هل الإسرائيليون أكثر عنفاً؟: عميره هاس
التقارير حول ازدياد مستوى العنف في جهاز التربية والتعليم والصحة في إسرائيل سمعت ايضا ممن يعيشون في الثقب الاسود الموجود وراء مواقع الجيش الإسرائيلي. فهم ايضا يسمعون ويقرؤون عن عنف الطلاب ضد المعلمين، وعنف الطلاب ضد بعضهم البعض، وعنف المرضى ضد الممرضين وضد الاطباء، إلى درجة أنه في هذين الجهازين حدثت اضرابات تحذير واحتجاج في الآونة الاخيرة.
إن من يعيشون في الثقب الاسود لا يعرفون الاستغراب الذي يقف من وراء هذه الاحتجاجات. الاستغراب الجدير حسب رأيهم هو فقط أنه لا يوجد تعبير للعنف في المجتمع الإسرائيلي اليهودي.
إذا حكمنا على الامور بناء على الشعور الاجتماعي الشخصي في إسرائيل، فقد حدث في السنوات الاخيرة ارتفاع في مستوى العنف الجسدي، اضافة إلى انتشار ثقافة الشبكات الاجتماعية، وكذلك العنف الكلامي. معيار العنف القومي الذي نشرته وزارة الامن الداخلي في العام 2014 يظهر أنه في السنوات 2003 ـ 2010 حدثت في إسرائيل 620 ألف حالة عنف في كل سنة بالمتوسط. وبين السنوات 2010 ـ 2012 حدث انخفاض في عدد الحالات، لكن الخطر زاد. الفئات العمرية بين 18 ـ 44 سنة ارتكبت في تلك السنوات معظم جرائم العنف التي وصلت إلى الشرطة. وفي معظم الحالات، مفاجيء، كان المعتدون هم من الرجال. وعادة يكون المعتدي أو المعتدى عليه من نفس الخلفية الايديولوجية.
يجب انتظار نشر مقياس العنف القومي الجديد من اجل تأكيد أو نفي المشاعر الشخصية. ومن اجل اعادة مقارنة الوضع مع الدول الصناعية المتقدمة. حسب معيار العام 2014 فان نسبة حالات السرقة كانت في إسرائيل أقل مما هي في الدول الصناعية المتقدمة. إلا أن نسبة الاعتداءات الجسدية كانت أعلى بكثير، 700 حالة لكل 100 ألف شخص، مقابل 300 حالة لكل 100 ألف شخص في الدول الصناعية المتقدمة.
إن من يعيشون وراء الجدران الحديدية ينسبون العنف في المجتمع الإسرائيلي بشكل مباشر إلى العنف الدائم. والروتين الذي يتم استخدامه من قبل نظام الفصل العنصري (الابرتهايد في جنوب افريقيا)، غير مشمول في احصائيات تقارير الشرطة. المحللون الطبيعيون لسلوك الإسرائيليين يقولون إن اجيال كثيرة من الإسرائيليين نشأت على فكرة أن القوة والعنف هي امور تعود بالفائدة. وقد تحولت القوة والعنف إلى لغة الأم، وهي راسخة في تجربة اليد والعلاقات الإنسانية وطريقة التفكير. إنها ليست استثنائية، لذلك هي لا تعتبر قوة وعنف.
لماذا لا يعطي اليهود الذين يسرقون الاراضي الالهام لسارقي الشيوخ الذين يخرجون من البنك مع نقود التأمين الوطني البائسة (وهذا خارج السرقة الرسمية، الرأسمالية)؟ لماذا لا يستخلص من يقضون ثلاث سنوات من حياتهم وسلاحهم مصوب، بأن التهجم على النساء هو حق طبيعي؟ لماذا يتوقع من يهاجم ممرضة أو معلمة أن يعاقب، في الوقت الذي لا تتم فيه محاكمة آلاف المسلحين الإسرائيليين الذين قتلوا واصابوا الفلسطينيين والذين يتم التعامل معهم على أنهم أبطال؟.
يمكن ايضا أن نكفر بالربط بين الظاهرتين. وبنفس القدر يمكن الاستنتاج بأن نسبة العنف أقل مما يمكن أن تكون عليها في المجتمع الإسرائيلي اليهودي. الجنود الذين يهددون باستمرار الاولاد الفلسطينيين في الخليل لا يقومون بضرب اولادهم. والمهندسون الذين اغتصبوا النسيج الاجتماعي الفلسطيني بواسطة الجدران والشوارع الالتفافية ليسوا عنيفين زيادة عن اللزوم مع جيرانهم ونسائهم. إن متعة العنف تتحقق، والقوة تحقق فائدتها بشكل دائم في الطرق التي تحظى بالتشجيع الاجتماعي والمؤسساتي.
هآرتس