«الشرق الأوسط الجديد»… من ساحل اليمن! فؤاد إبراهيم
شكّلت واقعة خان شيخون في الفعل ورد الفعل فاتحة لفصل جديد ينذر بانزلاقات خطيرة عسكرية وسياسية وأمنية في الشرق الأوسط، وتمثل وصلاً لما انقطع في أيلول 2013 حينما ألغى الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قرار الحرب على خلفية «كيماوي الغوطة الشرقية» في ريف دمشق في آب من العام نفسه. جردة الحساب التي قدّمها الرئيس دونالد ترامب، في اتصاله الهاتفي مع الملك سلمان عقب يوم من «غزوة الشعيرات»، لم تقتصر على مجرد استحصال فاتورة صواريخ الـ«توماهوك» التسعة والخمسين، بل شملت الإعداد لما هو آتٍ من عمليات عسكرية واسعة تندرج في إطار الصفقة الكبرى التي لا تزال قيد التداول خلف الكواليس بين واشنطن والرياض وأبو ظبي، وصولاً إلى تغيير خرائط في الشرق الأوسط كانت لا تزال رهن أوضاع جيوسياسية مؤاتية
جرى الحديث سابقاً (الأخبار العدد ٣١٢٨ في ١٥ آذار) عن المناصفة التي يشترطها ترامب ثمناً لخوض حرب مفتوحة على شعاع محور الممانعة مشتملاً اليمن ابتداءً، ومستوعباً لبنان وسوريا والعراق، وصولاً إلى إيران. في لقاء ترامب مع وليّ وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، في 14 حزيران الماضي، تم النقاش في خيارات أخرى أبرزها: تمكين السعودية والإمارات في اليمن، وتغيير الوقائع الميدانية في سوريا، مقابل 30% من النفط السعودي والإماراتي.
بقي الخلاف حول المدد الزمنية؛ فبينما اقترح ابن سلمان خمس سنوات تحصل فيها الولايات المتحدة على 30% من مداخيل النفط، تمسّك ترامب بخيار الاستثمار الدائم وغير المحدود، بما يشمل حماية العرش السعودي من التهديدات الداخلية والخارجية.
في التحليل، تبعث «ضربة الشعيرات» رسالة إلى الرياض، لكونها المتكفّلة بتسديد فاتورة الهجوم، مفادها أن ترامب يمتلك «الحزم» المطلوب لجهة تنفيذ القرارات العسكرية بأقصى سرعة ممكنة ودون حتى الرجوع إلى الكونغرس. أراد القول بوضوح: أنا جاهز للحرب، فهل أنتم جاهزون لتسديد فاتورتها؟ لم يكن الموقف السعودي الفوري لتهئنة ترامب على الضربة الصاروخية على الشعيرات لمجرد التهنئة، بل ينطوي على إشارة واضحة بأن المملكة جاهزة بالمال لمقابلة جاهزية ترامب في الميدان.
لا يشغل بال السعودية هذه الأيام أكثر من اليمن في معركة الحديدة الفاصلة؛ فالبلد الذي كان يميل إلى «حروب البروكسي»، ولم يتورّط في حرب مباشرة على مدى نصف قرن (منذ حرب اليمن الأولى عام 1962)، صارت الحال مختلفة لديه الآن. فلناحية التدخّل العسكري الأميركي المباشر، نكون أمام معادلة جديدة تبدأ بالحديدة ولا تنتهي بدمشق. في تقديرات الجيش و«اللجان الشعبية» في اليمن، إن اللحظة التي سوف تشارك فيها الولايات المتحدة في العدوان تكون لحظة «الانتصار التاريخي»، وفق قادة ميدانيين، إذ تكون السعودية قد رفعت رمزياً اليدين في الحرب، ما اضطرها إلى الاستعانة بقوى دولية ليست حسنة السمعة بحال في الشرق الأوسط، أي الولايات المتحدة وبعض حلفائها أوروبياً.
ترامب، ببضاعته السياسية الزهيدة، ينساق نحو خيارات متناقضة مع شعاراته الانتخابية؛ فلا هو الذي تمسّك بخيار رفض الدخول في الحرب السورية كما فعل سلفه أوباما ونال منه ذات تغريدة، ولا هو أولى إعادة بناء «أميركا العظيمة» تأسيساً على الحدود المغلقة أمام الأجانب وسياسة النأي بالنفس عن كلفة الانخراط في «الحمايات المكلفة» للحلفاء. في حقيقة الأمر، يتموضع ترامب بطريقة تجعله مجرد «ألعوبة» بيد التجمع العسكري والصناعي في الولايات المتحدة.
في معركة الحديدة، تجري الاستعدادات بوتيرة هادئة، ويدرك الأميركي أن أي انتكاسة عسكرية في اليمن تعني انتكاسة مشروع الحرب الشاملة في المنطقة، ولا سيما أن التعويل في هذا المشروع قائم على أن اليمن هي الخاصرة الضعيفة في المحور المناهض للولايات المتحدة وحلفها الإقليمي، وأن انتصار هذا المحور هنا يمثّل محاولة «فرملة» اندفاعة محور الممانعة بعموم ساحاته، ولا سيما بعد إنجازات الميدانين السوري والعراقي.
لناحية بريطانيا، خاصة أنها شريك حيوي وعضوي في مشروع الحرب الشاملة، فإن القلق يستبد بها استناداً إلى دروس التاريخ، حينما تحطمت أعتى القوى العسكرية على جبال اليمن وتلالها، ولا طاقة لها على تحمّل خسارة في اليمن، حيث لا انتصار مؤكّداً حتى الآن. من وجهة نظر قيادات عسكرية وسياسية في الشمال اليمني، إن الدور البريطاني والإماراتي في اليمن هو الأقذر، لأنه يقوم على فكرة تقسيم البلاد والسيطرة على الجزر والموانئ، ولا يغيّر ذلك من أن العدوان يبقى سعودياً.
وتهمس مصادر خليجية عليمة بأن شيوخ الإمارات أقرب إلى واشنطن من ملوك الرياض، وذلك على قاعدة التماهي مع الأجندة الأميركية، كذلك فإن في المعلومات ثمة مقترحاً أوروبياً تم تمريره عبر قنوات غير رسمية لجهة ما في حركة «أنصار الله» يقوم على: فتح مطار صنعاء مقابل وقف إطلاق الصواريخ على السعودية. فكان الرد: إيقاف الصواريخ يكون مقابل وقف الطلعات الجوية. وفي اجتماع مساعد المبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، مع قيادات سياسية يمنية في برلين في منتصف آذار الماضي، قال في لحظة انفعال: «لا سلام في اليمن، إنها الحرب وفقط».
وحدها روسيا تراقب بابتهاج إخفاقات خصومها في الميدان اليمني. غياب ممانعة موسكو على صدور القرار الأممي 2216 الخاص باليمن كان يشي بتسهيل مهمة الأطراف الراغبة في الحرب، ولذلك شعرت روسيا بسعادة كبيرة لتورّط السعودية، ولن تتردّد في تمهيد كل السبل من أجل لحاق الولايات المتحدة بحليفتها للسقوط في الوحل اليمني بلا رجعة. للإشارة فحسب، تطبع العملة اليمنية في روسيا، ثم تشحن إلى عدن. تقول مصادر يمنية إن الشحنات لا تصل إلى مستحقيها الفعليين، بل تذهب في آخر المطاف إلى «القاعدة» و«داعش». مرّت سبعة أشهر ولم يتسلّم الموظفون اليمنيون رواتبهم، فيما تصل الأوضاع الانسانية إلى حافة الموت الجماعي نتيجة المجاعة.
هل يريد الروسي زيادة تعقيد الوضع اليمني؟ وهل يريد «استنساخ» النموذج الأفغاني والانتقام ممن أطاح الاتحاد السوفياتي عبر تسهيل مهمة كل الأطراف على المواجهة، ولكي تلد كل معركة معركة أخرى وهكذا دواليك؟
نقلت مجلة «فورين بوليسي»، في 30 آذار الماضي، عن الجنرال جوزيف فوتيل، وهو قائد القيادة المركزية الأميركية، إفادته أمام مجلس الشيوخ، في وقت تناقش فيه الإدارة الأميركية المشاركةَ في عملية عسكرية لـ«التحالف العربي» تشمل الهجوم على ميناء الحديدة وإخراج «أنصار الله» وحلفائهم منه ومن المناطق القريبة. وفوتيل هو اليوم من أبرز صنّاع القرار في إدارة ترامب، وسوف يلعب دوراً محورياً في الحروب المقبلة في المنطقة.
في معركة الحديدة، تصرّ السعودية على ألا تخوضها منفردة، بانتظار الأميركي. فقد تكفّلت الرياض التوافق مع «خرطوم عمر البشير» بتجنيد ستة آلاف مقاتل سوداني تجمّعوا في جزيرة ذقر شمال أرخبيل حنيش، قبالة سواحل ميناء الحديدة، ويراد الزجّ بهم في المعركة إلى جانب مقاتلين آخرين أفارقة. أما في معسكر البريقة، شمال غرب عدن، فيحتشد المقاتلون المرتزقة، وتمتلئ المخازن من شحنات الأسلحة الأميركية. كذلك أنشئ مطار عسكري في جزيرة ميون الواقعة في مضيق باب المندب عبر الإمارات التي تغري سكّان الجزيرة بإخلائها مقابل تعويضات مالية سخيّة تصل إلى مليون درهم.
شبكات الاتصال الإماراتية تعمل في جزيرة سقطرى التي احتلتها الإمارات. وبصورة عامة، ينظر المسؤولون في الشطر الشمالي من اليمن إلى المخطّط الأميركي على أنه يسير بقفازات إماراتية. أما الهدف المباشر والآني لمعركة الحديدة، فهو خنق الإقليم الزيدي ضمن محافظات (صنعاء، عمران، صعدة، الجوف، حجه، ذمار، المحويت) إضافة إلى أجزاء من إب والبيضاء ومأرب.
الأهمية الاستراتيجية للحديدة تكمن في كونها مركز الموانئ البحرية مقابل ميناء عصب الأريتري. فمن يضع يده على الحديدة، يسيطر على الخط التهامي بطول 500 كلم. باختصار: إن الهدف الاستراتيجي من السيطرة على موانئ الحديدة والمخا وعدن هو التمهيد لتغيير جيوسياسي، ليس في اليمن فحسب، بل في المنطقة برمتها.
كذلك، تضم الحديدة 40 جزيرة، أكبرها حنيش الكبرى والصغرى، وكمران، وذقر، علماً بأنها ليست مطلوبة لذاتها، بل لكونها مدخلاً إلى الساحل البحري الغربي الممتد من باب المندب جنوباً إلى ميدي في الشمال الغربي. وقد حدثت ثلاث عمليات إنزال في الحديدة، لكن جميعها أخفق، كذلك لم تستطع القوات السعودية السيطرة على ميدي رغم محاذاتها للمملكة، واقتصرت السيطرة على مناطق مفتوحة وكانت عرضة للكر والفر.
ابن سلمان وشيوخ القبائل
في الشكل، تعود فكرة الاجتماع إلى ولي العهد ووزير الداخلية السعودي محمد بن نايف، ولكن ابن سلمان اختطف الفكرة وجيّرها له. منسّق الاجتماع هو فهد بن تركي بن عبد العزيز، ابن عم ابن سلمان، وهو نائب قائد القوات البرية السعودية وقائد وحدات المظليين والقوات الخاصة.
في الشكل أيضاً، اللقاء تمّ بالتنسيق مع حكومة الإمارات لتشكيل حامل قبلي بعيداً عن حزب «الإصلاح»، رغم كون غالبية المشاركين في اللقاء من الحزب. الإمارات تأنف التعامل مع الحزب كونه محسوباً على «الإخوان المسلمين». ودام الاجتماع ساعة ونصف، وتمّ تخصيص نصف الساعة الأول منه للإعلام، إذ أسهب ابن سلمان بطريقة بائسة في تأكيد الأصول اليمنية للعرب، وذلك في استعادة مثيرة للشفقة لدرس غير مكتمل العناصر.
بعد خروج الإعلاميين من الصالة، تفرّد ابن سلمان بضيوفه الآتين من محافظات يمنية تحت سيطرة قوات «التحالف» وآخرين قلائل يقيمون في المملكة، وبدأ حفلة «بهدلة» لشيوخ القبائل، فسرد عليهم قائمة الأعطيات والهدايا التي أفاض بها عليهم، وسألهم عن الأموال والسيارات والأسلحة، ثم أخبرهم: «لقد جئت من لقاء ترامب، وإن الحرب قادمة في الحديدة، وإننا مع أميركا في هذه الحرب». تسلّم كل شيخ مئتي ألف ريال سعودي (ما يعادل 53.3 ألف دولار)، وخرجوا بانطباع أن الشخص الذي التقوه كان دون توقعاتهم، وأنه لا يفقه كثيراً ممّا يقول.
مقترح أوروبي بفتح مطار صنعاء مقابل وقف الصواريخ على المملكة
بعد الاجتماع، بدأت عمليات إدخال كميات كبيرة من الأسلحة عبر منفذ الوديعة بين الجوف وحضرموت وصولاً إلى مأرب، الخاضعة لسيطرة علي محسن الأحمر، لتستقر عند هؤلاء المشايخ بغرض استعمالها في المواجهات الداخلية بين اليمنيين. إذن، هي معركة فاصلة وملحمة كبرى منتظرة، وسوف يتحدّد على أساسها مصير الحرب في اليمن والخريطة الجيوسياسية في الإقليم.
ترامب الخفي
لدى حلفاء واشنطن رهانات تبدو متضاربة، وتعكس إلى حدّ كبير تقديرات كل طرف لشخصية ترامب نفسه. الرياض وبقدر أحلامها المتجدّدة بوصول ترامب، فإنها تضمر هواجس كبيرة من انقلاب مفاجئ في مواقفه، ما يفرض عليها تغذية شهية «البزنس» لديه. وفي التصوّر الجيوستراتيجي الأميركي، ثمة مؤشرات تفيد برجحان كفّة الأردن ومصر على الكفة السعودية. ينقل مصدر أردني عن اجتماع مجلس الوزراء الأردني أخيراً أن الملك عبدالله الثاني خاطب المجلس قائلاً: «إن للأردنيين دوراً أكبر في المستقبل». ووفق تفسير المصدر، إن في ذلك إشارة إلى إعادة إحياء «عودة الأشراف إلى الحجاز».
تاريخياً، كان من أبرز أسباب تنكّب عبد العزيز إلى الولايات المتحدة خشيته من تجدّد دعم بريطانيا، حليفه السابق، لمشروع دولة الأشراف في الحجاز. فدوماً، مثّل الأشراف عقدة لدى عبد العزيز، حتى إن جون فيلبي، مستشاره المتأسلم، لخّص طبيعة الأحاديث التي كانت تدور في مجالس عبد العزيز في: الجنس والأشراف. وفي مجزرة تنومة ضد الحجاج اليمنيين سنة 1921، كانت الذريعة التي ساقها عبد العزيز لارتكاب المجزرة أن هؤلاء هم عملاء للشريف حسين.
في اليمن اليوم، ثمة تيار هاشمي عابر للقبائل وللمذاهب يتنامى وتصل أصداؤه إلى بادية الشام. في المعلومات، ثمة رسالة أردنية وصلت إلى «أنصار الله» تعرض لقاءً معهم، ويمكن وضعها في سياق المعطيات المذكورة. والسؤال هو: هل ثمة في أدراج البيت الأبيض خطة لتقسيم السعودية؟ لا يكفّ فريق ترامب عن إرسال الإشارات إلى كل من يهمه الأمر بأن المملكة ليست حليفاً مأموناً، والعكس صحيح.
صورة أخرى مناقضة تعكسها محاولة الاشتغال على العلاقة بين «حزب المؤتمر الشعبي»، بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وحركة «أنصار الله»، وذلك في مسعى إلى إحداث شروخ تفضي إلى انهيار التحالف الثنائي. إن اعتماد صالح على ثلّة من المستشارين من ذوي الارتباطات المجهولة (حتى لا يقال أكثر من ذلك) يهدّد التحالف الثنائي، نتيجة ما يرفعه بعض القيادات المتضررة من التحالف بين «المؤتمر» و«أنصار الله»، من تقارير أقلّ ما يقال عنها إنها «تعكيرية»، وقد ساهمت في التشويش على مناخ الثقة الذي كان سائداً على مدى سنتين من عمر الحرب.
طبيعة الاتصالات الجارية بين بعض قيادات «المؤتمر» والسلطات الإماراتية عبر المصريين، تبعث الارتياب وسط تيار «أنصار الله»، وهي في الوقت نفسه على وعي تام بمحاولات التخريب من الداخل التي تنفذها شخصيات محسوبة على المؤتمر، إلى جانب التلويح المتكرر بالانسحاب من المجلس السياسي الحاكم.
لناحية الإمارات، إن المطلب الدائم من قيادة «المؤتمر» هو مواصلة مشاغلة الداخل، والتحريض، وقيادة حرب نفسية، وافتعال حوادث أمنية، وصولاً إلى الطلب من المقاتلين العودة من جبهات الداخل رغم وحدة الجبهتين الداخلية والحدودية. أما ما يطالب به تيار «أنصار الله» وقوى سياسية يمنية وازنة ومستقلة تشارك في صدّ العدوان السعودي والدولي على اليمن، فهو أن يبادر علي صالح إلى إخضاع التقارير التي تصل إليه من مستشاريه والمحسوبين على «المؤتمر» لفحص دقيق، إذ إن ثمة أجندات خفيّة قد لا يكون هو نفسه على دراية بها، وقد تؤدي إلى إضعاف الجبهة الداخلية. أكثر من ذلك، هناك شكوك حول ارتباطات وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني، هشام شرف، وهو من حصة «المؤتمر الشعبي».
مشكلة علي عبدالله صالح، كما يحدّدها القريبون من «المؤتمر» و«أنصار الله» معاً، هي محمد بن سلمان حصرياً، إذ أخذت الخصومة طابعاً شخصياً؛ فابن سلمان، والعائلة المالكة عموماً، لا يطيقون صالح كشخص، رغم الحفاوة التي يتمتّع بها في عواصم خليجية. يحاول صالح التودّد لابن سلمان ولكن بلا طائل، ويعتقد صالح أن تعويمه يكون من خلال البوابة السعودية.
القوى الشمالية، ولا سيما بيت الأحمر، تسعى إلى التواصل مع «أنصار الله» كرد فعل على الإقصاء السعودي، عبر ترجيح كفّة عبد ربه منصور هادي. في مطلع نيسان الجاري، جاء القيادي في حزب «الإصلاح» الشيخ حميد الأحمر، من مقر إقامته في تركيا للقاء المشايخ القبليين المقيمين في فندق «موفنبيك» في العاصمة الرياض، وبعد عشر دقائق من إلقاء كلمته، قاطعه مسؤول أمني سعودي وطلب منه التوقّف، لأن الاجتماع غير مرخّص، فأنهى الأحمر كلمته وخرج مغاضباً، وعاد إلى تركيا.
يبدو الخلاف عميقاً بين علي محسن الأحمر وهادي، لأن الأخير يتصرّف على أساس أنه رئيس مطلق، كذلك فإن سقوط الجنوب عزّز مكانة هادي على حساب الأحمر الذي اعتقد أنه سوف ينال مكافأة الانغماس المبكر في العداون ونتيجة الأسبقية والنسب القبلي والعلاقة التاريخية مع الرياض.
في الخلاصات، يتحدد في معركة الحديدة مستقبل المنطقة عبر البوابة اليمنية، طمعاً في إعادة إحياء مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنته وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندليزا رايس صيف 2006. قد لا تندلع الحرب دفعة واحدة، ولربما تتدحرج وصولاً إلى ذروة المواجهة، ولكن على ما يبدو أن المرحلة المقبلة تنذر بصدامات مسلّحة حامية، ما لم ترجح حسابات العقل على العضلات.
مناورات تمهيدية
في السادس من نيسان الجاري، اختتمت في الكويت مناورات «حسم العقبان 2017» التي شارك فيها، إلى جانب الكويت، كل من السعودية، والبحرين، وقطر، والإمارات، والولايات المتحدة، واستمرت ثلاثة أسابيع. تكثّفت تدريبات فرق خاصة على الهجوم بهدف تخليص منشآت حيوية بحرية واستعادة مناطق من «إرهابيين افتراضيين»، في إعداد لسيناريو الهجوم على الحديدة. بالتزامن مع ذلك، شارك سلاح الجو الإماراتي مع الإسرائيلي والأميركي في مناورة مشتركة تحمل اسم (إينيوهوس 2017) في اليونان في 27 آذار الماضي. والهدف كان التدريب على «خوض المعارك الجوية، وضرب الأهداف الأرضية، وتجنّب الصواريخ المضادة»، وفق وسائل الإعلام الاسرائيلية.
(الاخبار)