ترامب يرث حزب الحرب
غالب قنديل
من بين مجموعات الضغط المتعددة والنافذة في المؤسسة الحاكمة الأميركية تشير الوقائع إلى ان اللوبي الصهيوني هو القوة المهيمنة على إدارة الرئيس دونالد ترامب وهو الجهة الرئيسية المتحكمة برسم التوجهات السياسية العليا لواشنطن.
من زمن بعيد بات شرق المتوسط هما أميركيا مركزيا بفعل وجود الكيان الصهيوني والنفط وطرق التجارة الدولية وخطوط نقل الطاقة وحول هذا الشرق ترسم إدارة ترامب أفخاخ النهب وفرض الأتاوات على الحكومات التابعة المهزوزة وتخطط لحروب وضغوط ومجابهات ضد روسيا وإيران وسورية واليمن وحركات المقاومة التي يتصدرها حزب الله اللبناني .
تلك المصالح الاستعمارية الغربية هي التي قادت لاختيار فلسطين دون سواها لإقامة الكيان الصهيوني على أرضها بعد احتلالها حتى تكون القاعدة الاستعمارية رافعة وحامية للهيمنة الغربية على منظومة النهب والسيطرة الغربية في سائر البلاد العربية ومحيطها الشرقي وصولا إلى سور الصين العظيم وقمم أفغانستان والبر الآسيوي الروسي.
اولويتا إسرائيل والنفط تحتمان استهداف سورية وإيران لكنهما تقترنان بأولويتين أساسيتين عند إدارة ترامب بدون أي شك : الأولى هي عرقلة الصعود والتغلغل الصيني في العالم والثانية هي تفكيك او إضعاف الحلف الشرقي الذي قام حول سورية ورأس حربته روسيا.
محاصرة إيران مجددا واستهداف روسيا بالذات لتكبيل قوتها الديناميكية التي تغير التوازنات الدولية في الميدان ولأن روسيا في عرف المخططين الأميركيين هي القوة الضاربة التي تقف في مقدمة الزحف الصيني عالميا بينما إيران هي القوة الضاربة في وسط آسيا وشرق المتوسط وحيث ان في سورية قلعة صامدة تجتمع عبرها اختبارات القوة الدولية وفصول الصعود الشرقي الجديد فهي محور التحولات والمعارك الكبرى منذ زمن غير قصير.
رغم النفاق السياسي والتلاعب اللفظي في تصريحات وزير الخارجية ريكس تليرسون فالخطوط الفعلية لنهج واشنطن الدبلوماسي تخدم التصعيد والتدخلات العسكرية والتلويح بالحروب وكأن هيلاري كلينتون عادت وزيرة للخارجية لتجمع الحلفاء من الغرب والشرق في إيطاليا بقصد تهديد روسيا ولتغطية فصول تصعيد جديدة في الحرب على سورية بينما الرئيس ترامب يهدد بالعدوان على كوريا وسورية معا ويرقص التانغو اتجاه روسيا والصين فيهادن إحداهما ليواجه الثانية في لعبة مكشوفة بينما يبحث الكونغرس تصعيد العقوبات ضد لبنان بلاد حزب الله!.
دونالد ترامب يبعث الصورة النمطية لرؤساء الولايات المتحدة الذين ينقلبون على وعودهم الانتخابية ويخونون شعاراتهم الرنانة قبل انتخابهم وهذا سر التحركات والاحتجاجات الشعبية الصاخبة على ضربته لسورية والتي شارك فيها جمهور واسع من الحركة التي قال ترامب إنه وصل إلى البيت الأبيض ليحكم باسمها وقد استقطبها بشعارات رفض الحروب بينما يطبق العكس تماما.
اللوبي الصهيوني هو الفصيل الأول في حزب الحرب وهو الفريق الذي تربطه علاقة حميمة بزعيمة حزب الحرب هيلاري كلينتون وإلى جانبه تتراصف مجموعات مال وأعمال أميركية تراهن على وعود ترامب الاقتصادية التي اضطر لخفض سقوفها في موضوع العلاقة بالصين كما بينت القمة الرئاسية الأخيرة وتحت تأثير مفاعيل إقالة مستشاره مايكل فلين انقلب ترامب على جميع وعوده بصدد التعاون مع روسيا بل إن إدارته تبدو ذاهبة نحو ضغوط جديدة ومواجهات لا يمكن تلافيها مع روسيا منذ العدوان على سورية قلعة الحضور العسكري والسياسي والطموحات والفرص الاقتصادية التي اتاحت لموسكو تصدر المعادلات الدولية مجددا كما ردت الاعتبار للقوة الروسية العظمى وفي ظل التصميم الأميركي على الاستهداف الشرس لإيران الشريك الشرقي الرئيسي لموسكو وبكين معا مع ملاحظة التهديدات المتكررة لكوريا الشمالية على كعب رسائل التطمين المكثفة لبكين.
هذه الشيزوفينيا في الخطاب الأميركي هي دلالة مأزق ناتج عن رهبة مصاعب التورط في الحروب الكبرى وفي ظل نزق سياسي تحفزه مصالح مالية واقتصادية ضاغطة في منافسات وتحديات صاخبة بينما الشرقيون جميعا من الصين وروسيا وإيران وسورية وكوريا يجيدون التحكم بأعصابهم والسعي البارد لتحقيق أهدافهم بالتراكم دون ضجيج وتلك هي المفارقة التي ستصيب ترامب بذهول كبير خبره من قبله رؤساء جمهوريون سابقون هم رونالد ريغان وجورج بوش الأب وجورج دبليو بوش قاموا بإحياء الخطط الحربية الاستعمارية الأميركية بعد هزيمة فيتنام التي فشلوا في تفكيك عقدتها المحكمة عبر حروب ديك تشيني ( وزيردفاع ريغان ونائب دبليو بوش ومساعد بوش الأب ) ودونالد رامسفيلد ( كان وزيردفاع جيرالد فورد ثم مساعد تشيني وزير دفاع ريغان وبعدها عين وزير دفاع دبليو بوش لخمس سنوات كرسها لتدمير ونهب العراق وأفغانستان ولخوض غزوات صهيونية متكررة ).