مقالات مختارة

يجب اعادة الجثامين وليس اضاعتها: تسفي برئيل

 

تُكتب قصص الرعب حول شؤون كهذه. والاكثر نجاحا منها تتحول الى افلام بنسبة مشاهدة عالية، واحيانا تتم اضافة ملاحظة “مبني على قصة حقيقية”. حول هذه القصة المخيفة التي نشرها أور كشتي عشية العيد (“تعترف اسرائيل بأنها أضاعت جثامين مخربين دفنوا في البلاد”، “هآرتس″، 10/4) يمكن أن نكتب “هذه هي القصة الحقيقية، لكن للأسف الفيلم ضاع في الأرشيف”.

من بين 123 جثمان أرادت العائلات الفلسطينية استرجاعها تم ايجاد جثمانين فقط. اثنان يعنيان شيئا رغم ذلك. اثنان لأورن شاؤول وهدار غولدن، هذا هو عدد الجثث التي تريد اسرائيل من حماس أن تعيدها. جثتان لاهود غولدفاسر والداد ريغف، هو عدد الجثث التي أطلقت اسرائيل من اجلها سراح 199 جثة لبنانية في صفقة مع حزب الله. وهنا تجدر الاشارة الى أن اختطافهما كان المبرر لحرب لبنان الثانية.

لو كان يوجد لدى حماس أو حزب الله 123 جثمان لاسرائيليين لكان يمكن توقع حرب عالمية. ليس هناك مبرر أو تفسير كان يمكن أن تفيد المنظمتان في حينه. هل كان أحد ما يصدق أن منظمات كهذه تسيطر على كل شيء ستفقد 123 جثمان، 10 جثامين، جثمان واحد؟ لكن المحظور على المنظمات الارهابية مسموح للدولة خاصة الدولة التي تقدس الجثث، والتي هي على استعداد لارسال الجنود للموت من اجل انقاذ الجثث، والتي لا تتردد في القتل الجماعي للناس من أجل اعادة جثامين اليهود.

إن دولة اسرائيل تعترف ايضا بأهمية جثامين الفلسطينيين، فهي التي تستخدم العقاب غير الانساني الذي حسبه لا يتم اعادة جثامين الفلسطينيين كوسيلة ردع أمام تنفيذ العمليات. صحيح أنه كانت هناك حاجة لقرار محكمة العدل العليا لاعادة سبعة جثامين في كانون الاول الماضي، لكن هذا القرار أثار الغضب الشديد، ليس بسبب الخوف من أن اعادة الجثامين ستؤدي الى مظاهرات كبيرة واخلال بالنظام وحملة ضد اسرائيل، بل لأن الانتقام لم ينجح.

لكن في قصة العائلات الفلسطينية التي تطالب منذ سنوات باعادة جثامين أبنائها، لا يوجد مجد قومي ولا مفاوضات حول اعادة جثامين وأسرة مفقودين أو رافعة ضغط ضد العمليات أو حتى الانتقام. في نهاية المطاف الحديث يدور عن اهمال. لم يكتبوا بالضبط أين دُفنت الجثث، أحد الشركات التي قامت بدفن المخربين أغلقت وتم اتلاف الوثائق. وفي التأمين الوطني لم يكن تسجيل مرتب حسب شركات الدفن، وبعض الاوراق تم اتلافها بعد سبع سنوات. كل شيء حسب الاجراءات. من المؤكد أنه لم يكن هنا أمر سيء. هذه أمور تحدث. الاوراق تضيع. هذه هي الحال في حالة الحرب. في كل دولة يوجد نصب تذكاري للجنود الذين لا يعرف مكان دفنهم. اذا سيكون للفلسطينيين ايضا. الامر ليس صعبا على الفهم.

خطأ. الدولة عرفت مكان دفن الفلسطينيين. هي التي قامت بدفنهم، هي التي قررت عدم اعطاءهم للعائلات، هي التي كانت مسؤولة عن كرامة الميت حتى لو كان الحديث يدور عن مخربين قتلة. الدولة لم تزعم أبدا أنه يجب اتلاف أو اخفاء جثامين المخربين، بل العكس. إن البعض منهم كان بمثابة بضاعة تذهب الى التاجر مقابل جثث اليهود. هذا المنطق المشوه الذي تستخدمه الدولة يحتاج الحفاظ على هذه “البضاعة” مثل بؤبؤ العين، ولا أحد يعرف متى يتم استخدامها للحصول على جثث اليهود. لكن اسرائيل لم تستطع الحفاظ على هذه الوديعة.

الاستنتاج هو أنه محظور على الدولة اللعب بجثامين الفلسطينيين، لا كبضاعة ولا كوسيلة للردع، لا كوديعة للمستقبل ولا للانتقام. جميع الجثامين، بما فيها المعروف مكانها، يجب اعادتها على الفور بدون شروط وبدون تردد من اجل اخلاء المكان لدفن الخجل.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى