهيزات اللازمة”.
البناء : معارك تركية ـ كردية شمال سورية والجبير حمل إلى موسكو خطة تحريك الجنوب لافروف: حزب الله شرعيّ كقوّاتنا… ونشر منظومة روسية للإمساك بالجو اللبنانيون عالقون في الانتظارات والطرقات… والحريري لتحالف ثلاثي جديد
كتبت البناء: تابع الرئيس التركي تحضير ملفاته للقمة التي ستجمعه بالرئيس الأميركي في السادس عشر من الشهر المقبل، بنيران جيشه الذي اقتحم المناطق التي يسيطر عليها الأكراد تحت العيون الأميركية ناقلاً العلاقات الكردية بالأميركيين إلى مرحلة صعبة، لوّح خلالها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بالانسحاب من حرب الرقة ما لم يقم الأميركيون بما يلزم للجم الهجوم التركي.
مقابل هذا الاشتعال لجبهات شمال سورية، تتجه الأنظار جنوباً، حيث تتكاثر التقارير الإعلامية والمواقف السياسية الغربية للتبشير بفتح جبهة الجنوب عبر الحدود الأردنية، بعدما كشف الرئيس السوري بشار الأسد وجود تقارير متعدّدة تؤكد شيئاً ما يجري تحضيره جنوباً.
جاءت زيارة وزير الخارجية السعودية عادل الجبير لموسكو لتكشف طبيعة التحضيرات وهدفها، فبينما قالت مصادر ما يسمّى بجيش سورية الجديد الذي درّبه الأميركيون ويرعاه الأدرنيون ويموّله السعوديون إنهم يتجهون نحو معركة البادية السورية عبر محور الحدود السورية العراقية الأردنية، ما يعني وفقاً للمراقبين العسكريين للحرب في سورية، استكمال مساعي الأميركيين بالإمساك بالحدود العراقية السورية من جهة، وبفتح البادية السورية والعراقية أم فلول داعش التي ينتظر خروجها من الموصل والرقة، ويسعى الجيش السوري والحشد الشعبي، كل في جبهات قتاله لسد المنافذ أمامها، بينما تسعى واشنطن لفتح هذه المنافذ. وتبدو الحملة المرسومة من الجنوب محاولة بديلة لفشل الغارات الأميركية و”الإسرائيلية” التي فشلت في وقف تقدم الجيش السوري في جبهتي دير الزور وتدمر وصولاً للبادية التي تفصل بينهما.
الجبير في موسكو طرح وفقاً لمصادر إعلامية روسية، للتدخل لوقف التصعيد من الجنوب مقابل تفاهم مع روسيا يتضمّن القبول بالتعاون لتسوية سياسية يتراجع فيها السعوديون عن تحفظاتهم على الدولة السورية ورئيسها مقابل تعهّد روسي سوري بإخراج حزب الله من سورية، وتوفير ما يضمن الأمن “الإسرائيلي” جنوباً من جهة، وانتصاراً معنوياً سعودياً إسرائيلياً تركياً أميركياً من جهة أخرى، تحت عنوان محاربة النفوذ الإيراني.
الجواب الروسي لم يتأخّر، فقد فاجأ وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ضيفه السعودي بنقل الموقف إلى العلن بقوله إن موسكو ترفض تصنيف حزب الله إرهاباً، وترفض الطعن بشرعية وجوده في سورية، فشرعيته كشرعية القوات الروسية مستمدّة من الدولة السورية الشرعية، والجواب العملي الروسي على أخطار التصعيد الجنوبي كان سريعاً يإعلان وزارة الدفاع الروسية عن نيتها نشر منظومة متعدّدة المتسويات تسمح بإدارة كامل المجال الجوي السوري، بدلاً من الاكتفاء بمنظومتها الراهنة التي تؤمن حماية المواقع والقوات الروسية والمتمركزة بين الساحل والشمال في سورية.
في قلب هذا الارتباك الدولي والفوضى الإقليمية، يغرق لبنان في الإثنتين الارتباك والفوضى، وفوقها يعلق اللبنانيون في الطرقات مع تغاضي التعامل الحكومي مع فوضى واستنسابية ملفات الكسارات والمرامل، ليضاف إلى اختناق اللبنانيين حشرهم في الطرقات إضافة إلى عنق الزجاجة السياسي الذي يفرضه الضباب المحيط بمستقبل قانون الانتخاب، وسراب الأمل بولادة طبيعية للقانون، وغياب الوضوح حول ما بعد العجز والفشل بين خياري التمديد والفراغ.
عنق الزجاجة الانتخابي يضيق والمهل تضيق، واللعبة بين خيارَيْ التمديد والفراغ وعضّ الأصابع بين الفرقاء سجلت تبدلاً في موقف رئيس الحكومة سعد الحريري، نقل معه بارودته من كتف التحالف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، للانضمام إلى حلف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، فيخلط الأوراق كما فعل يوم تخلّى عن ترشيح النائب سليمان فرنجية وتبنّيه المفاجئ لترشيح العماد ميشال عون، وثباته هنا سيعني مخاطر التصويت على التمديد في جلسة الخامس عشر من أيار، ومخاطر توافر النصاب لترجيح كفة العودة لقانون الستين، الذي قال الحريري إن تيار المستقبل يخسر عدداً من المقاعد باعتماده في ظل تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ليطرح السؤال حول ما تضمّنته الصفقة الجديدة من ضمان حصته من ضمن التحالف الثلاثي الجديد وفقاً لقانون الستين، خصوصاً أن المتاعب الانتخابية التي تقلق تيار المستقبل وتهمّه هي في مناطق قلق واهتمام التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ذاتها، تتركّز في ثلاثية الشمال وزحلة وبيروت الأولى، والتحالف الثلاثي يضمن تقاسمها بنسبة كبيرة.
وكأن اللبنانيين لا ينقصهم فوق الأزمات السياسية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي يعانون تداعياتها، سوى إغلاق الطرقات أمامهم وهم متوجّهون الى أماكن عملهم ومنازلهم وتحولوا لساعات رهينة بيد سائقي الشاحنات الذين لم يتركوا وسيلة عنف إلا واستخدموها بحق المارة، من قطع للطرقات العامة الى تكسير السيارات والاعتداء بالضرب على المواطنين وتهديدهم بالسلاح، بينما الدولة غائبة عن شؤون البلاد والعباد، لا سيما وزارة الداخلية والبلديات المعنية الرئيسية بحفظ أمن الناس وممتلكاتهم وتنقلاتهم، وكما تنأى بنفسها عن ملف قانون الانتخاب الذي من المفترض بها أن تقدّم مشروع قانونه الى مجلس الوزراء، لم تكلف نفسها عناء التدخل لوقف مأساة المواطنين إلا بعد مضي ساعات، ليخرج الوزير نهاد المشنوق ويعلن عن إمهال المعتصمين ساعة قبل أن تتدخّل عناصر قوى الأمن الداخلي لفتحها بالقوة، بعد تهديد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتدخّل الجيش اللبناني لفتح الطرقات إذا لزم الأمر، ما يطرح تساؤلات عدة حول تأخر وزير الداخلية كل هذا الوقت لحسم الأمر وإصدار تعليماته للقوى الأمنية وهو يشاهد مباشرة عبر شاشات التلفزة ومن خلال التقارير الأمنية التي تصله ما ارتكبه السائقون على الاوتوسترادات والطرقات الرئيسية؟
ولهذه الغاية، عقد مجلس الأمن الداخلي المركزي في وزارة الداخلية اجتماعاً استثنائياً برئاسة المشنوق وقرّر الطلب إلى القوى العسكرية والأمنية المباشرة من صباح اليوم باتخاذ “كافة التدابير والإجراءات اللازمة لمنع إقفال الطرقات الدولية وتأمين حرية تنقل المواطنين وسلامتهم وانتقالهم إلى أعمالهم ومنازلهم والحفاظ على السلامة العامة ومنع إقفال أي طريق دولية، مهما كانت الأسباب وأوصى المجلس بضرورة اتخاذ القوى العسكرية والأمنية الإجراءات القانونية بشكل سليم وحازم لمنع أي تحركات مماثلة قد تحصل في المستقبل، حفاظاً على ممتلكات الناس والسلم الأهلي”.
وكان المشنوق تلقى وأجرى اتصالات برئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وقد أيّدا كل الخطوات التي قامت بها قوى الامن الداخلي والجيش اللبناني من أجل تسهيل تنقلات المواطنين وسلامتهم. كما طالب المشنوق رئيس الجمهورية بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد للبحث في ملف المرامل والكسارات وكل القضايا التي تهم الناس، “بعيداً عن النزاع السياسي حول قانون الانتخاب”.
كما عبّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن استيائه وإدانته قطع الطرق، مؤكداً بموقفه ايضاً من الكسارات والمرامل التي شوّهت الطبيعة وأضرّت وتضرّ بالبيئة.
وكان مسلسل قطع الطرقات الحيوية التي يسلكها المواطنون يومياً، من قبل أصحاب الشاحنات، بدأ صباح أمس في مختلف مراكز الشرايين الحيوية المؤدية الى العاصمة شمالاً وجنوباً وبقاعاً احتجاجاً على قرار وزير الداخلية وقف العمل بالمرامل والكسارات غير الشرعية ما سبّب زحمة خانقة، ما لبثت أن تطورت، في بعض الأحيان، إلى إشكالات مع المواطنين.
وفيما تصاعدت وتيرة الانقسام السياسي حول قانون الانتخاب والاحتمالات المطروحة للخروج
الديار : “دهسُ” كرامة الناس وهيبة الدولة : مهزلة ! هذا ما يقبل به عون .. والحريري يحاصر التمديد
كتبت الديار: ما حصل صباح امس عند مداخل العاصمة، وعلى العديد من الطرقات الدولية ابعد من حدود زحمة سير خانقة. ما جرى شكّل استباحة لكرامة اللبنانيين وإهانة جماعية لهم في وضح النهار، بقدر ما شكّل في الوقت ذاته سقوطا جديدا للسلطة التي بدت أعجز من ان تفرض هيبتها على.. شاحنة!
هكذا، وببساطة شديدة، قرر بعض اصحاب الشاحنات المعترضين على اقفال المرامل والكسارات ان يعبروا عن احتجاجهم عبر قطع شرايين مرورية حيوية، وبالتالي معاقبة آلاف المواطنين الذين تحولوا الى سجناء، وصارت سياراتهم زنزانات حديدية.
اساء اصحاب الشاحنات الى قضيتهم واخفقوا في الدفاع عنها، عندما اختاروا ان يبعثوا برسالتهم الى المعنيين، عبر بريد “اللحم الحي” للمواطنين الذين قادهم الحظ العاثر الى الوقوع في الفخ الصباحي، بينما كان يُفترض بمن يعتبر انه صاحب قضية محقة ان يكسب الرأي العام الى جانبه، لا ان يعاديه.
مرة أخرى، ينتقم الضحايا من الضحايا، في مشهد جديد من مشاهد جلد الذات ولحس المبرد. صحيح، ان الكثيرين يعتاشون من عمل الشاحنات، وان توقيف عملها او تقنينه بشكل اعتباطي يرتب تداعيات اجتماعية لا يجوز تجاهلها.. لكن الصحيح ايضا ان مشكلة العاملين في هذا القطاع ليست مع الناس الذين كانوا بصدد التوجه الى اعمالهم وبينهم من هم في وضع معيشي لا يقل صعوبة، وبالتالي فقد كان من الخطأ الاصطدام بهم والتعرض لهم.
والاسوأ من كل ذلك، ان الطرقات بقيت لساعات طويلة تحت سيطرة اصحاب الشاحنات، على مرأى ومسمع العناصر الامنية التي اكتفت في المرحلة الاولى بتأدية دور “الوسيط” او قوة الفصل بين المعتصمين والمواطنين، حتى حين كان بعض المنفعلين من المحتجين يلجأون الى استخدام العنف والتكسير، لمنع اختراق اي سيارة الحصار المضروب.
ان هذه الخفة في التعامل مع مصالح الناس، تعكس نمطا متوارثا من الاستهتار بمشاعرهم وكرامتهم، وكأن المواطن مجرد رقم في جدول حساب، يُستخدم تارة في “القسمة” وطورا في “الضرب”. وليس معروفا كيف لطبقة سياسية حاكمة تعجز عن حماية حق المرور للمواطن على طريق دولية، ان تمنحه حق العبور الى الدولة العادلة والقوية، وكيف لطبقة من هذا النوع تدوس الشاحنات على هيبتها ان تنجح في وضع قانون انتخاب منصف وعصري.
ولئن كان مجلس الامن المركزي قد اتخذ في ما بعد قرارا بمنع قطع الطرقات، بالتزامن مع تمكن “فرع المعلومات” من توقيف احد المعتدين ممن ضبطتهم الصورة بالجرم المشهود.. إلا ان هذا الاستدراك المتأخر لم يحجب فضيحة الصباح ولم يستطع اخفاء الندوب التي خلَفتهاعلى جسم السلطة.
وبصراحة اكبر، لقد بات الرئيس ميشال عون معنيا قبل غيره بالتدخل لتصويب مسار الامور، لان “الهزات الارتدادية” للملفات النازفة بدأت تصيب قصر بعبدا، والناس الذين راهنوا على عهد الجنرال للانتقال الى وطن افضل راح يتسرب اليهم شيء من الاحباط وخيبة الامل، مع تلاحق الانتكاسات.
ويسجل للرئيس عون انه سارع الى الاتصال بوزير الداخلية نهاد المشنوق وابلاغه بضرورة فتح الطرقات سريعا والا سيطلب الاستعانة بالجيش، وعلى هذا الاساس عقد مجلس الامن المركزي بالتفاهم بين الرئيسين عون والحريري.
وحسنا فعل الرئيس نبيه بري بالتبروء من التحرك العبثي الذي حصل، والتنديد به، خصوصا ان هناك من افترض ان “انتفاضة” اصحاب الشاحنات تحظى بتغطية حركة امل، وانها تنطوي في “بطانتها” على “رسالة مشفرة” من الحركة الى اطراف اخرى، فاتى موقف بري ليدفع الى استبعاد هذا السيناريو من دون الغاء فرضية وجود رابط بين التحرك الاحتجاجي لسائقي الشاحنات ومصالح بعض النافذين من اصحاب الكسارات والمقالع التي جرى توقيفها عن العمل لافتقارها الى الترخيص القانوني.
الجمهورية – الحريري: نعم لـ”التأهيلي” لا للتمديد… وشاحنات الكسارات تحبس المواطنين
كتبت الجمهورية: شاحنات الكسارات شحنت الأجواء الداخلية، وحوّلت الشوارع، وخصوصاً عند مداخل العاصمة والطرقات الجبلية والرئيسية، الى معتقل واسع حبس المواطنين في سياراتهم لساعات، وتعرض بعضهم لاعتداءات وممارسات استفزازية من بعض المشاغبين من دون حسيب او رقيب، في مشهد ينثر عشرات علامات الاستفهام في الاجواء الداخلية، ويضعها برسم المعنيين. لعلهم يقدِّمون أجوبة تكشف خلفيات زحف الشاحنات الى الشوارع وهل تحركت بشكل عفوي ام انّ يداً خفية كبست زرّاً سريّاً في احدى الغرف السياسية المغلقة. ولهدف أبعد من قرار بوقف العمل بالكسارات لمدة شهر؟ وامّا الشاحنات الانتخابية، فتبدو بدورها معطلة وسط الشارع السياسي، وعند محطة الفشل في بلورة الصورة التي سيرسو عليها الاستحقاق النيابي. وفي هذه الاجواء يأتي اللقاء المسائي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي بدا واضحاً أنه غادر محور التمديد للمجلس، بما يُلقي على الفرقاء ضرورة الوصول الى قانون قبل جلسة التمديد في 15 ايار المقبل.
حتى ما قبل زيارة الحريري ليل أمس الى عين التينة ولقائه بري في حضور الوزير علي حسن خليل ومدير مكتبه نادر الحريري، كان الحدث الانتخابي قد فقد جاذبيّته وصار خبراً روتينياً وأقلّ من عادي، لا بل ثانوي، والحراك السياسي حول هذا الملف كان يراوح عند نقاط الاختلاف ذاتها على الصيغ المطروحة التي تتضارب بعضها ببعض، ولا جديد فيها سوى محاولة احياء صيغ قديمة فشلت في جذب الاطراف كلهم اليها. او عمليات تجميل تخضع لها بعض الصيغ تحت عناوين مختلفة.
على أنّ هذا اللقاء كسر جو الرتابة، الّا انه لم يعكس وجود تقدم نوعي على الخط الانتخابي، علماً انّ هذا اللقاء سبقه نهاراً لقاء بين الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل وكان البحث في الموضوع الانتخابي من زاوية المشروع التأهيلي الذي يتقاطع حوله موقف الحريري مع باسيل.
وبعد اللقاء مع بري قال الحريري: “أنا احاول تقريب وجهات النظر لنصل الى 15 ايار بحلّ. لا أحد يريد الفراغ أو التمديد، أنا لا اريده ولا الرئيس ميشال عون يريده ولا الرئيس بري… ولا أظن انّ الرئيس عون يريد أن يكون هناك فراغ في عهده أو أن يكون هناك تمديد، واذا حصل تمديد فهو تقني من أجل القانون الجديد، وبري لديه نظرة للقوانين وكذلك النائب وليد جنبلاط ويجب أن نتساعد من أجل هذا الموضوع”.
واشار الحريري الى انه وافق على القانون التأهيلي “لأنني أريد حلاً. لقد وافقنا على معظم القوانين لأنني أرى أنه بنهاية المطاف يجب الموافقة على قانون”.
وكرر الحريري: “أنا لا أريد تمديداً ولا فراغاً بل أريد الوصول الى حل مهما كلّف الامر، هناك حلول موضوعة على الطاولة وإن شاء الله سنصل اليها،
المطلوب مني تحقيق بعض المواقف، وأنا لن أمشي بالتمديد. وبموضوع القوانين الانتخابية أتمنى على الآخرين أن يفعلوا القليل من الذي فعلته، أنا وافقت على ما لم أكن سأوافق عليه لأنّ المواطن “طَفح قلبه” من كل هذه الامور، ويريد أن نحارب الفساد ونقرّ الموازنة”.
وردا على سؤال أشار الحريري الى انّ مجلس الوزراء سينعقد الاسبوع المقبل وقال: “أنا لا أدعو الى جلسة لأنني أضغط على الجميع من أجل العمل على قانون الانتخاب، وأركّز العمل على ذلك”.