ست سنوات والكذب متواصل
غالب قنديل
لم يسبق ان لعبت منصات الإعلام دورا محوريا في صنع الأحداث كما جرى في سياق العدوان الاستعماري على سورية منذ انطلاق الجهود الدولية الخليجية لنسج بيئة افتراضية عن ثورة مزعومة آلت حصيلتها إلى فضيحة تحول فصائلها نحو جماعات التكفير والتوحش متعددة الجنسيات التي استحضرت إلى سورية بإشراف اميركي اطلسي وبتمويل سعودي قطري وبالشراكة مع تركيا العثمانية.
يتحدث بعض رموز الواجهات المعارضة عن فشل ثورتهم وانحرافها وهم يزعمون ان الدولة السورية التي يسمونها بالنظام هي التي حققت ذلك التغيير في طبيعة القوى المتمردة عليها وفي ذلك ضمنا اعترافهم بالفشل الكلي وبالتفوق التام للدولة الوطنية السورية على جحافلهم وطوابيرهم رغم كل ما وضع في تصرفهم من قدرات عملاقة مالية وإعلامية وسياسية ومن تجنيد دولي لأكثر من ثمانين حكومة في العالم عقدت المؤتمرات وتحركت موحدة للإطاحة بالدولة السورية ورئيسها وفي مقدمتها إسرائيل التي تتذوق راهنا طعم الخيبة في نهوض القوة السورية وقدراتها الرادعة للعدوان وبعدما انتقلت للكشف بوقاحة عن احتضانها ودعمها لقوى التكفير وللواجهات السياسية الممسوكة ماليا واستخباراتيا في الغرب والخليج وتركيا.
الكذب المنظم انطلق بحرب المصطلحات والمفاهيم لتجييش الناس داخل سورية وخارجها وقد تبدى اخطبوط من غرف العمليات الافتراضية المكرسة للتزوير والضجيج في بيروت ودبي والرياض واسطنبول وباريس ولندن بينما كانت غرف العمليات العسكرية تتوزع بين عمان واسطنبول بقيادة اميركية مباشرة وشاركت فيها دول الناتو وحكومات العدوان في الإقليم بفبركة احداث وتشويه احداث أخرى وبتسقط ثغرات اقتصادية واجتماعية يمكن النفاذ منها في ترويج تحريضي لتأليب الناس واخذهم في طوابير على طريقة الثورات الملونة التي قادتها الاستخبارات الأميركية واستخلصت دروسها لتطبقها في مصر وسورية وليبيا واليمن بالتعاون مع الشبكة الدولية لتنظيم الأخوان المسلمين ومنظمة القاعدة العالمية متعددة الجنسيات بجميع فروعها لتوليد ذرائع التدخل الاستعماري المباشر عندما تفشل الخطط الموضوعة وهكذا كانت اختبارات القوة الكبرى التي شرعت تغير التوازن الدولي والإقليمي بدءا من الفيتو الروسي الصيني المزدوج مرورا بانخراط حزب الله والمستشارين الإيرانيين وسائر الحلفاء ولاسيما القوات جو فضائية الروسية وآخر الفصول كان الردع السوري لخرافة التفوق الجوي الصهيوني.
تفككت البيئة الافتراضية وتكشفت الحقائق عارية بفعل الصمود السوري الشعبي والعسكري وباللحم الحي في المراحل الأولى وقد دفعت سورية دولة وجيشا وشعبا ضريبة المجابهة وحيدة في المراحل الأولى ريثما شرع حلفاء سورية وأصدقاؤها يكتشفون حقيقة المخطط الاستعماري ويلاحظون تهديده لوجودهم ومصالحهم لو قيض له النجاح بتدمير سورية والنيل من استقلالها كما كان مرسوما.
ما يزال الكذب متواصلا ومنظما رغم فضيحة آلات الدجل التي اكتشف السوريون عهرها وارتدوا نحو دولتهم وجيشهم وما يزال العهر الإعلامي يسود منصات التصنيع المتمادي للشائعات والتحوير المتواصل للحقائق والمفاهيم ورغم الوقائع العنيدة والصارخة ومما لا شك فيها ان حصة كبيرة من جرائم الكذب والعهر بلا خجل اختصت بها وسائل إعلام لبنانية مدفوعة الأجر قدمت مآثر لا تمحى من التزوير والتضليل عن ثورة سقطت أقنعتها وتناثرت بمشاهد التوحش والذبح والقتل وبارتباط وثيق بالحلف العدواني الإجرامي الذي تقوده الصهيونية وعملاؤها.
موجات العنف البربرية التي تدمر آلاف المدارس والمستشفيات وتسرق المعامل والمؤسسات وتدمر صروح الحياة وأوابد الحضارات العظيمة هي حركة توحش تكفيري يديرها جواسيس الاستعمار والصهيونية وليست ثورة ولا معارضة لكن بعض الإعلام المأجور ما زال مصمما على مصطلحات خشبية ساقطة.
بعد ست سنوات من فضائح اللعبة العالمية التي سخرت الإعلام كآلة عدوان وغزو لبلد كان يحقق وثبات كبرى في نهوضه الاقتصادي والحضاري ويحصن استقلاله السياسي باكتفاء ذاتي يثر الإعجاب تتكشف خرافة الإعلام الحر عن كذبة ساقطة وخرافة الموضوعية التي انجلت تلاوينها الخادعة عن التدبير والتصنيع العامد بهدف الإيحاء والتحريض .
أيها الدجالون رغم انوفكم وعهركم … سورية القلعة الصامدة هشمت جبال الكذب وفضحت مصادر العدوان وصنعت بمقاومتها العظيمة مقدمات تحول تاريخي كبير ستحصد ثماره شعوب المنطقة والعالم ومن يعش يرى.