ما بعد العدوان على الشعيرات حميدي العبدالله
إذا كانت إدارة ترامب قد راهنت من خلال عدوانها على مطار الشعيرات على وقف تقدّم الجيش السوري وحلفائه لتحرير ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرة الإرهاب، وحماية هؤلاء الإرهابيين، وتجميد عملية الحسم، فإنّ التطورات الميدانية ما بعد هذا العدوان تؤكد فشل الولايات المتحدة في تحقيق ما سعت إلى تحقيقه عبر هذا العدوان.
صحيح أنّ الاعتداء على مطار الشعيرات دفع الجيش السوري وحلفاءه إلى إبطاء التقدّم على بعض المحاور من أجل اتخاذ إجراءات وقائية تحسّباً لأيّ عدوان جديد مثل العدوان على مطار الشعيرات، إلا أنّ الصحيح أيضاً أنّ الجيش السوري قد استكمل إجراءاته الوقائية، وتدابيره الاحترازية، واستأنف هجومه ضدّ مواقع الإرهابيين على كافة المحاور، ولا سيما على جبهة ريف حماه الشمالي التي استأثرت بالاهتمام بعد الهجوم الذي شنّه تنظيم القاعدة وشركاؤه على مواقع الجيش السوري في محاولة للردّ على تحرير مدينتي حلب وتدمر، وتقدّم الجيش في جبهات القابون وجوبر بعد صدّه للاعتداء الذي شنّته الجماعات الإرهابية قبل أيام.
اليوم الجيش السوري حرّر جميع البلدات والمواقع التي سيطر عليها الإرهابيون في ريف حماة الشمالي أثناء هجومهم الأخير، بل أكثر من ذلك أنّ الجيش لا يزال مستمراً في هجومه على مواقع الإرهابيين في طيبة الإمام وحلفايا، حيث انقلب السحر على الساحر، وبعد أن كان الجيش السوري ملتزماً بوقف القتال على هذه الجبهة استناداً إلى اتفاق أستانة، كان الاعتداء الإرهابي على هذه الجبهة فرصة للجيش السوري لتوسيع مناطق الأمان لمدن وبلدات واقعة في ريف حماة الشمالي.
اليوم الولايات المتحدة، وتحديداً إدراة ترامب، أمام خيارين لا ثالث لهما: إما شنّ اعتداءات جديدة على القواعد الجوية أو مواقع للجيش السوري مع ما يحمله ذلك من مخاطر ردّ سورية وحلفائها على تكرار العدوان مرة أخرى مع ما سيترتب على ذلك من مخاطر، وإما تفعيل خيار البحث عن حلّ سياسي للأوضاع على قاعدة توازن القوى الميداني الذي كان قائماً قبل العدوان على الشعيرات، والذي تعزز بعد ذلك في ضوء التقدّم الذي حققه الجيش السوري على جبهات الريف الشمالي لمحافظة حماة.
(البناء)