اللقاء العسكري الأميركي – الروسي التركي حميدي العبدالله
عُقد في أنطاليا في تركيا لقاء جمع رؤساء أركان جيوش كلّ من روسيا والولايات المتحدة وتركيا. وأعلن أنّ اللقاء مكرّس لبحث الوضع في كلّ من سورية والعراق.
لا شك أنّ هذا اللقاء غير المسبوق والذي يحدث للمرة الأولى ينطوي على دلالات هامة، من أبرز هذه الدلالات أنه يشكل انتصاراً لمطلب طالما ردّدته موسكو وألحّت عليه منذ أكثر من ثلاث سنوات، أيّ طلب التنسيق العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا، لمكافحة الإرهاب. لكن إدارة أوباما ماطلت وسوّفت ولم تقبل أيّ مستوى من مستويات التنسيق، باستثناء تنظيم الطلعات الجوية في سماء سورية لكي لا يحدث صدام بين سلاح الجو الأميركي وسلاح الجو الروسي أو السوري. ولذلك لم تعقد أيّ اجتماعات عسكرية على مستوى رفيع بين العسكريين الروس والأميركيين، واقتصرت اللقاءات على مستوى ضباط تنفيذيين.
دلالة أخرى أنّ هذا اللقاء الذي جمع إلى جانب رئيس أركان الجيش الأميركي والجيش الروسي رئيس الأركان التركي ما كان ليحدث لولا ما جرى مؤخراً في منطقة منبج بعد سيطرة تركيا على مدينة الباب، إذ من المعروف أنّ الرئيس التركي كان قد أعلن بعد سقوط الباب تحت سيطرة جيشه أنّ الوجهة القادمة هي منبج التي تمّ طرد داعش منها من خلال وحدات الحماية الكردية بدعم من سلاح الجو الأميركي، والإعلان التركي دفع مجلس منبج لطلب مساعدة روسيا وطلب انتشار الجيش السوري في بعض المناطق الفاصلة بين منبج والباب للحؤول دون تقدم الجيش التركي إلى منبج، وهذا التطور ساهم في دفع الولايات المتحدة إلى قبول تطوير مستوى اللقاءات بين العسكريين الأميركيين والروس إلى مستوى رؤساء الأركان لأنّ قضايا مثل القضايا التي يطرحها تداخل خطوط التماس في الباب ومنبج لا يمكن حلها عبر ضباط تنفيذيين، أو عبر مستوى أدنى من مستوى رؤساء الأركان، ولأنّ تركيا طرف في هذه المسألة، كان من الضروري مشاركتها في مثل هذه اللقاء.
أيضاً من دلالات هذا اللقاء أنّ إدارة ترامب على الرغم مما تواجهه من مشاكل وانتقادات من قبل النخبة التقليدية الحاكمة واعتراضها على أي تعاون فعّال مع روسيا، وجدت في هذه التطورات ما يساعدها على التغلب على معارضة التعاون الرفيع مع روسيا وضمنت وقوف مؤسسة الجيش إلى جانبها تحسّباً لنتائج أيّ صدام غير محسوب على الأرض.
لكلّ هذه الأسباب كان هذا اللقاء غير المسبوق، الذي يدشن مرحلة جديدة من العلاقات الروسية الأميركية.
(البناء)