ترامب يشكل نموذجا يحتذى لكثير من الديكتاتوريين في العالم ومن ضمنهم نتنياهو: حامي شيلو
عناوين الايام الاخيرة كانت ستعتبر في الماضي جزء من رواية مستقبلية حول تفكيك الديمقراطية الاسرائيلية. حيث يعمل رئيس الحكومة بشكل فظ لاخضاع وسائل الاعلام الحكومية والكنيست تصادق على قوانين تمنع الدخول الى اسرائيل لاعتبارات سياسية، ووزارة الامن الداخلي تدفع باتجاه اقامة تجمع معلومات حول الاسرائيليين الخارجين عن الصف. وعندما يحدث كل ذلك فهذه اشارة على ان الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط قد ضاقت ذرعا بهذا الوصف.
الحديث يدور عن عملية بدأت في الولاية السابقة لنتنياهو وباتت متسارعة الآن. وبدل المبررات والتأجيل بدأ الانقضاض على جدران النظام الديمقراطي. لم يعد نتنياهو يقدم الغطاء الذي يقبله العقل للدوافع السياسية الأنانية التي تدفعه الى السيطرة على البث الحكومي، كما وثقت عاصفة الرياح التي اجتاحت حاشيته في بجين بسبب حقيقة أن غيئولا ايفن التي ستكون مقدمة الاخبار في الاتحاد، التي هي زوجة جدعون ساعر.
عندما زعم نتنياهو في كانون الثاني الماضي أن وسائل الاعلام مجندة في “حملة الصيد البلشفية ضده”. نتنياهو وحكومته يعملون حسب اندريه زدونوف – هذا المفهوم الذي استخدم ذات مرة في الجدل بين اليمين واليسار لكنه غاب في السنوات الاخيرة. الانقلابي اندريه زدونوف عين من قبل ستالين في نهاية الحرب العالمية الثانية مسؤولا عن ثقافة الولايات المتحدة. قبل ميري ريغف بكثير، وضع زدونوف سياسة اخضاع الثقافة والفن للحاجات الايديولوجية والحزبية. قبل أن يطالب نتنياهو برأس الداد كوبلينيتش وغيل عومر، زدونوف حسن الطريقة في التطهير الايديولوجي الذي كان يسعى الى ادخال الجميع الى التلم، واستقامة الصفوف.
لكن الدافع لأخذ التحالف في منزلق تحطيم الحقوق الاساسية لا يأتي من موسكو – إلا اذا اعتقدنا أنها تدير امريكا الآن. تبادل السلطة في واشنطن هو الذي يترك اللجام في القدس. وهذا سيء مرتين: المرة الاولى بسبب حقيقة أن براك اوباما ذهب الى البيت وليس هناك من يمنع اسرائيل من فعل ما تشاء. والمرة الثانية، افعال ترامب التي تشكل نموذج للتقليد من قبل نتنياهو واصدقاءه.
لقد تدخل اوباما ومستشارون مرات عديدة لكبح الحكومة والكنيست. وقد ركزوا على الخطوات والقوانين المتعلقة بتعاطي اسرائيل مع الفلسطينيين، لكن اوباما لم يخف قلقه من حصانة الديمقراطية الاسرائيلية. هو ورجاله احتجوا على قانون القومية وقانون الجمعيات وقانون التسوية وقانون سحب العضوية وقانون الدخول الى اسرائيل. نتنياهو ارتدع امام الرئيس وأمام الجهات الليبرالية في وسائل الاعلام والجالية اليهودية، وبدون خيار اضطر الى وقف أو تجميد الخطوات الخطيرة قبل أن تنضج.
بدل اوباما جاء ترامب، الذي لا يهتم بالديمقراطية الاسرائيلية أو الامريكية. وهو يقوم بادارة هجوم شامل ضد الاجهزة القضائية ووسائل الاعلام والثقافة في الولايات المتحدة، وينقض بنفسه على الاقليات والمهاجرين. إنه يعطي بذلك مثالا شخصيا، الامر الذي يحفز القادة الديكتاتوريين الذين يعتمدون على الصلاحيات في كل العالم، بما في ذلك نتنياهو، في السير في اعقابه. الفرق هو أنه في امريكا توجد جبهة مقاومة واسعة وقوية أمام ترامب، الآن على الأقل. أما امام نتنياهو فيوجد ائتلاف متآكل ومعارضة ضعيفة والجهاز القضائي ضعيف والمجتمع المدني ضعيف. يمكن أنه سيتضح قريبا أن اوباما كان المعارض الاسرائيلي الاخير.
هآرتس