مقالات مختارة

عودة التوتر بين طهران وأنقرة حميدي العبدالله

 

منذ بداية تمدّد داعش والتنظيمات الإرهابية في العراق وسورية، اعتمدت إيران نهجاً إزاء تركيا، التي كان لها دور بارز في دعم هذه التنظيمات الإرهابية، قائم على مبدأ الحوار والسعي لإقناع تركيا بخطأ هذه السياسة.

وعلى الرغم من تحذيرات سورية وعراقية، رسمية وغير رسمية، تؤكد أنّ تركيا حزب العدالة والتنمية في ظلّ زعامة أردوغان لن تغيّر نهجها ولديها أطماع صريحة وواضحة في سورية والعراق، بعض هذه الأطماع يسعى إلى اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية والعراقية وإلحاقه بتركيا بذريعة تصحيح أخطاء معاهدة «سيفر»، وبعضها يندرج في إطار السعي لفرض هيمنة تركيا على هاتين الدولتين المجاورتين لها، إلا أنّ طهران ظلت تواظب على هذا النهج.

كانت طهران مدفوعة إلى هذه السياسة تحت تأثير عاملين أساسيين، الأول الحصار الاقتصادي المفروض عليها من قبل الغرب والذي ساهمت فيه الأمم المتحدة عبر القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وكانت إيران بحاجة لبوابة لكسر هذا الحصار، أو على الأقلّ الحدّ من تأثيراته السلبية، وهذا يتطلب إقامة علاقات إيجابية مع تركيا بمعزل عن سياساتها الخارجية ومدى تقاطعها أو تعارضها مع المصالح الإيرانية.

العامل الثاني، رغبة طهران في استثمار المصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين، أولاً لاحتواء مواقف أنقرة السلبية، وثانياً للحؤول دون نجاح النافخين في نار الفتنة المذهبية.

لكن تبيّن أنّ هذه السياسة غير مجدية إزاء تركيا بزعامة رجب طيب أردوغان، وأيّ جهد يبذل على هذا الصعيد لن تترتب عليه أية نتائج إيجابية، وإذا كان هناك من نتائج فإنها محدودة وظرفية، سرعان ما ينقلب عليها الفريق الحاكم في تركيا.

تدهور العلاقات الإيرانية التركية من جديد في ضوء اتهامات الرئيس التركي المتكرّرة لإيران بأنها تلعب دوراً سلبياً في سورية والعراق، علماً أنّ إيران في سورية والعراق تدعم حكومات شرعية تحارب الإرهاب، في حين أنّ تركيا متهمة ليس فقط من قبل سورية والعراق بدعم التنظيمات الإرهابية في هذين البلدين، بل وحتى من حلفائها الغربيين وتحديداً الولايات المتحدة، وهي المسؤولة عن هزّ الاستقرار في المنطقة، وعن إذكاء نار الطائفية.

لكن كلّ ذلك لم ولن يحول دون استمرار أنقرة في تصعيد التوتر مع إيران، وقد تجلى ذلك مؤخراً بتوجيه أردوغان اتهامات إلى إيران بأنها تمارس العنصرية في العراق، الأمر الذي استدعى رداً من الخارجية الإيرانية.

لكن السؤال إلى أين ستصل العلاقات الإيرانية التركية في ضوء تصعيد أنقرة حملتها ضدّ إيران؟

يبدو أنّ هذا التصعيد سوف يستمرّ ويسعى من خلاله أردوغان وحكومته إلى إعادة تقديم أوراق اعتمادهما إلى الولايات المتحدة في عهد إدارة ترامب التي جعلت معاداة إيران حجر الرحى في سياستها الشرق أوسطية، وتقديم أوراق اعتماده لبعض الدول الخليجية التي تعادي إيران.

في ضوء هذا الواقع من الصعب أن تعود العلاقات الإيرانية التركية إلى ما كانت عليه قبل عامين.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى