الأخبار: انتحاري سوليدير نقل لداعش معلومات عن مواكب امنية وسياسية
حصلت “الأخبار” على ملخّص التحقيقات مع اللبناني مصطفى الصفدي الذي كلّفه تنظيم “داعش”، عبر “ضابط ارتباط” جرى توقيفه أيضاً، مراقبة الكاميرات المنتشرة في وسط بيروت لتنفيذ هجوم انتحاري بسيارة مفخخة لاستهداف تجمع للسياسيين اللبنانيين أو محاولة خطف شخصيات سياسية.
وكشفت التحقيقيات مع الموقوفين مصطفى الصفدي الملقب بـ”ترجمان الملك” ومحمود عبدالرحيم “الشيخ أبو يوسف” عن استراتيجية تنظيم داعش المبنيّة على محاولة اختراق الداخل اللبناني بشتى السبل، ولو وفق آلية عمل طويلة الأمد، لتنفيذ عمليات أمنية.
وكان لافتاً في إفادة الصفدي الذي يعمل موظفاً في شركة “سوليدير” بصفة “مراقب الكاميرات والمولدات الكهربائية”، إشارته إلى أنّه كان موجوداً في مكان عمله في وسط بيروت في 27 كانون الأول 2013، وقت اغتيال الوزير السابق محمد شطح، وأنّه علِم بالأمر فور حصوله. التحقيقات لم تفض إلى كشف أي ارتباط بين الموقوف والاغتيال، لكنها طرحت أسئلة حيال إمكانية توجيه أصابع الاتهام إلى تنظيم داعش في هذه العملية.
وعلمت “الأخبار”، أن الصفدي أفاد أنه بدأ العمل في “سوليدير” مطلع عام 2013، وأن تنظيم داعش كلّفه مراقبة الكاميرات في وسط بيروت. وكشف أن شقيقه غادر في الفترة نفسها الى تركيا، ومنها الى سوريا حيث التحق بـ “الكتيبة الخضراء” ثم انضم إلى التنظيم. وأوضح أن شقيقه حمزة حاول إقناعه بالالتحاق به في “أرض دولة الخلافة الإسلامية” واعداً إياه بـ”تأمين منزل وزوجة صالحة وأموال”. ثم زوّده برقم هاتف الفلسطيني عبدالرحيم الذي يعمل مهندس كهرباء في إحدى الشركات وكلّفه التواصل معه. وبناء على توصية الأخير، توجه الصفدي إلى مخيم عين الحلوة للقاء وسطاء لتسهيل انتقاله إلى الداخل السوري، إلا أنّه قرّر البقاء في لبنان. في تموز 2014، واستناداً لطبيعة عمله في مراقبة الكاميرات في منطقة سوليدير، كلّفه عبدالرحيم جمع معلومات عن أماكن سكن النواب والوزراء المقيمين في وسط بيروت، ومراقبة المواكب التي تعبّر في المنطقة. واعترف الصفدي بأنّه زوّد عبدالرحيم بالفعل بمعلومات عن مواكب أمنية لشخصيات تمر في وسط بيروت وعن مساراتها وتوقيت مرورها، لكنّه نفى خلال التحقيقات معرفته بهوية أصحاب هذه المواكب.
من جهتها، كشفت مصادر قضائية لـ”الأخبار” أنّ بين هؤلاء رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. كذلك زوّد الصفدي شقيقه بمعلومات عن أماكن سكن شخصيات سياسية ورجال أعمال قرب مركز عمله.
وقد اعترف عبدالرحيم، بحسب محاضر التحقيقات، بأنّه كلف الصفدي جمع معلومات عن أماكن سكن الشخصيات السياسية ومعلومات عن المواكب الأمنية بناء لإيعاز من قيادة التنظيم. وادعى أن الموقوف عماد ياسين جنّد شقيق الصفدي وابن خالته، وأن الأخيرين غادرا إلى العراق حيث قتل ابن خالة الصفدي بعد أشهر من وصوله. كما اعترف عبدالرحيم بأنّه كان على علاقة بالفلسطيني زياد فضل كعوش (أحد “شرعيي” التنظيم، أوقف عام 2016) وبهاء الدين حجير (رجل دين متورط في تفجيري السفارة الإيرانية).
وقد كشفت اعترافات الصفدي أنّه كان يتابع إصدارات التنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الهاتفية التي تعرّف من خلالها إلى قياديين في التنظيم، كما سجّل أناشيد عدة بصوته لصالح التنظيم وأرسلها عبر أحد التطبيقات الهاتفية. وأقرّ بأنّه تلقّى دروساً دينية وتدريبات حول تصنيع المواد المتفجرة بمواد أولية. كما كشف أنّ شقيقه أقنعه بتنفيذ عملية انتحارية وطلب منه التوجه إلى منزل في مخيم عين الحلوة للقاء مجموعة من الشبان لمساعدته في ذلك. وبحسب ملف التحقيق، توجه الصفدي بالفعل إلى المنزل المشار إليه، إلا أنّه لم يجد أحداً فعاد أدراجه قبل مدة قصيرة من توقيفه.