مقالات مختارة

بانتظار التقارير: تسفي برئيل

 

في شهر آذار/مارس من كل سنة تبدأ حملة زعماء الدول العربية من اجل التحضير للقمة العربية. ومثلما في كل سنة سيتبين هذه السنة ايضا أن القمة العربية ليست الساحة التي يمكن أن يتم حل مشكلات المنطقة فيها. هذه المرة سيستضيف الاردن القمة العربية، والتحضيرات لهذه القمة تم استكمالها. والعمل السياسي والدبلوماسي يتم من وراء الكواليس في المكالمات الهاتفية وارسال المبعوثين وصياغة التفاهمات كي تتمكن القمة من الخروج باعلان مشترك يوافق عليه الجميع. الوحدة العربية في هذا الحدث الاحتفالي، يجب أن تكون واضحة على الأقل.

سيتم طرح 30 موضوعا في القمة على جدول العمل، بدء من الحرب في اليمن التي لا يهتم بها أحد بالفعل، على الرغم من قتل أكثر من 10 آلاف انسان هناك، ومرورا بالحرب السورية التي قتل فيها في السنوات الستة الماضية 350 ـ 450 ألف انسان وانتهاء بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

في هذه المرة يقول معظم المتحدثين بلسان الحكومات إن الموضوع الفلسطيني سيكون في مركز النقاش، وكأن هذا الصراع كان هامشيا في السنوات الماضية. إنه الصراع الوحيد الذي تعبر فيه الدول العربية عن الالتقاء، باستثناء الاستعراضات التي كان معمر القذافي يقدمها وهو يهزأ من التقصير العربي تجاه الفلسطينيين.

في هذه المرة قد تكون هناك مفاجأة: الامين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط، الذي كان رئيس الحكومة المصرية في عهد مبارك، قال إنه يتوقع أن يطرح الفلسطينيون اقتراحا سياسيا جديدا. فما هي التفاصيل وهل يوجد بالفعل اقتراح كهذا، لا أحد يعرف، بما في ذلك المصادر الفلسطينية التي لا تعرف من أين جاء أبو الغيط بهذا الاعتقاد. المحلل المصري سعيد قدري قدم في الاسبوع الماضي توقعا لافتا حيث قال إن الجامعة العربية قد تتبنى موقفا جديدا من الصراع تُستبدل فيه معادلة «الارض مقابل السلام» بمعادلة تأييد اقامة الدولة الفلسطينية مقابل التطبيع العربي مع إسرائيل.

إن تقدير أبو الغيط تعتمد على الاعتراف العربي بأن المعادلة السابقة التي استندت اليها مبادرة السلام العربية لم تنجح في اقناع إسرائيل والادارة الأمريكية على العمل، لأنها كانت طموحة جدا وشملت هضبة الجولان وقطاع غزة. هناك محللون عرب تحدثت معهم الصحيفة يعتقدون أنه حان الوقت لتبني سياسة جديدة ملائمة للواقع الحالي. «إسرائيل تستمر في البناء في المستوطنات وتعمل على منع فرصة اقامة الدولة الفلسطينية»، كتب صحافي لبناني في البريد الالكتروني، وقال صحافي اردني يعمل في صحيفة رسمية: «ليس هناك للدول العربية رافعة ضغط على إسرائيل، لكن إذا تمسك دونالد ترامب باقامة الدولة الفلسطينية ولم يعط الضوء الاخضر لتوسيع البناء الإسرائيلي في المناطق فستكون هذه فرصة لاقناعه بتبني الفكرة ومنحها الشرعية».

بعد مرور بضعة ايام على انتهاء القمة العربية في 2 نيسان يتوقع أن يكون لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس ترامب لفتح صفحة جديدة في علاقة مصر والولايات المتحدة، بعد عهد اوباما. وسيطلب السيسي التسلح بالموقف العربي قبل هذا اللقاء من اجل المفاوضات مع الفلسطينيين. إلا أنه في مقابل المبادرة العربية التي تمت الموافقة عليها بالاجماع في العام 2002، مصر غير متأكدة من أن السعودية ستوافق في هذه المرة، وذلك بسبب التوتر السائد بين الدولتين.

سوريا التي كان لها قبل 15 سنة موقف اساسي في القمة، مطرودة منها الآن، رغم وجود كرسي فارغ وضع عليه علم سوريا، وأي ممثل سوري لن يشارك في القمة. وقد السيسي نجح في اغضاب دول الخليج في هذه السنة عندما أيد مبادرة روسيا في الامم المتحدة حول سوريا، وايضا علاقته مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليست جيدة. في الاسبوع الماضي وصل أبو مازن إلى القاهرة للالتقاء مع السيسي لأول مرة منذ عشرة اشهر من اجل التعرض إلى وجبة ضغط اخرى واقناعه بتليين شروطه للبدء في المفاوضات مع إسرائيل. ويبدو أن الزيارة انتهت بالفشل رغم الاعلان المصري بأن العلاقة بين القاهرة ورام الله ممتازة. ويصمم أبو مازن على أن تتوقف إسرائيل عن البناء في المناطق كشرط لاستئناف المفاوضات وأن يكون الموضوع الاول هو رسم الحدود. والسؤال المطروح الآن هو كيف سترد إسرائيل على ترامب إذا طرح عليها خيار التطبيع مع العالم العربي مقابل اقامة الدولة الفلسطينية.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى