الخطة «ب» لدى تل أبيب إزاء إيران حميدي العبدالله
راهنت تل أبيب على أن يقود وصول ترامب إلى البيت الأبيض إلى إعادة النظر بالاتفاق المبرم بين إيران ودول خمسة+1 بما فيها الولايات المتحدة. وجاء هذا الرهان في ضوء الحملات العنيفة التي شنّها ترامب ضدّ الاتفاق أثناء حملته الانتخابية وتعهّده في حال وصوله إلى سدة الرئاسة أن تنسحب الولايات المتحدة من الاتفاق إذا رفضت إيران إعادة التفاوض حوله من جديد.
اليوم بعد أن وصل ترامب إلى البيت الأبيض، وتبيّن له أن غالبية النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة لا تؤيد لا الانسحاب ولا إعادة التفاوض، بدأ الكيان الصهيوني وأذرعه السياسية والفكرية في الولايات المتحدة بتطبيق الخطة ب .
الخطة ب تتضمّن سلسلة من المحاور أبرزها، تهيئة الرأي العام للتراجع عن تعهّد ترامب في حملته الانتخابية، وهذا فعلاً ما بدأته وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأميركية المرتبطة بالكيان الصهيوني مثل «معهد واشنطن» الذي نشر سلسلة من المقالات والأبحاث والندوات التي استضافت خبراء واختصاصيين موالين للكيان الصهيوني للحديث عن الخطة البديلة لإلغاء الاتفاق أو انسحاب الولايات المتحدة منه.
تتضمّن الخطة ب سلسلة من الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية وتحرّض على ضرورة حشد الدعم لها من الحكومات الأوروبية لقناعة القيمين على الخطة أنّ دول الاتحاد الأوروبي غير مستعدّة للانجرار إلى مواجهة جديدة مع إيران تؤثر على مصالحهم الاقتصادية، وتضيّع على شركات دول الاتحاد فرص الاستثمار في إيران، لذلك تضمّنت الخطة ب توصيات للضغط على الحكومات الأوروبية وإقناعها بضرورة دعم «حرب ترامب» الجديدة نيابةً عن العدو الصهيوني ضدّ إيران.
أبرز ما تتميّز به الخطة ب فرض عقوبات اقتصادية على إيران ليس فقط على خلفية برنامجها الصاروخي، وإنما أيضاً على دورها الإقليمي، وتنفيذ سلسلة من أعمال التخريب عبر الأجهزة الاستخباراتية، وتصعيد المواجهة بين دول المنطقة حليفة الولايات المتحدة وإيران بذريعة التصدي لتوسع النفوذ الإيراني في المنطقة.
يمكن القول إنّ عناصر الخطة ب تتضمّن كلّ العناصر التي اعتمدتها الإدارات الأميركية السابقة في مواجهة إيران منذ انتصار الثورة الإيرانية في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي.
ويمكن تسجيل ملاحظتين على هذه الخطة، الملاحظة الأولى، لا تتضمّن عملاً عسكرياً مباشراً ومفتوحاً ضدّ إيران، وتقتصر على العقوبات والعمل السياسي والنشاط الاستخباراتي. الملاحظة الثانية، أنّ وضع هذه الخطة موضع التطبيق سيكون في مناخ يختلف دولياً عن خطط الولايات المتحدة السابقة، أولاً لأنّ دول الاتحاد الأوروبي غير ملتزمة هذه الخطة، وثانياً لأنّ روسيا اليوم أقرب إلى أن تكون حليفاً لإيران في قضايا عديدة.
وما لم تنجح فيه الولايات المتحدة عندما كان الوضع الدولي يعمل في مصلحتها لن تنجح فيه الآن في ضوء التغيير الحاصل في المعادلات الدولية والإقليمية.
(البناء)