النص الكامل لمقابلة الرئيس الأسد مع وكالتي ريا نوفوستي وسبوتنيك الروسيتين:
السؤال الأول:
شكراً لكم، سيادة الرئيس، لمنحنا الفرصة لإجراء هذه المقابلة، وسأبدأ بالحدث المأساوي الذي حدث أخيراً في حلب، حيث كان معظم الذين قتلوا وجرحوا من الأطفال، من برأيكم يقف وراء هذه الجريمة، ولأي هدف؟
الرئيس الأسد:
قبل بضعة أشهر، كان نفس الاتفاق على وشك التنفيذ، لكن كما تعرف، فأنت تتحدث عن فصائل مختلفة، وجميعها مرتبط بالقاعدة أو “جبهة النصرة”، قام أحد تلك الفصائل بمهاجمة الحافلات التي كانت مخصصة لنقل نفس المدنيين إلى خارج الفوعة وكفريا قرب حلب، هاجموا تلك الحافلات وأحرقوها، وظهر ذلك على الانترنت، وقالوا: “لن نسمح بحدوث هذا الاتفاق، سنقتل كل مدني يريد استخدام الحافلات”، وهذا ما حدث، عندما اعتقدنا أن كل شيء بات جاهزاً لتنفيذ الاتفاق، فعلوا ما كانوا قد أعلنوه، إنهم من “جبهة النصرة”، ولم يخفوا أنفسهم منذ البداية، وأعتقد أن الجميع متفق على أن “النصرة” قامت بذلك.
السؤال الثاني:
هل هناك مجموعة محددة، أم أنها “النصرة” نفسها؟
الرئيس الأسد:
عندما تتحدث عن “النصرة” فأنت تتحدث عن أيديولوجيتها، وكما تعرف فإن “النصرة” غيرت اسمها، وبالتالي فإن تغيير الأسماء لا يعني تغيير الأيديولوجيا أو السلوك أو مسار القتل، وبالتالي، فإن الاسم لا يهم.
السؤال الثالث:
كم عدد الأشخاص الذين قتلوا منذ بداية الحرب وحتى هذه اللحظة؟
الرئيس الأسد:
في الواقع، نستطيع أن نتحدث فقط عن الأرقام الرسمية، لقد قتل عشرات الآلاف، وليس كما تسمع في وسائل الإعلام عن مقتل مئات الآلاف، نستطيع بالطبع أن نتحدث عن آلاف المفقودين الذين لا نعرف شيئاً عن مصيرهم، هذا هو العدد الرسمي، لكن في الغرب، فإنهم يضيفون عدد الإرهابيين، وبالطبع فإن عدداً كبيراً من الإرهابيين لم يسجلوا من قبل الدولة على أنهم قتلى، وينطبق الأمر ذاته على الأجانب الذين قدموا إلى سورية بعشرات وربما مئات الآلاف للمشاركة في القتال، إذاً، فإن الأعداد التي نسمع عنها في وسائل الإعلام الغربية على مدى السنوات الست الماضية ليست دقيقة، بل يقصد منها تضخيم الأعداد لإظهار أن الوضع مروع، ولاستخدام ذلك كذريعة إنسانية للتدخل في سورية، نحن كدولة نتحدث عن عشرات آلاف الضحايا حتى هذه اللحظة.
السؤال الرابع:
إذاً، أنتم لا توافقون على الرقم الذي تعطيه الأمم المتحدة؟
الرئيس الأسد:
لا، لأن الأمم المتحدة ليست لديها أي وسائل لإحصاء الأعداد، وفي الواقع فإن لا أحد يمتلك مثل تلك الوسائل، كما قلت، لأنك تتحدث عن فصائل مختلفة، أجانب وسوريون وإرهابيون، وما إلى ذلك، وبالتالي، فإن الأمر معقد ويصعب تحديد رقم، الشيء الوحيد الذي بحوزتنا هو السجلات الرسمية، وبالطبع، لابد أن يكون الرقم أعلى من السجلات الرسمية، لكننا لا نستطيع تقديره وإعطاء أي رقم.
السؤال الخامس:
بالأمس، ظهرت تقارير تفيد بأنه تم القبض على البغدادي من قبل القوات الروسية والسورية على الحدود بين سورية والعراق، هل بوسعكم تأكيد ذلك؟
الرئيس الأسد:
لا، هذا ليس صحيحاً.
الصحفي:
ليس صحيحاً؟
الرئيس الأسد:
لا، ليس صحيحاً، في كل الأحوال، فإن تلك الحدود تقع تحت سيطرة “داعش” حتى الآن، وليست تحت سيطرة السوريين أو الروس، أو حتى الغربيين أو الأمريكيين أو أي طرف آخر، “داعش” وحده يسيطر على تلك الحدود، وبالتالي فإن البغدادي في مأمن في تلك المنطقة.
السؤال السادس:
هل لنا أن نتحدث عن الضربة الصاروخية التي قامت بها الولايات المتحدة؟ لقد عادت قاعدة الشعيرات الجوية بسرعة إلى العمل، لكن كثيرين يتساءلون لماذا لم يقم الجيش السوري بضرب الصواريخ الأمريكية أو بمحاولة إسقاطها؟
الرئيس الأسد:
كثير من الناس يتساءلون عن دفاعاتنا الجوية والدفاعات الجوية الروسية وينظرون إليها بصفتها قوة مطلقة تستطيع إسقاط أي صاروخ، الأمر معقد تقنياً، لأن صواريخنا ينبغي أن ترى هدفها، وكي تتمكن من رؤية الهدف أنت بحاجة لرادار يستطيع أن يرى كل زاوية من زوايا البلاد، وهذا أمر مستحيل لأنك تتحدث عن أرض وتضاريس، وكما تعرف فإن صواريخ كروز تستخدم تلك التضاريس للاختباء من الرادار، وبالتالي فإن الأمر بحاجة إلى نظام مكثف يغطي كل زاوية كي يتمكن من إسقاط الصواريخ، هذا أولاً، ثانيا،ً ربما قلة من الناس تعرف أن الإرهابيين لجؤوا منذ بداية الهجمات إلى تدمير الدفاعات الجوية السورية التي لا علاقة لها بما كانوا يسمونه حينذاك “المظاهرات السلمية”، معظم الدفاعات الجوية موجودة في المناطق المحيطة بالمدن، بدؤوا بمهاجمة الدفاعات الجوية التي تأثرت بشكل كبير خلال الأزمة، وبالتالي، ثمة عوامل عدة من شأنها أن تؤثر فيما يتعلق بإسقاط تلك الصواريخ.
السؤال السابع:
ما حجم خسائركم من نظام دفاعكم الجوي خلال تلك الهجمات التي شنها الإرهابيون قبل أن تشن الولايات المتحدة هجومها؟
الرئيس الأسد:
عدد كبير، فقد كانت هدفهم الأول، كان هدفهم الأول الدفاعات الجوية، لا نستطيع بالطبع إعطاء عدد دقيق لأن هذه معلومات عسكرية كما تعلم، لكن يمكنني أن أقول لك أننا فقدنا أكثر من خمسين بالمئة، بالطبع، فإن الروس، ومن خلال دعمهم للجيش السوري، عوضوا جزءاً من تلك الخسارة بأسلحة وأنظمة دفاع جوي نوعية، لكن هذا لا يكفي عندما تتحدث عن بلد بأكمله، الأمر يستغرق وقتا طويلاً لاستعادة كل دفاعاتنا الجوية.
السؤال الثامن:
هل تجري أي مفاوضات ملموسة مع الروس فيما يتعلق بشراء أنظمة دفاع جوي جديدة؟
الرئيس الأسد:
نعم، هذا هو الحال دائماً، قبل الحرب وخلال الحرب. بالطبع، فقد بتنا نحتاج المزيد من الأسلحة بعد الحرب بسبب الاستهلاك، وهذا جزء من العلاقة اليومية بين وزارتي الدفاع في روسيا وسورية.
السؤال التاسع:
ما الأنظمة التي تهتمون بشرائها بعد الهجوم، “إس 300” ، أو “إس400″، أو أي نوع من الأنظمة؟
الرئيس الأسد:
نحن مهتمون عادة بالجيل الأحدث من أي نظام، لكن ذلك يعتمد على ما هو متوافر، وعلى سياسة الجهة التي تبيعه، وهي روسيا، وعلى الأسعار، هناك العديد من المعايير، وذلك يعتمد بالطبع على المواصفات التي تبحث عنها والتي يمكن أن تكون مناسبة لنوعية الحرب التي تخوضها، ولجيشك، ولتضاريس منطقتك، وبالعديد من المعايير الأخرى المتعلقة بالدفاع الجوي.
السؤال العاشر:
هل كان هناك أي حديث عن شحنات تقدم مجانا من روسيا، أم إنها عقود تجارية؟
الرئيس الأسد:
في هذا الوضع، أعني في الحرب التي نخوضها، فإن روسيا تنظر إليها بوصفها أكثر من حرب سورية، وأكثر من حرب سورية وروسية، أعتقد أنها حرب كل بلد يريد حماية مواطنيه من الإرهابيين، وبالتالي، عندما تدعم روسيا جيشنا، فإنها لا تحمي المواطنين السوريين فحسب، بل تحمي أيضا المواطنين الروس، بل أعتقد أنها تحمي الأوروبيين والآخرين أيضاً، بالنسبة لهم، فإنهم لا يعتبرونها حرباً تجارية كما يفعل الأمريكيون الذين، عندما يشنون حرباً، فإنهم يحسبون عدد الوظائف التي يمكن أن يوفروها نتيجة هذه الحرب، الروس ينظرون إليها كحرب ضرورية لحماية مواطنيهم والمواطنين الآخرين، وموقع روسيا كدولة عظمى، والتوازن السياسي، والتوازن العسكري في العالم، في هذا السياق، أنت لا تنظر إلى الأسلحة من حيث كلفتها أو من حيث المزايا أو الأرباح التي تحققها.
السؤال الحادي عشر:
دمشق قالت إنها مستعدة لاستقبال بعثة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في حادثة خان شيخون، هل جرت أي اتصالات بينكم وبين هذه المنظمة، وما التواريخ المحتملة لوصول أول فريق من الخبراء؟
الرئيس الأسد:
في الواقع، ومنذ حدوث الهجوم الأول الذي شنه الإرهابيون قبل بضع سنوات على جيشنا في حلب، طلبنا من الأمم المتحدة إرسال وفد للتحقيق لإثبات ما قلناه من أن الإرهابيين استخدموا الغازات السامة ضد جيشنا، ووقعت لاحقاً العديد من الحوادث المشابهة، ولم يرسلوا أي وفد، الأمر نفسه يحدث الآن، بعثنا برسالة رسمية إلى الأمم المتحدة، وطلبنا منها إرسال وفد للتحقيق بما حدث في خان شيخون، وبالطبع، فإنهم لم يرسلوا وفداً حتى هذه اللحظة، لأن الغرب والولايات المتحدة منعوا أي وفد من القدوم، لأنه لو أتى مثل ذلك الوفد، فإنه سيجد أن كل رواياتهم حول ما حدث في خان شيخون ومن ثم الهجوم على مطار الشعيرات كانت فبركة وكذبا في كذب، لهذا لم يرسلوا وفداً، الاتصالات الوحيدة التي تحدث الآن، على ما أعتقد، هي بين روسيا وربما الدول الأخرى من أجل إرسال ذلك الوفد، حتى هذه اللحظة، لم نتلق أي أخبار إيجابية حول قدوم أي وفد.
السؤال الثاني عشر:
ما رأيكم بما حدث هناك؟ أسأل لأنه كانت هناك تقارير مختلفة من أنواع مختلفة، وسوء تفسير واتهامات بوجود أخبار زائفة، ما الذي حدث هناك طبقا لمعلوماتكم؟
الرئيس الأسد:
في الواقع، فإن تلك المنطقة تخضع لسيطرة “جبهة النصرة”، التي هي القاعدة، المعلومات الوحيدة التي لدى العالم بأسره هي ما نشرته هذه المنظمة، أو المجموعة، أي “النصرة”، على يوتيوب، وعلى الإنترنت بشكل عام، وفي مختلف وسائل الإعلام، الغربية منها بشكل أساسي. وبالتالي، فإننا لا نستطيع إصدار حكمنا بناء على تقاريرهم، أولاً، لا نعرف ما إذا كان الموقع الذي هاجمناه ذلك اليوم “قبل الظهر بنصف ساعة، حوالي 11.30” مستودعا لمواد كيميائية أو مستودعاً لأي شيء من ذلك القبيل، روايتهم كانت أن الهجوم حدث بين 6 و 30ر6 صباحا، نحن لم نشن أي هجوم في ذلك الوقت، وبالتالي هناك احتمالان، الأول هو أنه حدث هجوم وقت الظهيرة، أو حوالي 11.30 والاحتمال الثاني الذي نعتقد أنه حدث هو أن الأمر مفبرك، ولم يكن هناك هجوم، كل ما رأيناه كان صورا وفيديوهات شبيهة بالفيديوهات التي رأيناها على مدى العام أو العامين الماضيين فيما يتعلق بالخوذ البيضاء أو “تنظيم القاعدة الإنساني”، وهي قصة وهمية، إنها ليست موجودة في كل الأحوال، فمثلاً الصورة التي تظهر أطفالاً قتلوا في غارة جوية روسية اكتشف لاحقاً أنها لم تكن صورة حقيقية، لقد وضعوا صبياً وغطوه بالوحل والدم، الدم الزائف طبعاً، وما إلى ذلك، كل هذه الحيل يمكن أن تكون جزءاً من القصة، هذا ما نعتقده، لأن الهجوم كان معداً سلفاً، وهم لم يريدوا أن يسمعوا ولا أن يحققوا، الشيء الوحيد الذي أرادوه هو شن الهجوم، نعتقد أنها كانت مفبركة لسبب وحيد وبسيط، لو كان هناك تسرب غازي أو هجوم بالغاز، وأنت تتحدث عن 60 شخصاً قتلوا في تلك المدينة، كيف تمكنت المدينة من الاستمرار بالحياة بشكل طبيعي؟ لم يقوموا بإخلاء المدينة، لا أحد غادرها، واستمرت الحياة كالمعتاد، وهذا سلاح دمار شامل، وبعد أيام، هاجموا الشعيرات حيث قالوا إن مستودعات الغاز موجودة، هاجموا جميع المستودعات ولم يكن هناك أي غاز يتسرب من ذلك المطار، لم يتأثر أحد من ضباط أو أفراد جيشنا بأي غاز، وبالتالي، بالنسبة لنا لم يكن هناك هجوم بالغاز ولا مستودع للغاز، لقد كانت مسرحية مفبركة لتبرير الهجوم على قاعدة الشعيرات الجوية، هذا ما حدث.
السؤال الثالث عشر:
إذاً، الرواية الأساسية هي أنه لم يتم استخدام أي أسلحة أو مواد كيميائية هناك؟
الرئيس الأسد:
إذا نظرت إلى الصور، تستطيع أن ترى المنقذين “المنقذين المفترضين” ينقذون الناس دون استخدام الأقنعة، ودون قفازات وكانوا يتنقلون بحرية، كيف ذلك؟ هذا يتعارض مع جميع مواصفات غاز السارين الذي تحدثوا عنه،لا يستطيعون فعل ذلك لأنهم كانوا سيموتون كالآخرين، كما أنك لا تعرف ما إذا كان أولئك الناس المستلقون على الأرض أمواتاً أم لا، يمكنك تزوير تلك الصور، فهذا سهل جداً، وبالتالي فإنك لا تستطيع بناء حكمك على صور وفيديوهات، وخصوصا أنها صور وفيديوهات صنعت من قبل القاعدة.
السؤال الرابع عشر:
ماذا عن إمكانية حدوث استفزازات مستقبلية كهذه، لأن رئيسنا بوتين قال إن ثمة معلومات تفيد بأن مثل تلك الاستفزازات يمكن أن تحدث في المستقبل، ما تقييمكم لمثل هذا الاحتمال؟
الرئيس الأسد:
في الواقع، فإن هذا الاحتمال قائم ليس بسبب ما حدث مؤخرا فحسب، بل إنه حدث من قبل، وكان هذا الاحتمال قائماً قبل بضع سنوات، منذ المرة الأولى التي استخدموه فيها في العام 2013، منذ ذلك الحين، وهذا احتمال قائم بالنسبة لنا، إنه لم يكن مجرد احتمال، بل تم استخدامه كذريعة فعلاً، لكن في هذه المرة كانت الحملة الدعائية مختلفة، لأن الجميع كان مستعداً للهجوم، وبالتالي كان ذلك جزءاً من الأجندة، جزءاً من الخطة، كانت تلك خطة واحدة، وليس حدثين منفصلين، وبالتالي، إن الاحتمال قائم بالطبع، هذا أولا، لأن هذا حدث من قبل، ثانياً، لأن النظام في الولايات المتحدة لم يتغير، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة تهاجم دولاً مختلفة بطرق مختلفة دون أن تأخذ في الاعتبار مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، إذاً، فالنظام العميق لم يتغير، النظام العميق هو نفسه الذي يهاجم ويقتل ويكذب لتبرير ما يفعله، وبالتالي، فإن شيئاً لم يتغير فيما يتعلق بالولايات المتحدة، يمكنهم أن يفعلوا ذلك في أي وقت، ويمكنهم أن يفعلوا شيئاً مختلفاً لأن هدفهم هو زعزعة استقرار سورية وتغيير وإسقاط الحكومة، واستبدالها بدمى تابعة لهم، وبالتالي فإنهم سيفعلون كل شيء، فبالنسبة لهم الغاية تبرر الوسيلة، ليس لديهم قيم ولا أخلاق على الإطلاق، كل شيء يمكن أن يحدث.
السؤال الخامس عشر:
وهل هناك أي تهديد باستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل الإرهابيين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمن أين يحصلون عليها، من أي بلد؟
الرئيس الأسد:
من تركيا، مباشرة من تركيا، وهناك أدلة في هذا الصدد، وقد عرض بعضها على الانترنت قبل بضع سنوات، كانت هناك أحزاب عدة وأعضاء عدة في البرلمان التركي ساءلوا الحكومة فيما يتعلق بتلك الادعاءات، وبالتالي، فهذا ليس أمرا خفياً، كثيرون في سورية كانوا يعرفون هذا، كما أن الطريق الوحيد كي يحضر الإرهابيون الأموال، والأسلحة، وكل أشكال الدعم اللوجيستي، والمجندين، وهذا النوع من المواد هو من خلال تركيا، ليس لديهم أي طريق آخر يستخدمونه للقدوم من الشمال، وبالتالي، فإن المصدر هو تركيا مئة بالمئة.
السؤال السادس عشر:
لننتقل إلى نقطة أخرى فيما يتعلق بالوضع العسكري، متى سيبدأ الجيش السوري عملية لتحرير الرقة؟ وهل ستشارك فيها وحدات كردية؟ وهل سيشارك فيها الروس؟ وهل هناك إمكانية للتعاون مع التحالف الغربي والقوات العراقية؟
الرئيس الأسد:
فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، فإننا نعلن دائما استعدادنا للتعاون مع أي بلد مستعد بصدق، أو يريد، أو لديه الإرادة لمحاربة الإرهاب، إننا لا نحدد أي بلدان تلك، نقول، أي بلد، بما في ذلك الغرب، آخذين في الاعتبار معرفتنا المسبقة بأن الغرب يدعم الإرهابيين وأنه لا يمتلك الإرادة لمحاربتهم، لكننا قلنا إننا مستعدون للتعاون مع كل من هو مستعد لمحاربة الإرهاب، فيما يتعلق بالتعاون السوري الروسي والحديث عن الأكراد فإننا نتحدث دائما مع مختلف الفصائل التي تحارب الإرهابيين في سورية، ولدينا اتصالات مباشرة مع الأكراد، ومع الروس بالطبع في هذا المجال. أما السؤال المتعلق بكيفية حدوث ذلك، فكما تعرف أنه قبل شهر فقط كان جيشنا يتقدم من حلب نحو الشرق، باتجاه الرقة، ولم يكن بعيدا عن الوصول إلى الرقة، عندها شن الإرهابيون هجومهم على وسط سورية، على حماة، لحماية “داعش” في منطقتين، منطقة شرق حماة، وهي قريبة من تدمر، بعد أن حررنا تدمر مؤخرا، وذلك لإبطاء تقدم الجيش السوري في ذلك الاتجاه، والمنطقة الثانية باتجاه الرقة، ولتحقيق نفس الهدف، بسبب ذلك الهجوم على حماة ترتب علينا إبطاء هجومنا، وليس وقفه، لأن جزءا من القوات، قوات الجيش العربي السوري، كان عليها أن تتحرك في كلا الاتجاهين للقدوم جنوبا وغربا إلى حماة من أجل حماية المدينة، وقد تمكنت بالطبع من صد الهجوم، ونجحت في ذلك، لكن ذلك حدث على حساب التقدم في مناطق مختلفة، هذا ينبئك بالعلاقة بين “داعش” و”النصرة”، والعلاقة بين “داعش” و”النصرة” وتركيا، وبالطبع فإن تركيا تعني الولايات المتحدة، والولايات المتحدة تعني فرنسا وبريطانيا، وكلاهما يعني السعودية، وما إلى ذلك، في الواقع فإن هذه جوقة واحدة، ولديهم جيش واحد، جيش وكيل واحد يتكون من فصائل مختلفة، وبشكل أساسي القاعدة و”النصرة” و”داعش”، ولذلك تم إبطاء تقدمنا نحو الرقة لأننا غيرنا أولويتنا بسبب الجبهات المختلفة المفتوحة مع الإرهابيين.
السؤال السابع عشر:
فيما يتعلق بتركيا، في شمال حلب، في الباب، الجيش السوري يواجه القوات التركية التي غزت سورية في انتهاك للقانون الدولي، هل سيتخذ الجيش السوري أي إجراء لوضع حد لهذا التدخل التركي، ومتى وكيف يمكن أن يحدث هذا؟
الرئيس الأسد:
عندما تتحدث عن الغزو التركي، وعندما نتحدث عن القوات الأمريكية “والتي نعتبرها غزوا”، وعندما تتحدث عن الإرهابيين على الأرض، فكلهم كيان واحد ولا فرق بينهم، هناك سيد واحد يسيطر على كل هذه الفصائل، وبالتالي، فإن الأولوية الآن هي إلحاق الهزيمة بالإرهابيين، عندما تهزم الإرهابيين، فإن الجيش التركي وأي جيش آخر سيصبح ضعيفا على الأرض، قوتهم الحقيقية تكمن في وكلائهم وليس في جيشهم هم، في ذلك الصدد، عندما تهزم الإرهابيين في مناطق مختلفة، سيصبح سهلا جدا طرد أي طرف آخر، بما في ذلك الأتراك، إما أن يغادروا، أو “لأنها أرضك” عليك أن تدافع عنها، وعليك أن تذهب لمحاربتهم. لا تستطيع القول، “يمكنهم أن يبقوا” أو “دعنا نتفاوض”، لا، لا تتفاوض على ذلك، إنها أرضك، وأنت تدافع عنها، تقوم بطردهم ومحاربتهم، لكن الأولوية الآن هي محاربة وكلائهم، لأنهم العنصر الأقوى على الأرض.
السؤال الثامن عشر:
هل تتوقعون تصعيدا عسكريا بعد الضربة الصاروخية الأمريكية، وهل يمكن لهذه النتيجة أن تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين سورية والولايات المتحدة؟
الرئيس الأسد:
كما تعرف فإنهم هاجموا القاعدة الجوية من المتوسط، وبالتالي فأنت تتحدث عن مئات الأميال، وأحيانا آلاف الأميال، وهذا خارج نطاق قدرة الجيش السوري على الوصول، إذا أردنا أن نكون واقعيين، يمكننا القول إننا لا نصل إلى سفنهم في المتوسط، لكن إذا تحدثت عن القوات على الأرض، مرة أخرى فالأمر شبيه بالوضع التركي، فعندما تهزم إرهابييهم “لأن الإرهابيين إرهابيوهم” عندها تستطيع أن تذهب وتحارب الآخرين الذين يحتلون الأرض، وفي ذلك المجال، فإن الأمريكيين كالأتراك، كأي محتل آخر عليهم الخروج بإرادتهم أو بالقوة.
السؤال التاسع عشر:
هل ترون أي علامات إيجابية؟ هل تعتقدون أنه يمكن حدوث أي تحسن في العلاقات الثنائية بين سورية والولايات المتحدة؟
الرئيس الأسد:
إننا نحاول دائما النظر إلى نصف الكوب الممتلئ، لكننا لم نستطع رؤيته، حاولنا أن نرى أي شيء إيجابي، قلنا إن ما قاله هذا الرئيس، ترامب، كان “واعدا”،وقد وصفت ما قاله بالواعد قبل بضعة أشهر، لكن في الواقع فإن الأمر لا يتعلق بما يعدون به، لأننا جميعا نعرف أن المسؤولين الأمريكيين يقولون شيئا ويفعلون شيئا مختلفا، إنهم لا يلتزمون بوعودهم أو بكلماتهم، هذا ما ثبت مؤخرا بعد هجومهم على الشعيرات، يقولون شيئا ويفعلون شيئا مختلفا “في السياسة لا تقول، لن أفعل هذا” كلما كان هناك نافذة أمل بأن هذه الدولة أو هذا النظام يمكن أن يغير موقفه حيال احترام سيادتك، وحيال منع إراقة المزيد من الدماء في بلدك، ينبغي أن تتعاون، الأمر ليس علاقة شخصية وليست قضية حب أو كراهية، بل هي مصلحة شعبك، ولذلك، لا أستطيع القول إن هذا التصعيد غير شيئا، لأن هذا التصعيد تعبير حقيقي عن واقع النظام الأمريكي الموجود منذ عقود، ليس جديدا على الولايات المتحدة أن تفعل شيئا كهذا، لكن لابد لك من التعامل مع الولايات المتحدة كدولة عظمى، على الأقل لمنعها من إحداث أي آثار ضارة، وأنا هنا أتحدث بشكل عام، ولا أتحدث عن سورية فقط، عندما يغيرون سلوكهم، نحن مستعدون وليس لدينا مشكلة.
السؤال العشرون:
هل حاولتم إقامة أي اتصالات، أو هل تخططون للتواصل مع ممثلين لإدارة ترامب؟
الرئيس الأسد:
لا، ليس لدينا أي قناة اتصال الآن بين سورية وإدارة أو نظام الولايات المتحدة.
السؤال الحادي والعشرون:
كيف تقيمون التحالف الناشئ بين الولايات المتحدة والوحدات الكردية؟ هل اتخذتم خطوات لمنع تأسيس منطقة حكم ذاتي شمال البلاد؟
الرئيس الأسد:
إننا لا نسيطر على تلك المنطقة الآن، لكن الحديث عن الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو أي شيء من هذا القبيل، عندما لا يكون هناك حرب، وعندما يكون هناك وضع طبيعي، فإن ذلك يرتبط بالدستور، لأن سورية هي بوتقة تنصهر فيها مختلف الثقافات، والإثنيات، والأديان، والطوائف، وما إلى ذلك، وبالتالي، فإن جزءا واحدا من هذا النسيج الاجتماعي لا يستطيع تحديد مستقبل سورية، ذلك يحتاج إلى إجماع، بالتالي، وفيما يتعلق بما ذكرته، من الأفضل الانتظار حتى مناقشة الدستور القادم بين مختلف أطياف المجتمع السوري، وعندها يمكن أن نعرف ما سيكون عليه الحال هناك، انطباعنا اليوم أن الأغلبية الساحقة من السوريين لا تؤمن بالحكم الذاتي أو الفيدرالية أو أي شيء من هذا القبيل، إن ذلك يستعمل في هذا الوقت
كذريعة، لأنه لا وجود للحكومة في تلك المنطقة، يقولون، “إننا نحكم أنفسنا لأنه ليس هناك حكومة”، هذه ذريعة تستخدم اليوم، لكن عندما يكون هناك استقرار وتسيطر الحكومة على البلاد، لن يكون هناك مبرر للتعامل مع مثل ذلك الوضع ما لم يسمح الدستور لمنطقة معينة بأن تشكل فيدرالية أو كونفيدرالية أو أي شكل آخر في الحكم.
السؤال الثاني والعشرون:
فيما يتعلق بالدستور، هل بدأتم بالمشروع الذي يتم النقاش بشأنه في جنيف، وما رأيكم بمقترح حذف كلمة “العربية” من اسم البلد؟
الرئيس الأسد:
مرة أخرى، نحن كحكومة لا نملك الدستور الذي ينبغي أن يكون هناك توافق سوري عليه، إذا كان السوريون لا يؤمنون بكلمة “دولة عربية”، ما معنى وجود هذه الكلمة؟ فقط لأن الحكومة تؤمن بها؟ لا، ينبغي أن نكون نحن مرآة أغلبية السوريين، عندما نقول نعم أو لا، انطباعنا هو أن أغلبية السوريين ملتزمون بهذه الكلمة لأن هذه هويتهم، أغلبية السوريين عرب ويؤمنون بهويتهم، لكن مرة أخرى، لن أقول إن هذا صحيح أو خاطئ إلى أن يعبر السوريون عن رأيهم في استفتاء، قبل الحديث عن أن الرئيس قال إنه يدعم هذه الكلمة أو إنه ضدها، حتى ذلك الحين، فإن هذا لا يعني شيئا، لا يزال من المبكر مناقشة تلك النقطة، وهي ليست قضية إشكالية، أعني أن لا أحد يناقشها الآن، عدد قليل فقط من السوريين، وبشكل أساسي بين الأكراد، يذكرون هذه القضية، إنها ليست مشكلة كبيرة.
السؤال الثالث والعشرون:
وما القضية الأكثر إشكالية من وجهة نظركم؟
الرئيس الأسد:
بالنسبة للدستور؟
الصحفي: نعم.
الرئيس الأسد:
علمانية الدولة، معظم الفصائل التي انضمت ظاهريا إلى المفاوضات في أستانا وبعض تلك التي شاركت في جنيف، لا يقبلون بدولة علمانية، إنهم يريدون دولة دينية، دولة إسلامية، هذا هو الجزء الأكثر أهمية في الخلاف المتعلق بالدستور، حتى هذه اللحظة، بالطبع، لم نبدأ بالمفاوضات المباشرة، لكننا نعرف من خلال الوسطاء ما يقترحونه وما نقترحه نحن.
السؤال الرابع والعشرون:
لقد تحدثنا عن الوضع في الشمال، وهناك شيء ما يحدث في الجنوب، هل لديكم أي معلومات عن خطط الأردن لنشر قواته في سورية بالتنسيق مع الولايات المتحدة بذريعة محاربة “داعش”؟ لقد ظهرت بعض التقارير الإعلامية في هذا الصدد، وإذا كان الحال كذلك، هل تعتقدون أن ثمة تهديدا من البلدان المجاورة بتقسيم سورية؟
الرئيس الأسد:
لدينا تلك المعلومات، ليس فقط من خلال وسائل الإعلام، بل من مصادر مختلفة، فكما تعرف لدينا نفس القبائل ونفس العائلات تعيش على جانبي الحدود، ويمكنهم رؤية التغيرات في الجو العام أي تغير لوجيستي، وبالتالي تستطيع معرفة أي خطط جديدة لهم على الأرض، لدينا مثل تلك المعلومات، لكن في كل الأحوال فإن الأردن كان جزءا من المخطط الأمريكي منذ بداية الحرب في سورية، سواء أحب ذلك أم لم يحب، عليه إطاعة أوامر الأمريكيين، الأردن ليس بلدا مستقلا على أي حال، وكل ما يريده الأمريكيون سيحدث، فإذا أرادوا استخدام الجزء الشمالي من الأردن ضد سورية، فإنهم سيستخدمونه، الأمر لا يتعلق بالأردن، ونحن لا نناقش الأردن كدولة، بل نناقشه كأرض في تلك الحالة، لأن الولايات المتحدة هي التي تحدد الخطط وتحدد اللاعبين، وهي التي تقر كل شيء يدخل من الأردن إلى سورية، العديد من الإرهابيين يدخلون من الأردن، ومن تركيا بالطبع، منذ اليوم الأول للحرب في سورية.
السؤال الخامس والعشرون:
لنتحدث قليلا عن الوضع في الموصل، ما تقديركم لعدد مقاتلي “داعش” الذين أخرجوا من منطقة الموصل ودخلوا الأراضي السورية؟ وإلى أي حد ساهمت عملية “التحالف” في الموصل وانسحاب الإرهابيين في تعزيز مواقع “داعش” هنا في سورية؟ هل يمكن لهذا أن يؤدي، على سبيل المثال، إلى سيطرة الإرهابيين الكاملة على دير الزور؟
الرئيس الأسد:
إذا أردنا ربط مختلف الأحداث مع بعضها بعضا، يمكن أن نصل إلى الجواب، أولا، لا أحد يعرف العدد الدقيق لأفراد “داعش” الذين يدخلون سورية لأن الحدود مفتوحة الآن، ليس هناك حدود نظامية، وليس هناك جيش سوري ولا شرطة، لا يوجد دولة هناك، وبالتالي، لا أحد يعرف، لكن التقديرات المستخلصة من المعلومات التي لدينا من مواطنين في تلك المناطق، تتحدث عن أن عشرات آلاف المقاتلين من “داعش” يدخلون إلى سورية، إذا عدت إلى ما قبل بضعة أشهر، عندما هاجمت طائرات “التحالف” موقعنا العسكري قرب دير الزور، حيث هاجموا أحد المواقع الرئيسية، وهو جبل يسمى جبل الثردة، وهو جبل استراتيجي لحماية دير الزور من السقوط في أيدي “داعش”، هاجموا جيشنا لأكثر من ساعة، وقتلوا العشرات من جنودنا ثم قالوا، “آسفون، لقد كان ذلك بالخطأ”، هذا، رغم أنه جبل كبير وليس بناء كي تخطئ بشأنه، لاحقا، بدؤوا بالسماح للمقاتلين القادمين من الموصل بالدخول، أرادوا بالطبع القيام بعملية ذات وجهين الوجه الأول هو أن الولايات المتحدة تهاجم “داعش” في الموصل، وبالتالي فهي ضد “داعش”، لكنهم في الوقت نفسه يدعمون “داعش” ويسمحون له بعبور الحدود من العراق إلى سورية، هذا يعني أنهم ساعدوا “داعش” على القدوم إلى دير الزور وحاولوا تقويض الجيش السوري الذي يدافع عن المدينة، أرادوا أن تسقط دير الزور في أيدي “داعش”، وربما لاحقا، في واحدة من مسرحياتهم كتلك التي حدثت في جرابلس وعين العرب وفي مناطق مختلفة، يتفاوضون مع “داعش” على مغادرة دير الزور ليقولوا إنهم حرروا المدينة، ومن ثم يرسلون وكلاءهم والدمى التابعة لهم لمهاجمته، لحسن الحظ، فقد صمد الجيش السوري وكان قويا بما يكفي لصد هجوم “داعش” بعد هجوم “التحالف” قبل بضعة أشهر، الآن، يتقدم الجيش ببطء ويستعيد السيطرة على المنطقة من “داعش”، لكن الوضع اليوم أفضل مما كان بالأمس، وأفضل مما كان قبل أسبوع، وهكذا، إذا، ما طرحته في سؤالك صحيح مئة بالمئة، هذه خطة أمريكية، وهم يسمحون لهم بالدخول ويمنحونهم الغطاء ليأتوا إلى سورية.
السؤال السادس والعشرون:
إذا فهذا يغير الوضع العسكري كما قلت، هناك تهديدات من الشمال، ومن الجزء العراقي من الحدود ومن الأردن، والهجمة العسكرية الصاروخية من السفن الأمريكية، في هذا الوضع، هل ستطلبون من روسيا المزيد من المساعدة لتعزيز الدعم الروسي، بما في ذلك على الأرض؟
الرئيس الأسد:
في الواقع، فإن القوات الجوية الروسية كانت فعالة وكفوءة جدا خلال العام ونصف العام الماضيين أو أكثر قليلا، في دعم الجيش السوري، والجميع يعرف أنه منذ بداية ذلك الدعم عام 2015، تغير ميزان القوى وتمكنا من استعادة تدمر وحلب والعديد من المناطق الأخرى، وتمكنا من الدفاع عن حماة مؤخرا، حيث كان هجوما كبيرا جدا ومنظما لكننا تمكنا من صده، وبالتالي فإن ذلك الدعم كان كفوءا، ولا ينبغي بالطبع أن ننسى الدعم الكفوء الذي يقدمه الإيرانيون على الأرض، إنهم لم يرسلوا جنودا، لكن بوجود ضباطهم ومستشاريهم، لعبوا دورا مهما جدا، ولذلك، فإني لا أعتقد أن هناك حاجة الآن لقوى برية، في بعض الأحيان، عندما يكون هناك هجوم مكثف على عدة جبهات، كما ذكرت، من الشمال، والشرق، والجنوب، وفي الوسط، فإن صواريخ الكروز الروسية تهاجم من البحر، وفي إحدى المرات أتت قاذفة استراتيجية روسية من روسيا لشن هجوم في سورية، وبالتالي، فإن الدعم العسكري الروسي لا يقتصر على قاعدتهم في سورية، في الواقع هم يعرفون احتياجات المعركة، الوضع متقلب، لكن حتى الآن ليس هناك حاجة لقوات برية، ربما في المستقبل، إذا غير أعداؤنا وداعموهم وإرهابيوهم ووكلاؤهم استراتيجيتهم وأحضروا المزيد من الإرهابيين من سائر أنحاء العالم، وبات هناك جيوش كاملة من الإرهابيين، قد تصبح هناك حاجة، لكن حتى هذه اللحظة، لا أعتقد أن هناك حاجة، ما تم القيام به جيد وكاف.
السؤال السابع والعشرون:
فيما يتعلق بمستقبل التسوية السياسية، كيف ترونه، آخذين في الاعتبار انخفاض فعالية محادثات جنيف؟ وهل يمكن لأستانا أن تحل محل جنيف بوصفها المنصة الرئيسية للمفاوضات؟ وسؤال آخر، هل هناك أشخاص أنتم مستعدون للتواصل معهم والانخراط معهم في محادثات مباشرة من جانب “المعارضة”، أعني من بين أولئك الذين يأتون إلى أستانا من الفصائل العسكرية، أو في جنيف؟
الرئيس الأسد:
أولا، تقديرنا لجنيف هو أنه لم يبدأ بعد، حتى هذه اللحظة ليس هناك شيء، لقد ولد ميتا، لأنك إذا أردت أن تشتري أداة أو جهازا ما من السوق، فإنك تقرأ أولا المتطلبات المكتوبة على الصندوق، ما المتطلبات اللازمة كي يعمل هذا الجهاز بشكل سليم ويقدم لك ما تتوقعه؟ الأمر نفسه ينطبق على كل شيء في هذا العالم، إذا كنت تتحدث عن جنيف، فقد يكون فكرة جيدة، أستانا فكرة جيدة جدا، لكن هل لدينا المتطلبات اللازمة كي تنتج هاتان الأداتان شيئا؟ حتى هذه اللحظة، لا، لأن طرفا في هذا الحدث يتكون من روسيا، وإيران، وسورية بالطبع، مستعد لتحقيق حل سلمي، إنهم يحترمون سيادة سورية ويتطلعون إلى وحدة سورية، ويحترمون ميثاق الأمم المتحدة والقرارات المختلفة لمجلس الأمن، وما إلى ذلك، بينما إذا نظرت إلى الطرف الآخر، أي الكتلة الغربية مع حلفائها في المنطقة ووكلائها، بالطبع، فهم يقفون على الطرف الآخر، إنهم يستخدمون هذه المبادرات فقط كمظلة سياسية للإرهابيين، وليس للتوصل إلى حل سياسي، إذا، متطلبات العمل هي وجود هدف واحد، الآن لا وجود لهذا الهدف الواحد، بل هناك أهداف مختلفة، هناك على الأقل هدفان، عليك أن تناقش هذا مع الطرف الآخر، ولنسمه المعارضة، سواء تكون من المسلحين أو المعارضة السياسية، لكنهم فصائل مختلفة، ولديهم وجهات نظر مختلفة، وبالتالي، فإنك لا تتحدث عن كيان واحد، إذا، فإن العديد من المتطلبات لم تتوافر بعد كي تنجح هذه المبادرات، الآن، هل نحن مستعدون للجلوس معهم؟ بالطبع، نحن في سورية جلسنا مع الإرهابيين، إذ كيف يمكننا التوصل إلى تلك المصالحات ما لم نجلس معهم؟ منذ البداية لاحظنا أنه ليس هناك مسار سياسي حقيقي للسبب الذي ذكرته للتو، ولهذا قلت دعونا نذهب ونمهد الطريق للمسار السياسي المتمثل في المفاوضات المباشرة مع الإرهابيين أو المسلحين في مختلف المناطق، ونقول لهم إذا سلمتم أسلحتكم، فسنمنحكم عفوا وتعودون إلى حياتكم الطبيعية وتعيشون كأي مواطن آخر، وإلا، إذا لم تكونوا جزءا من هذه المصالحة، تستطيعون المغادرة إلى أي مكان تشاؤون، وهذا ما يحدث اليوم، وما حدث بالأمس، وما يحدث كل يوم، بين وقت وآخر، وهو ما ساعد على تحقيق الاستقرار في العديد من المناطق في سورية وقوض الإرهابيين وأسيادهم، إذا، نعم، نحن مستعدون للجلوس مع كل من يمكن أن يساعدنا على وقف إراقة الدماء في سورية، أيا كان، ليس لدينا مشكلة وليس لدينا محظورات في هذا الصدد.
السؤال الثامن والعشرون:
لكن أليس لديكم تفضيلات أيضا؟
الرئيس الأسد:
بأي معنى، ما الذي تعنيه؟
الصحفي:
بمعنى أن يكون لديكم أشخاص بعينهم، أسماء معينة يمكن للحكومة السورية أن تتحدث معهم مباشرة..
الرئيس الأسد:
لا، أحيانا تستطيع القول إنك ستجلس مع المعارضة السياسية ولا تريد أن تجلس مع المسلحين على سبيل المثال، تقول إنك يمكن أن تجلس مع المعارضة غير المرتبطة بقطر أو السعودية أو فرنسا، وما إلى ذلك، أعني المعارضة التي ليست جزءا من أجندة أجنبية ضد سورية، لكن في المحصلة، فإن السؤال الرئيسي الذي ينبغي أن تسأله قبل الشروع في أي مفاوضات، هل هذا الطرف قادر على التنفيذ؟ ما الذي يستطيع فعله؟ إذا جلست مع شخص لا يمتلك أي نفوذ على الأرض، على الواقع في سورية، ما الذي سنتفق عليه؟
إنه محض إضاعة للوقت، في الواقع نحن براغماتيون جدا في هذا الصدد، ونقول دعونا نجلس مع كل من يستطيع تغيير الوضع بطريقتين، الأولى هي وقف القتل، وهذه أولوية بالنسبة لكل سوري، وليس فقط بالنسبة للحكومة، إذا سألت أي سوري، فسيقول لك إننا بحاجة للأمن، وبحاجة للاستقرار، ثانيا، إذا أردت أن تناقش الأمر سياسيا، يمكنك التحدث عن أي شيء، يمكن أن تتحدث عن الدستور، وعن مستقبل سورية، وعن النظام السياسي الذي تريده، وعن النظام الاقتصادي، عن أي شيء يمكن أن يكون قابلا للتحقيق، هذا لن يكون معقدا عندئذ، لكن دون استقرار لا تستطيع تحقيق شيء في أي مفاوضات، ولهذا قلت إننا ذهبنا مباشرة إلى التحدث مع المسلحين، ليس هذا هو الطرف المفضل لدينا، كما جاء في سؤالك، لكنه الأكثر فعالية في هذا الوقت.
السؤال التاسع والعشرون:
ذكرتم قطر والسعودية، اقترحت كازاخستان، بوصفها الدولة المضيفة لعملية أستانا، دعوة عدد أكبر من الدول إلى هذه العملية، بما في ذلك قطر والسعودية، ما رأيكم في ذلك؟
الرئيس الأسد:
أعتقد أنه كلما كان عدد الدول المشاركة أكبر، فهذا أفضل من عدة جوانب،إما أن يؤدي ذلك إلى منح هذه المبادرة مزيدا من الدعم، وذلك سيحمي المبادرة ويزيد من احتمالات النجاح، أو سيكون هناك نفس البلدان التي ستعارض المبادرة سواء كانت جزءا منها أو خارجها، لكن إذا كانوا جزءا منها، تستطيع أن تشير إليهم وأن تخبرهم بأنهم جزء من المشكلة وأن عليهم أن يساعدوا، وأن تقول لهم، إذا كنتم صادقين في المساعدة، وليس فقط خطابيا أو كلاميا، هذه هي المبادرة، فكونوا جزءا منها وأثبتوا لنا أنكم ضد الإرهاب وأنكم تدعمون ما يريده الشعب السوري، وبالتالي، في كلا الحالين، من الإيجابي دعوة كل من يريد أن يأتي، وبالتالي، فأنا أدعم ما أعلنه المسؤولون الكازاخستانيون بالأمس حول توسيع المشاركة في عملية أستانا.
السؤال الثلاثون:
وزراء خارجية روسيا، وسورية، وإيران قيموا المحادثات التي أجروها مؤخرا في موسكو بأنها ناجحة، هل ترغبون بالبناء على هذا النجاح وعقد اجتماع ثلاثي على المستوى الرئاسي؟
الرئيس الأسد:
المسألة لا تتعلق بالمستوى، فوجهات النظر التي عبروا عنها في تصريحاتهم تمثل رؤساءهم لأن وزير الخارجية يعمل مع الرئيس في كل الأحوال، إذا، المسألة لا تتعلق بالمستوى، لأن أي مسؤول يمثل الحكومة برمتها، والدولة كلها، ربما، إذا كان هناك ضرورة لفعل ذلك في المستقبل، فإنها ستكون فكرة جيدة بالطبع، لكن بالنسبة لنا في سورية الآن، فإن الأولوية هي الوصول إلى الهدف وليس الشكليات.
السؤال الحادي والثلاثون:
لنتحدث قليلا عن العلاقات الثنائية في المجال الاقتصادي،لقد زار نائب رئيس الوزراء الروسي ديميتري روغوزين دمشق مؤخرا، وقال إنه تم التوصل إلى اتفاق لتعزيز عمل الشركات الروسية في سورية، وإنه حصل على ضمانات منكم بأن الشركات الروسية سيكون مرحبا بها وستحظى بالأولوية هنا، ما الآليات المحددة التي تم وضعها لتحقيق هذا الهدف؟
الرئيس الأسد:
لدينا قوانيننا فيما يتعلق بكيفية إبرام العقود مع مختلف الشركات، وقد بدأنا بالفعل مع بعض الشركات بعد زيارة روغوزين، وخصوصا أن الشركات الغربية غادرت سورية، ليس بسبب الوضع الأمني، بل لأسباب سياسية، وبالتالي، فإن السوق السوري مفتوح الآن للشركات الروسية كي تأتي وتنضم إلينا وتلعب دورا مهما في إعادة بناء سورية والاستثمار فيها، الجزء الأكثر أهمية بالنسبة لنا، وأعتقد بالنسبة لهم أيضا، هو مجال النفط والغاز، وقد انضمت مؤخرا بعض الشركات الروسية إلى القطاع خلال الأشهر القليلة الماضية، وتجري الآن الخطوات الأخيرة في عملية توقيع العقود.
الصحفي:
سيادة الرئيس، شكرا جزيلا لكم على هذه المقابلة، لقد كانت صريحة ومهمة للغاية، شكرا جزيلا لكم.
الرئيس الأسد:
شكرا لقدومكم.