تقارير ووثائق

التقرير الدوري لمراكز الابحاث الاميركية 15/4/2017

 

نشرة اسبوعية دورية تصدر عن مركز الدراسات الأميركية والعربية

15 نيسان – ابريل/‏ 2017  

المقدمة    

     لم تلبث الغارة الصاروخية الاميركية ضد سوريا البدء في التفاعلات وبروز ادلة قطعية تنفي مسؤولية الدولة السورية عنها، واذ بالقيادة العسكرية الاميركية تستعرض عضلات ترسانتها باستخدام “ام القنابل” التقليدية زنة 11،000 طن من المتفجرات على موقع جبلي شرقي افغانستان، من المرجح انه ضم مخابيء محفورة في الصخر بدعم اميركي ابان القتال ضد الوجود السوفياتي هناك؛ وهي الآن تقوم بتدمير ما بنته لادواتها.

     في ظل تسارع تلك التطورات، واقلاع المؤسسة الاعلامية الاميركية “شبه الرسمية” عن المطالبة باجراء تحقيق في حادثة خان شيخون السورية واحجامها ايضا عن ادامة التداول بغية التوصل لحقائق الحادثة، خضعت طوعيا لسردية المؤسسة بالاستدارة نحو “التهديد القادم من كوريا الشمالية.”

     يستعرض التقرير بعضا من الجدل الدائر في اوساط النخب الفكرية والبحثية حول حادثة خان شيخون، ويمر على “شبه اجماع” بينها لتأييد الغارة بل بعضهم طالب بالمزيد؛ بالمقابل الأقلية استنجدت بالنصوص القانونية والصلاحيات المخول بها منصب الرئيس للاضاءة على “عدم امتثال القرار” لتلك الصلاحيات.

     يتناول قسم التحليل التدهور الحاد في العلاقات الروسية – الاميركية عقب الغارة الاميركية ضد سوريا، والاضاءة على وجهتي النظر وآفاق المديات المرئية.

ملخص دراسات واصدارات مراكز الابحاث

سوريا: غارة عسكرية اميركية

       انخراط شبه كامل لوسائل الاعلام الاميركية، بكافة تشعباتها وتوجهاتها السياسية، لتأييد قرار شن الغارة، دون ان يلحظ المرء توجهات ناقدة او معارضة بشكل مباشر.

     انفرد معهد كاتو من بين اقرانه باثارة الجانب القانوني الواهي الذي استند اليه الرئيس ترامب موضحا ان وصف الادارة ومؤيديها في المؤسسة الحاكمة بأن الغارة “كانت محدودة” لا يعفيها من التقيد بالصلاحيات الدستورية “سواء كانت محددة او في شن حرب شاملة.” ولفت انظار المؤسسة الى ما قام به رؤساء اميركا في مرحلة تأسيس الكيان وقيام احد أهم اركان قارعي طبول الحرب، الرئيس هاميلتون فيما بعد، الذي انتقد الرئيس جون آدامز لاتخاذه ترتيبات عسكرية “ما فوق الدفاعية” لحماية خطوط النقل البحري الاميركي، كونها تندرج “ضمن توصيف الاعمال الانتقامية والتي ينبغي الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الحربية لاعلان قرار الحرب.”

https://www.cato.org/blog/weak-legal-pretext-trumps-drive-tomahawking

     بينما رحب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بقرار شن الغارة معتبرا ان من ضمن تداعياتها “ان لها أثرا أوسع للحد من استخدام الأسد الارهاب الرسمي ضد شعبه؛” وحث الادارة الاقلاع عن “تركيزها المفرط للقضاء على داعش والعنف المتطرف .. (ومواجهة) الارهاب الرسمي الذي يقوم به مستبد علماني مثل الأسد .. بل ان الهجوم بالكيميائي والبراميل المتفجرة قد اثبت خطورة ارهاب تمارسه الدولة، بل اضعاف” ما تقوم به اطراف اخرى “غير رسمية.” وذكّر المعهد بتداعيات عدم قيام الولايات المتحدة اتخاذ قرار بالتدخل، في عهد الرئيس اوباما، مما “ارسى انطباعا لدى الأسد بأن وضعه آمن بما يكفي بمساعدة روسية، اضافة للتصريحات الاميركية المتعددة التي يبدو فيها تراجعا عن (هدف) ازاحته من السلطة.” واضاف ان الغارات الصاروخية الاميركية الاخيرة “اوضحت ان (شخص) الأسد يمكن ان يكون هدفاً سياسياً رئيساً .. في غارات انتقامية محتملة تبدو كلفتها اكثر جدوى من استمراره في استخدام السلاح الكيميائي.”

https://www.csis.org/analysis/us-attacks-syria-what-comes-next

     في ذات الاثناء، اعتبر معهد ابحاث السياسة الخارجية الغارة الصاروخية “أخف عدوانية من بين خيارات الادارة .. بيد إن اصداءها ورسالتها القوية لم تتمكن من تحديد تداعياتها؛ وقد يترتب عليها جولة جديدة من من الانعكاسات والسخرية المهينة.” واستدرك بالتساؤل عن ماهية “الخيارات الاخرى الموضوعة امام الرئيس ترامب من قبل مستشاريه العسكريين .. التي لا نعلم عنها شيئا؛ بيد انه باستطاعتنا التكهن كون احدها يتمحور حول ما طالب به الثنائي جون ماكين وليندسي غراهام الذي ينطوي على القضاء التام على سلاح الجو السوري برمته – مما يستدعي دخول الطائرات المقاتلة ساحة المعركة وليس صواريخ كروز.” واستطرد بالقول ان الخيار المشار اليه يستوجب اخضاع ولجم الدفاعات الجوية السورية اولا، وربما نجد انفسنا امام غموض مكتوم في قناة الاتصال مع روسيا للجم التصادم والاشتباك المباشر معها.” حينئذ، اضاف، اننا “نكون قد دخلنا في حرب مباشرة، وانزلاق حاد للأسوأ، وربما ليس مع الطرف السوري بمفرده في سوريا.”

http://www.fpri.org/article/2017/04/khan-sheikhoun-shayrat-air-base-next/

     وفي دراسة موازية، اعتبر معهد دراسات الحرب ان تداعيات الغارة الصاروخية “وفرت فرصة لاميركا لتوسيع مروحة خياراتها في سوريا .. اذ تم رصد ردود افعال ترحيبية للاعبين الاقليميين، مثل السعودية والاردن وتركيا، تنبيء بامكانية اعادة تصويب السياسة الاميركية ضد الأسد.؛ بل ان تركيا طالبت بمزيد من العمليات الاميركية.” وعليه، اعتبر المعهد ان الغارة الصاروخية “اثمرت مناخاً ايجابيا للرئيس ترامب باستطاعته اصلاح العلاقات الاميركية مع الشركاء التقليديين” خاصة تركيا التي “بدأت الاستدارة نحو ترميم علاقاتها مع روسيا او التصرف على انفراد باساليب خطيرة في ظل غياب توجيه اميركي.” ومضى بالقول ان الاوروبيين ايضا ايدوا الغارة الاميركية وهم بانتظار “مبادرة من الرئيس ترامب لتسخير التأييد الاوروبي في اجراءات مناهضة للاسد، كما ان عليه اعادة انخراط الاوروبيين نظرا لحاجته اليهم لمواجهة روسيا في سوريا.”

http://www.understandingwar.org/backgrounder/syria-strike-opens-doors-us-strategy

     زعم معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى ان العسكريين الاميركيين “تجنبوا استهداف مرافق تخزين الاسلحة الكيميائية” في قاعدة الشعيرات العسكرية “ولو لم تقم ادارة ترامب في الرد .. لكان ذلك سيضر بالمصداقية الاميركية، مع عواقب وخيمة في الشرق الاوسط وخارجه.” بيد ان “التأثير الأولي هو ذو بعد سياسي، اما تأثير الغارة على العمليات الجوية السورية فهو متواضع.” وفي معرض استعراضه “لدروس الماضي” للردود السورية اعرب المعهد عن اعتقاده “باستمرار سوريا في الديبلوماسية القسرية؛ وتجنب الانتقام؛ وتراجع الأسد عند مواجهة خصم حازم .. وردّه على غارة الشعيرات او اي اعمال اميركية مستقبلية سوف يتأثر بلا شك وبشكل كبير بروسيا وايران.” ومضى بالقول ان الرئيس الأسد “سوف يستمر على الارجح بتحدي المجتمع الدولي والطعن بالخط الأحمر على الاسلحة الكيميائية.” وحث المعهد الادارة الاميركية على “التهديد بشن غارات اضافية .. والضغط على سوريا للتخلص من مخزونها من الاسلحة الكيميائية غير المعلن عنها، وامتثالها لقرارات وقف اطلاق النار مع مختلف قوات المتمردين في جميع انحاء البلاد .. والمساهمة في انشاء قوات من المتمردين غير سلفية؛ مقابل البديل المتاح في استمرار تطوع الجهاديين والتزام عسكري اميركي مطلق في سوريا قد لا ينال دعم الرأي العام الى أجل غير مسمى.”

http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/military-strikes-on-syria-historical-lessons-and-implications

     اما معهد كارنيغي فقد لازم “البعد الانساني” في الأزمة السورية، وفق توصيفه، مناشدا الولايات المتحدة وحلفاءها “تصويب الجهود على التحديات الناجمة عن عودة قادمة للاجئين” السوريين، اذ ان “ديمومة السلام تستدعي الاهتمام بالتحديات الناشئة عن عودة فاعلة لللاجئين والمهجّرين داخليا، ومنها توفير الأمن وضمانات للحماية .. بصرف النظر عن شكل الحل السياسي في نهاية المطاف.”

http://carnegie-mec.org/2017/03/30/coming-home-political-settlement-in-syria-must-focus-on-refugees-pub-68453

       وفي دراسة موازية تناولت البعد الانساني ايضا، حث معهد كارنيغي الادارة الاميركية على “.. انتهاج سياسة من شأنها توفير الآليات الضرورية لمعالجة تحديات التماسك الاجتماعي على المستوى المحلي، والتي تستند الى مقومات ثلاث رئيسة: ينبغي على التسوية السياسية الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الطائفية الداخلية ومعالجتها؛ ضمان الأمن للسكان العائدين لمنازلهم؛ انشاء آلية قضائية مرحلية من شأنها ممارسة المحاسبة وارساء عدالة اقتصادية.”

https://www.csis.org/analysis/us-attacks-syria-what-comes-next

     في “البعد الانساني” ايضا اعرب معهد كاتو عن شكوكه بالدوافع الانسانية من وراء شن الغارة الصاروخية موضحا ان “استخدام الاسلحة الكيميائية هو جريمة حرب، كما هي قصف دولة اخرى يعد انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة.” واضاف “ببساطة، ان قرار ترامب للهجوم على سوريا يخلو من اي صلاحية قانونية وينطوي على قدر ضئيل من تخفيف معاناة السوريين .. بل في الحقيقة لا يتوفر حل عسكري اميركي للأزمة السورية.” اما الخيارات المتوفرة، من وجهة نظر المعهد، فهي عبارة عن مخاطرة بمفاقمة انعدام الأمن الاقليمي والصراع الانساني وتتطلب ايضا التعهد بالتزامات ضخمة في الارواح والاموال والتي لا يبدو ان الشعب الاميركي على استعداد لتحمل ذلك.”

https://www.cato.org/publications/commentary/bombing-syria-doesnt-provide-humanitarian-relief

شبح الصين

     اعتبر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان الصين “اضحت في وضع يمكنها الاستفادة من رئاسة ترامب اكثر من روسيا .. لا سيما وانها تطمح لنفوذ عالمي نشط؛ والذي تراقبه عن كثب قيادة اميركا العالمية.” واوضح ان المرشح ترامب آنذاك “خاصم الصين خلال حملته الانتخابية وتجنب الخوض في النظام الجيو-سياسي الحساس منذ فوزه.” واضاف ان الصين من جانبها “تعكف على دراسة سبل التأثير والتعاطي مع ادارة جديدة لا يمكن التنبؤ بسياساتها؛ اذ توصلت الى ان جاريد كوشنر يحمل المفتاح لمنتجع ترامب في مارا لاغو وكذلك ترسيم اجندته.” واردف ان كافة المعنيين في الصين “من ديبلوماسيين ورجال أعمال ومسؤولين حزبيين، ناهيك عن الجواسيس، يضعون نصب اعينهم استنباط وسائل تسخرها للضغط على ادارة ترامب عديمة الخبرة ونظرة الرئيس ترامب التبسيطية للمعاملات الدولية.”

https://www.csis.org/analysis/country-most-gain-trump-not-russia-its-china

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى