الاحتجاج الاجتماعي الأكثر صدقا: جدعون ليفي
الاحتجاج الاجتماعي الأكثر صدقا في إسرائيل لا يزعج أحدا. وضد الاحتجاج الاجتماعي الأكثر صدقا في إسرائيل توجد حملة تحريض حقيرة، بإشراف الحكومة والتعاون الاوتوماتيكي من قبل الخاضعين في وسائل الإعلام. الاحتجاج الأكثر صدقا في إسرائيل يتم تصويره على أنه خطر وتهديد أمني.
الاحتجاج الاجتماعي الصادق، الشجاع في إسرائيل في هذه الاثناء، هو اضراب مئات الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، الذي مر عليه اسبوع. ونحن نأمل لو أنه كان لدينا أصحاب ضمير كي ينضموا إلى الاضراب، أو على الأقل أن يتظاهروا تأييدا له. ولكن بدل ذلك يوجد لدينا شباب الاتحاد القومي الذين يشعلون نار الشواء قبالة نوافذ سجن عوفر من اجل تعذيب الجوعى. وهذا العمل السادي لم يحتج عليه أحد أيضا.
الاحتجاج الاجتماعي الأكثر صدقا في إسرائيل لا يتم تصويره هكذا، بل العكس، جميع المشاركين فيه يتم القول إنهم مخربون وقتلة. فهل جميع الأسرى اليهود ايضا «مخربون وقتلة»؟. النقاش الإسرائيلي لا يحب التشكك الاخلاقي عندما يتعلق الامر بالفلسطينيين. لذلك يُقال عن الأسرى السياسيين إنهم قتلة، وليس هناك أحد يتحدث عن نضالهم الذي يتعرض لحملة عدم الشرعية في طاحونة التحليل العسكري الذي فرض من الشباك.
يجب الانتباه إلى التفسيرات التي يتم طرحها: الحديث يدور عن صراع فلسطيني داخلي، البرغوثي ضد عباس، كل هذيان الدعاية الامنية، من اجل تشويش اهداف الاضراب، ولا أحد يهتم: اضراب أكثر من ألف شخص مع كل ما يعنيه ذلك من معاناة، من اجل مصلحة أسير واحد حكم عليه أربعة مؤبدات؟ هل يمكن لأحد التعاطي مع هذه الاقوال بشكل جدي؟ هل يعرف أحد أصلا عما يدور الحديث عند قول اضراب عن الطعا؟ هل هناك احتمال بأن يكون هؤلاء الاشخاص الذين يعرضون حياتهم للخطر، يسعون إلى أهداف حقيقية وعادلة؟.
لا يوجد عدل أكثر من عدالة اهدافهم. لا يوجد حتى مطلب واحد مبالغ فيه. إنهم يريدون التعامل معهم بشكل أكثر انسانية. فهل هناك طلب أكثر عدالة من ذلك؟ إنهم يريدون هواتف عامة، مثل الجنائيين اليهود الأكثر حقارة، ويطلبون تمديد زمن زيارة العائلة، ويريدون أخذ صورة بين الفينة والاخرى مع أبناء عائلاتهم وتلقي العلاج الطبي المناسب.
ويطلبون ايضا مكيفات في السجون ذات الظروف الصعبة من هذه الناحية في الجنوب وفي الشمال، ويطلبون وجود خدمات للزوار الذين ينتظرون ساعات طويلة في الخارج، ويطلبون امكانية التعلم في الجامعة لمن فرض عليه قضاء معظم حياته في السجن، ويطلبون ايضا وقف الاعتقالات الادارية. باختصار، هم يريدون القليل من العدل، وهذه أهداف اجتماعية وليست سياسية.
قوموا بقراءة تاريخ الاضرابات عن الطعام. لقد كانت جميعها عادلة تقريبا. والآن هي تثير التأييد، بدء باضراب العبيد السود في السفن البريطانية في القرن الثامن عشر ومرورا بالاضراب الكبير للأسرى في شمال ايرلندا وانتهاء باضراب الطلاب في الصين في تاين آن مان. وهناك شخصيات رائعة يمكن الاحتذاء بها مثل مهاتما غاندي واندريه سخروف وايبي نتان، والآن مروان البرغوثي الذي وصفته «يديعوت احرونوت» بـ «المحرض». على ماذا يحرض؟ على ادخال الكتب إلى السجن؟ على الهاتف العام؟.
يوجد بين الأسرى قتلة، لكن عددهم قليل. وتوجد لهم ايضا حقوق، بعضهم في السجن بسبب نشاطهم السياسي، والبعض في السجن بدون محاكمة. ومؤخرا أضيف اليهم من تم اعتقالهم حسب نواياهم الافتراضية. وجميعهم جزء من النضال القومي من اجل الحرية. يجب أن يثير ذلك التأييد لدى الإسرائيليين ايضا. لقد فرضت عليهم احكام شديدة، لا سيما مقارنة مع اليهود، وايضا بدون محاكمة عادلة.
وظروف اعتقالهم تُعرف بالابرتهايد الذي لا يخجل من المقارنة مع الأسرى اليهود. الآن هم يقاتلون من اجل حقوقهم الاساسية، يجب تأييد نضالهم، يجب الخروج ضد حملة التحريض عليهم. أهداف اضرابهم عادلة أكثر من تحريض جلعاد اردان، وأكثر اخلاقية من ديماغوجية يئير لبيد.
هآرتس