أبناء أم العبد وأبناء أم الشيطان
باسل الأعرج
في العام 1895 كان سؤال العالم الألماني ريتشارد ويلفنيستون “هل بالامكان استخدام أحماض غير عضوية في تحفيز التفاعل الكيميائي؟” وبالصدفة البحتة ونتيجة التجارب أنتج مادة جديدة بعد أن قام بتجربة تفاعل بين “الآستون” و”الهايدروجين بروكسايد”، وأطلق على المادة اسم ” آستون بروكسايد”.
المادة كانت عبارة عن بودرة كريسالتية بيضاء غير مستقرة قابلة للإنفجار، إلا أن تلك المادة ظلت حبيسة الكتب ولم تستخدم لأي استخدامات صناعية أو عسكرية لأن هناك مادة زخرى أشد إنفجارا وأكثر أمانا واستقرارا اسمهاTNT ، طيب وين سمعنا في مادة بتشبه هاي المادة قبل هذا التاريخ ؟ اه اه في حصار ريتشارد قلب الأسد لعكا في الحملة الصليبية 1191، ريتشارد جاب معاه من بريطانيا منجنيق أرعب العكاويين .
بس كان عنا شب جدع أصله مصري اسمه الراضي يعقوب الأسطولي وهذا كان أمير النفاطين ( اشي بيشبه قائد سلاح المتفجرات يعني ) في عكا، وكان قد تربى في كنف الحشاشين في قلعة الموت وتعلم الكيمياء عندهم، وجاء بمادة من قلعة الموت الى قلعة عكا بيضاء كريستالية قابلة للإنفجار كان الصينييون اكتشفوها وسميت بـ”ثلج الصين”.
وعندما رأى قراقوش أمير القلعة ذلك المنجنيق طلب من الراضي أن يقوم بالقضاء عليه، فكانت محاولاته المتتالية قد فشلت حتى قرر استخدام ثلج الصين فخلطها بالتراب والقش ووضعها في ماسورة معدنية وسحب منها فتيلا وتسلل إلى المنجنيق ووضع العبوة فيه وأشعل الفتيل وانسحب، وبعد هنيهة كان المنجنيق قد اختفى بعد انفجاره، ولا ندري إلى اليوم إن كان ثلج الصين هو ما توصل إلى بعد 800 سنة ويلفنستون أو لا في 1980 وجد العدو في الخليل هذه المادة مرة أخرى، المصادر لا تقول من صنعها وكيف صنعها ومن أين جاءت.
في 1987 وفي منتصف الليل رن جرس هاتف العالم الصهيوني في جامعة التخنيون (وأصبح عميد كلية الكيمياء لاحقا فيها وفي جامعة تل زبيب) “ايهود كينيان”، كان على الطرف الاخر من الهاتف رئيس الشاباك الذي أخبره بمعضلة لم يجدوا لها حلا، المعضلة كانت أن الفلسطينيين استخدموا بشكل محدود ولمرات قليلة مادة متفجرة لا تستطيع أدوات الكشف الالكترونية أن ترصدها ولا الكلاب البوليسية أن تشمها، واستباقا لما قد يحدث مستقبلا علينا تطوير الية للكشف عن المادة، فقبل البروفيسور ايهود المهمة ليخوض رحلة أكثر من 20 عاما وهو يصارع تلك المادة.
بعد ذلك الاتصال بسنوات قليلة كان هناك شاب ضاع في كتب الكيمياء بحثا عن سؤال كان يراوده، ووجد الجواب في هذه المادة.
الاجابة فتحت سؤالين مهمين، الأول: كيف بالإمكان صناعة هذه المادة باقل امكانيات مخبرية واقل التجهيزات وبما يناسب الفقراء وبطريقة يمكن ان يتعلمها اي شخص متوسط الذكاء؟ كان الجواب هو ضرورة التوصل الى PROCEDURE جديد لصناعة تلك المادة وهذا ما حصل.
والثاني: هو كيف بالإمكان تحويل هذه المادة المتفجرة إلى سلاح؟ الجواب هنا كان أكثر سهولة نظرا لتخصص ذلك الشاب في الهندسة الكهربائية.
فكانت الدائرة سهلة الصناعة لكن كانت صناعة المفجر صعبة لغياب الامكانيات الصناعية، فوجد اجابة سهلة ايضا ربطت هذه الاجابة ما بينه وما بين الجيش الجمهوري الايرلندي (لأن الايرلنديين كانوا قد استخدموا نفس الطريقة). كان الجواب عبر استخدام مصباح كهربائي ذو راس مدبب، يتم برد رأس المصباح لترسل البطارية عبر الاسلاك الى ذلك المصباح شحنة كهربائية تتحول في الطاقة الكهربائية الى طاقة حرارية تشعل المادة المتفجرة.
كان هذا هو العياش، أصبح هناك سباق هائل ما بين ايهود كينيان وما بين العياش في معركة غير متكافئة، ما إن يصل ايهود كينيان إلى حل لسؤاله حتى يكون العياش قد وجد المثبط لحل كينيان.
ورحل العياش وجاء خلف المهندس مهندسين كل منهم أضاف ما أضاف في تلك المعركة المستمرة إلى الآن، لكنها لم تستمر على صعيد فلسطين فحسب، بل إن تلك المادة الآن هي في ايدي كل المستضعفين والفقراء في الارض.
هذه المادة لها 3 أسماء، الاسم العلمي لها “استون بروكسايد”، والاسم الفلسطيني الذي تبناه الفقراء ” أم العبد “، والاسم في دوائر مكافحة “التمرد ” في كل العالم هو the Mother of Satanأي أم الشيطان.