صلابة محور سورية الشرقي
غالب قنديل
طيلة اكثر من ست سنوات ومنذ الفيتو الروسي الصيني المزدوج الذي استخدم لأول مرة في مجلس الأمن الدولي ترسخ التكتل العالمي الجديد الذي تبلور حول مبدأ التضامن مع سورية لدعمها في مجابهة العدوان الاستعماري الذي شنته ضدها الإمبراطورية الأميركية بواسطة حكومات الناتو والحكومات الإقليمية التابعة للغرب ( خصوصا التركية والسعودية والقطرية والأردنية ) وجيوش القاعدة والمرتزقة الدوليين.
هذا التكتل الذي يضم روسيا والصين وإيران هو تكتل مناهض للهيمنة الأميركية الأحادية على العالم من موقع المصالح الوجودية المشتركة في التصدي للإرهاب التكفيري كما إنه يشترك مع حلفاء من منظمة شانغهاي ومجموعة البريكس في أهدافه العليا وقد وجد اطرافه ان الحرب على سورية تستهدف أطرافه مباشرة وإذا سقطت القلعة السورية ستكون الدول الثلاث أهدافا مباشرة للغزوات التكفيرية الإرهابية الشاملة بإدارة الولايات المتحدة وحلفها الدولي الإقليمي الذي تخوض به تلك الحرب الكبرى التي صمدت الدولة الوطنية السورية في وجهها بكل جدارة وقدمت امثولة في تلاحم الشعب والجيش والقيادة وبات رئيسها مثالا للعالم في الوطنية والمقاومة ضد الاستعمار.
وجد المخططون الأميركيون تهديدا كبيرا لمشاريعهم الاستعمارية من الشراكات الاستراتيجية التي قامت خلال عقود مضت وصمدت في جميع الظروف بين سورية وإيران وذلك استنادا إلى حصيلة عملية جسدها صعود المقاومة اللبنانية والفلسطينية وانتصارها في محطات وجولات مؤلمة توجت بنزع هيبة الردع الصهيونية بالقوة.
بعد فشل جميع الضغوط والمحاولات لفك هذا التحالف وضع قيد التنفيذ المخطط القديم لتدمير سورية وبالدرجة نفسها عاين المخططون انفسهم وبكل قلق تلك الشراكة الناشئة بين إيران وكل من الصين وروسيا وفيها اقتصاد ونفط وتكنولوجيا مدنية وعسكرية واستنتجوا بوضوح ان القدرات الصينية العملاقة تتقدم خلف الصعود الروسي والتنامي الإيراني وهم يتابعون بقلق كبير تقدم مشروع طريق الحرير الجديد الذي يتجه بقوة إلى شواطيء سورية على المتوسط والخوف من هذا التواصل الاستراتيجي يدفع واشنطن للاستماتة في تعطيل التنسيق السوري العراقي وسد الطرق إليه ولأجل هذا الهدف نفذت طفرة داعش بدعم اميركي سعودي قطري تركي لإقامة منطقة عازلة تشغلها قوى التكفير الإرهابي لاستنزاف البلدين ومنع اتحاد اقتصادهما وتواصل شعبيهما وجيشيهما.
بذلت الولايات المتحدة جهودا هائلة مع حلفائها بقصد التخلص من التكتل الدولي الإقليمي الشريك في دعم سورية وقد اعتبر المخططون الأميركيون هذا الحلف العالمي الإقليمي تهديدا نوعيا وتعاظم ذلك الاستنتاج بقوة مضاعفة منذ اندماج الجهود الروسية الإيرانية في الميدان السوري اقتصاديا وعسكريا وسياسيا فجاهرت مراكز التخطيط بضرورة تفكيك التحالف بين طهران وموسكو مرتين خلال السنوات الماضية الأولى في السعي لمحاصرة القوة الإيرانية بعد الاتفاق النووي والثانية في العمل المتواصل لتنشيط العدوان على سورية ومحاولة النيل من الرئيس بشار الأسد وفي المرتين كانت طهران وموسكو ودمشق تحبط الرهانات الأميركية وتضعف واشنطن بخطوات جديدة أشد صلابة وتماسكا وبشراكة أعمق وأوسع وأشد تجذرا كما حصل مؤخرا في اللقاء الثلاثي الذي اعقب العدوان الأميركي.
بيان موسكو الختامي زاد منسوب القلق والارتباك الأميركي وهو أعقب إعلانات روسية عن تعزيز الدفاعات الأرضية السورية المضادة للطائرات والصواريخ وإنذارا تبلغه الوزير تليرسون في موسكو بعدم معاودة الاعتداء على السيادة السورية.
وقد أشارت التقارير الصحافية إلى بحث الاجتماعات في تنسيق الجهود لمجابهة العدوانية الأميركية وبالذات لصد ما تخططه واشنطن للجنوب السوري بالشراكة مع عمان وتل أبيب وهو طبعا بالتعاون مع تركيا والسعودية وقطر.
محور سورية الشرقي ينجز مشروعا ضخما سياسيا واقتصاديا وميدانيا أبعد بكثير من الحدود الجغرافية للدول المعنية وتسهم فيه كل جهة بمقدار استطاعتها وتبعا لاستراتيجيتها وظروفها لكن الحصيلة العملية المباشرة هي دعم جهود الدولة الوطنية السورية وإرادتها الاستقلالية التحررية بعدما باتت هي محور الاستقطاب والتشكل العالمي الجديد لتوازن القوى في حوض المتوسط وشرقي آسيا عموما بالتوازي مع ما تمثله شبه الجزيرة الكورية ومنطقة بحر الصين الجنوبي واوكرانيا من نقاط ساخنة في مخاض العالم الجديد.
إن مصالح روسيا والصين وإيران في دعم الصمود السوري باتت وجودية واختبارات القوة برهنت على فشل جميع المحاولات في زعزعة هذا الحلف الذي يتصاعد ويشتد بدهاء وذكاء بينما تتجه الإمبراطورية الأميركية وعملاؤها نحو المزيد من الهستيريا والمغامرة والخرف مثل كل قوة هرمة دخلت مرحلة الشيخوخة.