اللعبة الايرانية نموذج حزب الله يتسع: عوزي رابي
عالم مصاب بزوغ البصر غفي في الحراسة ويستيقظ الان الى شرق اوسط يوجد فيه لايران (اضافة الى لبنان) “نموذج حزب الله” الذي يوجد في سياقات بناء في سوريا، في العراق وفي اليمن. الشرق الاوسط النازف والانشغال المكثف بداعش صرفا الانتباه عن عملية التركيب الايرانية، التي بذكاء مبيت ينتشر في المنطقة كلها ويسعى الى خلق رواق متواصل من ا لعراق عبر شمال سوريا وحتى اللاذقية على شاطيء البحر المتوسط. تصدير فائق للثورة بهدوء نسبي، بادارة الحرس الثوري.
لقد تمكنت القيادة الايرانية من قراءة التغيير في قواعد اللعب في الساحة الاقليمية وعملت بموجب ذلك. بالتردد الامريكي في الموضوع السوري في 2013 وبالقرار بعدم استخدام الخيار العسكري هناك، رأت ايران فرصة مناسبة للشروع في خطوة دبلوماسية والسعي الى اتفاق ينقذها في غضون وقت قصير نسبيا من العزلة الاقتصادية – السياسية. وتحولها الى “اهون الشرور” مع ظهور منظمة داعش جعلها لاعبا مقبولا في الدوائر الاقليمية والدولية، دون أن تكون قدمت وعدا حقيقيا بالتراجع عن تطلعاتها في الموضوع النووي العسكري.
يمكن لنا أن نتجادل في تفاصيل الاتفاق. ولكن من المهم أن نذكر أن اختباره هو في تطبيقه وليس بالمعنى المباشر لبنوده. يمكن الافتراض بان اجزاءا منه صيغت بغموض يترك مجالا لتفسير الاطراف، ما سيشكل مصدرا لخلافات في المستقبل ويجعل من الصعب اقوال مثل “طريق ايران للسلاح النووي اغلق” او “الصفقة غير مبنية على الثقة بل على الرقابة” ان تنجح في اختبار الزمن.
اذا كانت الاطراف في الاتفاق أملت في أن تكون فيه وفي ثماره الاقتصادية ما يحرك في العقد القريب القادم او بعده سياقات عميقة تسحق قوة الحكم في طهران، ففي المدى الفوري اصبح الاتفاق “بوليصة تأمين” له. من ناحية سياسية تعززت مكانة النخبة الحاكمة، التي وان كانت وجهت بعضا من مقدراتها الجديدة لرفاه الجمهور، ولكنها في نفس الوقت واصلت عملية القمع وسحق حقوق الانسان. وادعاء غربية ضد “طغيان الجمهورية” قلت بناء على ذلك، إذ ان الاتفاق سوغ ايران كلاعب عادي في أسرة الشعوب.
لقد وفر الاتفاق ضمانة مستقبلية بمكانة الشيوخ المتحكمين في ايران الى جانب قادة الحرس الثوري. وقد توصل هؤلاء منذ زمن بعيد الى الاستنتاج بان جعل ايران دولة حافة نووية هو ضمانة لامن النظام وبقائه بعد أن ثبت كيف تتحول دولة مثل ليبيا وسوريا الى هباء بعد أن اضطر حكامهما الى التخلي عن البنية التحتية النووية التي بدآ باقامتها.
اضافة الى ذلك عظم الاتفاق مكانة ايران من الجانب الجغرافي السياسي الاقليمي. فمع ذخائر اقتصادية محسنة، وشرعية دولية واسعة، تواصل ايران دعم “الزبائن” الذين يأتمرون بإمرتها – الاسد، حزب الله، الحوثيين في اليمن وغيرهم، واشعال النار في النزاعات في المنطقة. هكذا مثلا فان وصول الاف المقاتلين من الحرس الثوري الى سوريا خلق واقعا جديدا بتعابير استراتيجية. لقد وصل الايرانيون ظاهرا كيف يضمنوا بقاء الاسد، أما عمليا فقد سعوا الى تثبيت وجودهم في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.
التقارير في صحيفة “الجريدة” الكويتية عن المشروع الايراني لاقامة مصنع لانتاج الصواريخ لحزب الله على الاراض اللبنانية، وكذا الجهود الايرانية لتهيئة ميناء اسطول في اللاذقية في سوريا، ينضم الى بناء بنية تحتية ايرانية مخصصة لتثبيت قوتها وتعميق معقلها على الشاطيء الشرقي من البحر المتوسط. كقاعدة، فان متابعة النشاط البحري الايراني – مثلما في شواطيء اليمن ومضائق باب المندب، تكشف النقاب عن أن لها مصلحة هامة في اقامة موانيء ذاتية خارج حدودها. في السطر الاخير: ايران هنا كي تبقى، ونباح الكلاب لا يمنع عبور القافلة.
يديعوت