لحظة الاختبار للمعارضة في تركيا: يوسي بيلين
الرئيس التركي أردوغان عرف بالضبط ما الذي يفعله. وقبل انتهاء فرز الاصوات الرسمي للمشاركين في الاستفتاء الشعبي، أعلن أردوغان عن فوزه. وهناك من فوجيء من أن الفجوة بين المؤيدين والمعارضين كانت صغيرة جدا، لكن أردوغان فوجيء كما يبدو من الفوز نفسه.
تركيا هي دولة منقسمة بين متدينين وأحرار، بين وسط ومحيط، بين مؤيدي اتاتورك وبين من يريدون شطب ما تبقى من ثورته الاجتماعية. بعد نحو عشر سنوات حظي فيها أردوغان بتأييد بعض الليبراليين، بسبب سياسته الاقتصادية ومحاولته الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي، فقد هذا الجمهور لأنه بدأ في فرض سلطة غير ديمقراطية.
سحر أردوغان بقي في اوساط المحافظين المتدينين. وكلما كشف عن نفسه كمن يسعى إلى القوة والسيطرة، كلما ابتعد عنه من اعتقد أنه يمثل شيئا مختلفا. كلما اصبح أكثر فظاظة وتهديدا واستفزازا لكل العالم، كلما ابتعد عن اوروبا أكثر، وكلما تمتع بملذات السلطة (القصر الجنوني الذي بناه لنفسه وفيه اكثر من ألف غرفة) كلما ساهم في انقسام الجمهور.
في السنوات الاخيرة يوجد في تركيا معسكران متبلوران، أردوغان يمثل أحدهما. ومن اجل أن يضمن لنفسه الاغلبية يجب عليه تسلق الجدران (عندما فرض على تركيا انتخابات اخرى بعد الانتخابات التي لم تمكنه من تشكيل الحكومة).
هذا الامر حدث ايضا في الاستفتاء الشعبي الحالي. ويمكن القول إنه في الوضع الذي تكون فيه الديمقراطية مصابة، لن تستطيع المعارضة في تركيا ضعضعة اوراق التصويت المزدوجة، وحالات موثقة لتزوير الانتخابات. ولكن يمكن القول ايضا إنه لو تم قبول هذه الاستئنافات لكان اتضح أن فوزه الحدودي ليس فوزا أبدا.
ليس صدفة أن أردوغان خرج عن اطواره ليُمكن وزراءه من الظهور في الشتات التركي في اوروبا. لقد حاول هؤلاء اقناع من هاجروا من بلادهم بتأييد الغاء الديمقراطية في تركيا. وعرف أردوغان أنه يحتاج كل صوت، والآن هو يسير نحو التحدي الغريب التالي: اعادة عقوبة الاعدام التي تعني الاستخفاف العلني بالاتحاد الاوروبي الذي يشترط انضمام تركيا اليه بالغاء هذه العقوبة.
المحللون في العالم لا يعرفون كيف أن أردوغان الذي له شعبية كبيرة، والذي فوزه في الاستفتاء الشعبي مضمون، حيث سيحصل بعده على الضوء الاخضر للبقاء في الحكم حتى 2029 ـ يخرج عن أطواره عندما لا يتم السماح لمبعوثيه بالسفر ومحاولة الغاء الديمقراطية التركية. ولكنه يعرف أن فوزه ليس مضمونا.
أردوغان يطلب من المعارضة الصمت، لكنها إذا ناضلت فستحقق انجازات كبيرة. وهناك في هذه المعارضة اشخاص يعرفون أن الديمقراطية حيوية لتركيا، ليس فقط رؤساء احزاب المعارضة (الذين يوجد البعض منهم في السجن)، بل ايضا اشخاص كانوا ينتمون إلى الدائرة القريبة من أردوغان مثل الرئيس السابق عبد الله غول ورئيس الحكومة السابق احمد اوغلو. هم وغيرهم تقشعر أبدانهم من تصرفات أردوغان وهم لا يريدون العودة إلى زمن السلطان.
إسرائيل اليوم