خطة التسوية: يوسي ملمان
بشكل بطيء ولكن بثقة يقترب الجيش العراقي من احتلال مسجد النوري في مدينة الموصل، وهو المسجد الذي ألقى فيه أبو بكر البغدادي خطابه الشهير في 2014 وأعلن عن اقامة خلافة الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، وأعلن عن نفسه كخليفة. احتلال الموصل والهجوم المتوقع على الرقة في سوريا، عاصمة الخلافة، بمشاركة قوات كردية وسورية وأمريكية وروسية تسرع نهاية فظاعة الاسلام الراديكالي وسعيه لاقامة دولة شريعة مثلما كان في القرن التاسع في الشرق الاوسط، بشكل يذكر بالمانيا النازية.
على هذه الخلفية من الواضح لمتخذي القرارات على المستوى العسكري والسياسي في إسرائيل أنه بدأت مرحلة جديدة لاعادة تشكيل سوريا. الدولة لن تعود إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب الاهلية قبل ست سنوات، مثلما لا يمكن للدجاجة أن تعود لتكون بيضة.
تخشى إسرائيل من أن تعزيز سلطة الأسد على جزء من سوريا قد يؤدي إلى وضع قوات إيرانية وحزب الله أو مليشيات شيعية مؤيدة لإيران قرب الحدود في هضبة الجولان. هذه هي المسألة الاهم التي تقلق الجهاز الامني والعسكري والمستوى السياسي، وعلى رأسها رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع ليبرمان. هذه مسألة هامة لإسرائيل اكثر من استمرار الجهود المنسوبة لها لافشال نقل السلاح المتقدم، وخاصة الصواريخ بعيدة المدى، من إيران إلى حزب الله في لبنان عن طريق سوريا، والتي كانت حتى الاونة الاخيرة على سلم أولويات إسرائيل في المنطقة الشمالية.
على هذه الخلفية تحاول إسرائيل التأثير في المحادثات في الاطر الدولية المختلفة للتوصل إلى اتفاق «تسوية» بين عدد من المجموعات في سوريا. ومن اجل تقدم أجندتها، وهي منع نشر القوات الإيرانية والشيعية على حدودها الشمالية، يقوم ممثلو إسرائيل بالاتصال مع جميع القنوات الممكنة ومع الاطراف التي لها صلة بالحرب السورية وتأثير. وهذه الجهات هي الولايات المتحدة وتركيا وروسيا بالذات.
في المشاورات التي تمت مؤخرا بين نتنياهو وليبرمان وقادة الجيش والاجهزة الامنية تبلورت فكرة يمكنها أن تساعد في تعزيز مصالح إسرائيل في الاتفاق المستقبلي في سوريا. لا يجب الغاء امكانية أن الفكرة هي استعداد إسرائيل لتقليص تدخلها المنسوب لها في سوريا مقابل تسوية أو تفاهمات تمنع إيران وحزب الله وقوات شيعية اخرى من الاقتراب إلى مسافة معينة من الحدود الإسرائيلية. إسرائيل على استعداد لأن يعود جيش الأسد إلى منطقة الحدود التي طرد منها على أيدي المتمردين، كما تعهد ايضا في اتفاق فصل القوات بين الدولتين في العام 1974، هذا الاتفاق الذي أنهى حرب يوم الغفران.
الجهة الاهم التي لها تأثير في النظام السوري هي روسيا بالطبع. فتدخل روسيا في هذه المعركة قبل سنة ونصف، ولا سيما التدخل الجوي، هو الذي أنقذ الأسد من الانهيار وأدى إلى تعزيز حكمه نسبيا. وفي إسرائيل يعرفون أن المفتاح موجود في موسكو، ولهذا يكثر نتنياهو من لقاءاته مع بوتين والتحدث معه هاتفيا. وفي العام ونصف الاخيرين كانت خمسة لقاءات وعشرات المكالمات الهاتفية، اضافة إلى المحادثات على مستوى رؤساء الاركان وضباط الجيش وموظفين رفيعي المستوى. هذه المواضيع تم طرحها ايضا في زيارة نتنياهو الاخيرة إلى موسكو وفي لقائه مع بوتين. والاجابات التي سمعها لم تكن حاسمة، لكن جهات سياسية وامنية قالت إن بوتين يدرك قلق إسرائيل ومصالحها الامنية. وفي إسرائيل تشجعهم حقيقة أنه منذ تدخل روسيا في سوريا هناك تقارير عن الخلاف والتوتر بين طهران وموسكو. رغم التعاون التكتيكي بين الجيش الروسي والجيش الإيراني وحرس الثورة الإيراني ورجال حزب الله حيث يشارك الجميع في غرفة عمليات ومعلومات. وعلى المستوى الاستراتيجي فإن طهران وموسكو لا تتشابهان.
في هذا الاسبوع زار رئيس إيران حسن روحاني موسكو لنقاش عدد من القضايا، على رأسها تعزيز العلاقات التجارية بين الدولتين. وتناول ايضا المواضيع السياسية والامنية بشكل عام، وسوريا بشكل خاص. وبالتوازي مع الزيارة أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن إيران لن تجدد موافقتها على أن تقوم طائرات سلاح الجو الروسي بالعمل من مطاراتها لقصف المنظمات الارهابية في سوريا. ولكن مشكوك فيه أن تستطيع خطوات الاسبوع أن تحل الخلاف الاساسي بين الدولتين. سوريا تسعى إلى اتفاق يؤدي إلى مغادرة جميع الجيوش الاجنبية، بما فيها إيران وحزب الله، الاراضي السورية بعد انتهاء المعارك.
معاريف