حزب الله طبق رئيسي في المحادثات الاميركية – السعودية ابراهيم ناصرالدين
لم يغب حزب الله عن محادثات الوفد الامني السعودي الذي رافق الامير محمد بن سلمان في زيارته الى واشنطن، فايران التي شكلت المحور الرئيسي في النقاشات والمحادثات التي بدأت قبل ايام من القمة مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في البيت الابيض، لا يمكن تقليص نفوذها في المنطقة دون البحث في كيفية تحجيم دور اهم «اذرعها» الذي يتحكم من بيروت بتفاصيل الجبهة الممتدة من اليمن مرورا بالعراق وصولا الى سوريا، لكن ضيق الخيارات كان امرا حاسما في تواضع الاهداف، والتركيز سيكون في هذه المرحلة على تقليص نفوذ الحزب في سوريا دون المساس بالاستقرار اللبناني… فيما تضيق هوامش تحقيق نتائج على الجبهات الاخرى…
هذه الخلاصة لاوساط دبلوماسية في بيروت اطلعت على بعض «كواليس» ما جرى في واشنطن خلال الايام القليلة الماضية، لفتت الى ان الاجواء الاحتفالية في السعودية احتفاء بنتائج زيارة ولي ولي العهد الى واشنطن، ووصفها بنقطة تحول تاريخية في العلاقات بين واشنطن والرياض، تعود الى نجاح حمل في «الوصول» الى «عقل وقلب» ترامب من خلال الملف الاقتصادي، وقدم له تعهدا بقيام المملكة باستثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، كما منحه اولوية دخول الشركات الأميركية بشكل استثنائي الى السوق السعودية..لكن الطبق «الرئيسي» على طاولة المباحثات كان ايران وكيفية كبح تمددها التوسعي في المنطقة… لكن تطابق وجهات النظر حيال الملف، كما سربت المصادر السعودية، لا يعني ان استراتيجية السعودية عبر «مقايضة» المال بضرب نفوذ ايران سهلة التحقيق بسبب الكثير من التعقيدات السياسية والميدانية… والاهم يبقى ان الساحة اللبنانية ليست جزءا من هذه المقايضة، فهي لم تكن على اجندة القيادة السعودية، ولا تشكل اولوية اميركية..
وما تبلغه السعوديون صراحة ان الحرب العسكرية مع ايران ليست على جدول الاعمال الاميركي، حتى إلغاء الاتفاق النووي أو الانسحاب منه، ليس بالامر السهل لان واشنطن ستجازف بأزمة في علاقاتها مع شركائها والخيارات المتاحة المزيد من التشدد في مراقبة مدى التزام إيران بالاتفاق… ومزيد من العقوبات الاقتصادية… اما في العراق؛ تجد واشنطن نفسها في «تحالف الضرورة» مع طهران، وإن ذهبت بعيداً في «الكباش» هناك ستدفع أثمانا باهظة، وليس لدى واشنطن الكثير من الأوراق هناك… وحدها تبقى الساحة اليمنية الخيار المتاح للسعوديين والاميركيين لتحقيق «انتصار» على ايران، وهي «القضية» المركزية التي حمل ملفها الامير محمد بن سلمان الى واشنطن… ويأمل بأن يفي الاميركيون بوعودهم في زيادة الدعم الفني والعسكري لبلاده لحسم المعركة هناك…
ووفقا للمعلومات، فان المحادثات الجانبية بين مساعدي محمد بن سلمان والمسؤولين الاميركيين تناولت الملفات الساخنة في المنطقة، ولم يدرج لبنان كملف مستقل بذاته في المحادثات، وانما جرى التركيز على حزب الله بشكل خاص، كجزء من «الاذرع» الايرانية في المنطقة، وكانت هناك محاولة واضحة من قبل السعوديين «لحشر» الحزب في خانة واحدة مع تنظيمي «القاعدة» و«داعش»… وتبين ان الجانب الاميركي والسعودي،لا يملكان الادوات الجدية للتأثير على حزب الله في الساحة اللبنانية، ادوات الضغط المحلية غير متوفرة نتيجة وجود ضعف بنيوي لدى الحلفاء، اما اسرائيل العنصر الاكثر تاثيرا فهي غير جاهزة لخوض اي حرب في المدى المنظور والمتوسط، ولذلك فان اي انجاز يمكن التعويل عليه، سيكون خارج «معقل» الحزب الرئيسي، اي في ساحات الاشتباك الاخرى. وبمعنى آخر اعتماد استراتيجية تقليص نفوذه الخارجي في سوريا والعراق واليمن، بما يؤدي الى عودته الى «حجمه الطبيعي ضمن الجغرافيا اللبنانية، المحكومة بتوازنات القوة على الجبهة «اللبنانية- الاسرائيلية»…
وبحسب معلومات تلك الاوساط، تبلغ السعوديون من الاميركيين عدم نجاح الاتصالات مع الروس لتقليص دور الحزب في سوريا، بعد رفض موسكو وضع هذا الملف كجزء من التفاوض وتمسكهم بجعله احد بنود التسوية السياسية، فوجود حزب الله في سوريا ليس «ورقة» للمساومة وانما وجود «شرعي» بطلب من الدولة السورية، وليس واردا انسحاب قواته من هناك الا بعد انتفاء الحاجة اليهم… هذا ما تبلغه الاتراك من الايرانيين والروس، وابلغوا بدورهم واشنطن بهذا الامر…
الرياض المدركة لهذه الخلاصات، حمل وفدها الامني الى واشنطن طرح بديل لتقليص تاثير حزب الله والايرانيين في سوريا، وشددوا على منع مقاتلي الحزب وقوات الحرس الثوري من المشاركة في معركة تحرير الرقة، بعد ان تمدد مقاتلوا الحزب الى دير الزور، وينتشرون في محيط تدمر.. واذا كانت اسرائيل مهتمة بسحب الحزب من جبهة الجولان، فان الجانب السعودي مهتم بعدم وجود مقاتليه على الخط الاستراتيجي شمال سوريا، لانه عقدة الوصل بين دمشق، وبغداد، وطهران، وبيروت، وهي مسالة استراتيجية ايضا بالنسبة للاميركيين الذين ارسلوا مئات الجنود الى منبج لدعم قوات «سوريا الديموقراطية» الكردية، التي يتم تحضيرها لخوض معركة تحرير الرقة ومحيطها، لايجاد فاصل ديموغرافي وجغرافي بين قوى «المحور الايراني»… وهذا ما يعمل الجيش السوري مع حلفائه لاجهاضه ميدانيا من خلال تسريع العمليات العسكرية في تلك المنطقة…
وازاء هذه المعطيات، تعتقد تلك الاوساط ان الساحة اللبنانية ستبقى بمناى عن التاثيرات المباشرة لما «يطبخ» في دوائر القرار الاقليمية والدولية، لكن لا بد من الحذر ازاء الاحداث غير المحسوبة، خصوصا ان ثمة خلطاً كبيراً «للاوراق» يطل براسه من «البوابة السورية»… اما المؤشرات السلبية فستكون اولى تجلياتها في القمة العربية المقبلة حيث تمت «فرملة» النقاشات حول مسالة الحوار مع ايران، ولم يعد الملك الاردني متحمسا لطرح هذه القضية خشية أن يؤثر طرحها على أجندة القمة، ويؤدي لخلافات وتجاذبات من دول الخليج… كما نجح الـ«فيتو السعودي» بوقف النقاشات بشأن عضوية سوريا في الجامعة العربية، لكن الجديد ان الجانب السعودي علل رفضه القيام بأي خطوة عملية باتجاه النظام السوري، دون اثمان، وابلغ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نظرائه ان المملكة لن تقبل باعطاء الاسد «مكافأة مجانية»… اما الثمن المطلوب فهو تخلي النظام السوري عن إيران وحزب الله مقابل «اعادة تأهيله» اقليميا ودوليا، ودون ذلك لن تغير الرياض موقفها المتشدد من اي تسوية في سوريا..!
( الديار)