مقالات مختارة

الكرة تتدحرج إلى رام الله: سمدار بيري

 

هاكم استنتاجان سريعان من المكالمة الاولى بين الرئيس ترامب ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. استنتاج أول: البيت الابيض نجح في اخراج الروح من أبو مازن. فقد أصروا في السلطة الفلسطينية على احصاء المخزون: 49 يوما منذ دخوله البيت الابيض، تمكن ترامب من أن يهاتف نتنياهو مرتين وانه يجزيه باستضافة شخصية ملاصقة ومغطاة إعلاميا، مثلما يحب الرجلان. كما ان ترامب هاتف كل الاطراف التي تبقي على مسافة لمسة من النزاع: عبدالله ملك الاردن، الذي التقاه ايضا، السيسي رئيس مصر، سلمان ملك السعودية والحكام الثلاثة في إمارات الخليج العربي. ابو مازن وجد نفسه في المكان الاخير.

كما حرص ترامب على أن يعلن بأنه لا يهمه إذا كان الحل مع الفلسطينيين سينتهي بدولة واحدة او بدولتين، ولكنه حذر نتنياهو، والرسالة وصلت إلى ليبرمان ايضا، للهدوء في موضوع البناء في المستوطنات. واذا لم يكن هذا بكاف، فمع ان ترامب أصر على تعيين السفير الصقري دافيد فريدمان، ولكنه تراجع في هذه الاثناء عن الخطة لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

استنتاج ثان: حتى اشعار آخر، مجرد أقوال مجاملة. فقد سارع ترامب إلى التغريد بأنه دعا ابو مازن لأن يكون «ضيفي» في واشنطن قريبا. وصنف الطرف الفلسطيني المكالمة كـ «ممتازة» و «جدية ولطيفة»، والرئيس من رام الله أعلن بأنه ينتظر العمل مع الرئيس الجديد.

بالاجمال، مكالمة هاتفية قصيرة، والطرفان يقولان فقط ما ينبغي: ترامب يدعي بأنه اتخذ قرارا بتحريك المفاوضات دون فرض حلول، وابو مازن يشدد على أنه متجند لكل جهد يؤدي إلى اقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. بكلمات بسيطة، دحرج ترامب الكرة إلى ملعب المقاطعة. ابو مازن يريد دولة فلسطينية؟ أهلا وسهلا، لا مشكلة، تعال إلى واشنطن ستصل على بساط أحمر ونفكر معا كيف نتحرك، شريطة أن تستوعب مسبقا بأن ليس كل مطالبك ستتحقق. المهم ألا تبدأ ببيعي قصصا عن الرأي العام في الشارع الفلسطيني.

لا تنسوا أن ترامب جاء مع مفاهيم من عالم التجارة. حذروه من أن النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني هو مستنقع مغرق، وان أسلافه استثمروا جهدا وزمنا باهظا للبحث عن حل ابداعي، اقاموا طواقم عمل ودفعوا عشرات ملايين الدولارات. ولا تنسوا ايضا ان النزاع مع الفلسطينيين لا يوجد في رأس قائمة أولويات ترامب في حارتنا. ملح له أكثر بكثير الامساك بابو بكر البغدادي والتخلص من مشكلة داعش. وعليه، فحين يبلغ ترامب ابو مازن بأنه حان الوقت لانهاء 70 سنة من معاناة الفلسطينيين، فهذا يعني: إذا كنت متجندا حقا، فكف عن التراكض في المؤسسات الدولية، وساهم في دورك وأنا اعالج نتنياهو.

مما أصدره الناطقون في واشنطن وفي رام الله، يمكن الفهم بأن مستشاري ترامب أعدوا فروضهم المنزلية. من زاوية ابو مازن، فإن السلوك في البيت الابيض تجاه نتنياهو يبدو له وديا جدا، على حسابه. ويوصي الفريق المحيط بترامب بجلب ابو مازن إلى واشنطن قبل أن تنعقد القمة العربية في الاردن، في نهاية الشهر، والذي سيعطيه ريح اسناد. وليس صدفة ان بعث ابو مازن برئيس أجهزة المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج للكشف امام نظرائه في واشنطن عن عمق التنسيق الامني مع إسرائيل، والشهادة بأن المقاطعة في رام الله لا تشجع عمليات الإرهاب.

والان دور المبعوث، جيسون غرينبلت، الذي ينطلق في جولة مكوكية بين القدس ورام الله. وبعد كل شيء، أما لغز ترامب ـ ما الذي يريده حقا وإلى اين يتجه وكم هو مستعد للاستثمار حقا ـ فلم يحل بعد. من زاوية نظر ابو مازن، الكثير جدا منوط في الحديث الذي سيدور في البيت الابيض. هذه ستكون بالنسبة له فرصة نادرة للكشف عن الرواية الفلسطينية، الحقائق والمعطيات التي لم يتلقاها ترامب من نتنياهو.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى